كشفت رئيسة جمعية التصلب العصبي المتعدد البحرينية نهلة أبوالفتح أن هناك 600 حالة مصابة بمرض التصلب العصبي المتعدد بالبحرين بحسب الإحصائيات الرسمية، لافتة إلى أن عدد الحالات الفعلي فاق الألف حالة، وأن هناك حالات تتعالج بالخارج وحالات أخرى تفضل عدم الإعلان عن إصابتها. وأوضحت في حوار لـ«الوطن» أن المرض يصيب الأشخاص من عمر 20-40 ولكن لوحظ في الآونة الأخيرة دخول فئات عمرية أصغر، كما أن المرض يصيب النساء بشكل أكبر من الرجال.
وأضافت أن التصلب العصبي المتعدد ليس بسحر ولا عين ولا مس من الجان، بل هو مرض له أعراض مختلفة تتنوع بين «التنميل» والحرارة بالجسد، إلى النسيان وفقدان الإحساس، ويزور المريض على شكل انتكاسات. وذكرت أن أعراض المرض قد تستمر أياماً أو شهوراً، ومن الممكن أن تزول الأعراض بعد جرعة دواء، وتعود من جديد خلال أيام، أو تختفي لسنوات.
وأشارت إلى أن الجمعية تعمل على تسهيل حياة المريض ومساعدته للتكيف مع المرض عن طريق تنظيم لقاءات بالمرضى وشرح الأعراض والعلاجات، لافتة إلى أن الجمعية حملت على كاهلها مسؤولية التوعية بالمرض منذ سنوات حتى قبل تأسيسها رسمياً ونجحت في ذلك، ولكن مازال أمامنا الكثير من التحديات، ونأمل في نشر التوعية في كل بيت ولكل رب أسرة ورب عمل.
وفيما يلي تفاصيل الحوار ...
* من أين بدأت فكرة إنشاء الجمعية؟
- لوحظ ارتفاع أعداد المصابين بالمرض في السنوات الأخيرة، وكان من الضروري وجود جهة لحصرهم وتقديم الدعم والمساعدة لهم لاجتياز مراحل المرض، وبذلت جهود للوصول إلى الهدف تكللت في النهاية بصدور قرار من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية رقم 56 لسنة 2013، حيث ترأس أول مجلس الإدارة المهندس عبدالله بوجيري.
* ما هو المرض وما أعراضه؟
- مرض التصلب العصبي المتعدد أو التصلب اللويحي، وباللغة الإنجليزية MS اختصاراً لـ(multiple sclerosis) هو مرض من أمراض التحصين الذاتي، أي أن جهاز المناعة يصبح عدائياً للجسم ويهاجمه، وهو من أكثر الأمراض شيوعاً التي تصيب الجهاز العصبي المركزي المكون من الدماغ والحبل الشوكي وحتى يومنا هذا لم يعرف السبب وراء المرض، ويحتمل أن الضرر الذي يحدث للميلانين (هو المادة التي تغلف العصب) في مرض التصلب العصبي المتعدد سببه ردة فعل غير طبيعية لمناعة الجسم التي تحمي الجسم من الأجسام الغريبة (البكتيريا والفيروسات)، ويصيب المرض الأشخاص من عمر 20-40 ولكن لوحظ في الآونة الأخيرة دخول فئات عمرية أصغر. كما أن المرض يصيب النساء بشكل أكبر من الرجال.
* ما هي أعراض المرض؟
- التصلب العصبي المتعدد مرض متقلب، فالأعراض التي تظهر تعتمد على المنطقة المصابة في الجهاز العصبي المركزي، وكل مصاب يعتبر حالة خاصة وليس هناك نمط معين للمرض، فالاختلاف يكون في مدى شدة الالتهاب ومدته، وليس بالضرورة إصابة المريض بكل هذه الأعراض لكن من الأفضل التعرف عليها، حيث يمكن أن يعاني المريض من مشاكل بصرية، ورؤية غير واضحة (ضبابية وازدواجية في الرؤية)، التهاب العصب البصري، فقدان البصر في حالات نادرة جداً، وهناك مشاكل في التوازن، وترنح وعدم انتظام في المشي، وعدم التناسق في الحركات (خاصةً في الأطراف)، وضعف وخاصةً في الساقين عند المشي، وتشنجات عضلية، كما يمكن أن تكون هناك تغيرات في الحس العصبي، وإحساس بالوخز وتنمل، إحساس بالحرقان، آلام في الوجه وآلام في العضلات، وصعوبات في النطق، التلعثم وتواتر النطق، وعسر البلع، كما يشعر المريض بالإرهاق العام وبضعف الجسم، ويعتبر الإرهاق من أكثر الأعراض شيوعاً ومن أكثرها إزعاجاً للمريض.
كما يمكن أن تكون هناك مشاكل في البول، والحاجة للتبول بين فترات قصيرة، وأحياناً الحاجة الفورية للتبول، وعدم تفريغ المثانة كاملاً.
* كم يبلغ عدد المرضى في البحرين؟
- الإحصائيات الرسمية تفيد بأن هناك 600 حالة، لكن عدد الحالات فعلياً فاق الألف حالة، حيث إن هناك حالات تتعالج بالخارج، وحالات أخرى تفضل عدم الإعلان عن إصابتها.
* ما هي الصعوبات التي تواجه المرضى؟
- صعوبة التشخيص وتأخره بسبب اختلاف الأعراض وتنوعها، وإن أكثر ما يؤلمنا سماع بكاء مريض حزين بسبب اتهامه بالكذب عندما يصف الأعراض للآخرين أو المقربين، أو حتى رب العمل الذي يتهمه بالاحتيال للتملص من العمل، ولذلك فيتم حرمانه من حقوقه في الترقيات والعلاوات بسبب تغيبه عن العمل، أو استنفاد الإجازات المدفوعة الأجر وبقائه في المستشفى لأسابيع بسبب الانتكاسات، في حين يصر بعض الأطباء على إعطاء المريض إجازة مرضية معدودة الأيام بعد أخذه جرعات الكورتيزون، في حين أن الانتكاسة تتطلب أسبوعين أو أكثر لتعافي المريض، أما الخريجون الجدد فمعاناتهم أكبر فلا يتم قبولهم في العمل بسهولة، فلا تتوافر وظائف خاصة لهم سواء بالقطاع الخاص أو العام، في حين أن تجارب الدول الغربية في التعامل مع مرضى التصلب المتعدد ناجحة جداً في توفير وظائف متناسبة مع ظروفهم الصحية، ورصدت حالات لمرضى يستحقون إحالة للتقاعد بسبب المرض، ولكن جهات العمل يتعمدون عدم تحويلهم للجان الطبية، رغبة منهم في إجبار الموظف على تقديم الاستقالة، وبالنسبة للموظفين فيتطلب تغيير نظام عملهم إن كان عملهم يتطلب وجودهم خارج المكتب في الطقس الحار، وتقليل ساعات العمل أسوة بغيرهم من المرضى ذوي الحالات الخاصة، كما يجب إعادة النظر في التقارير الطبية التي تقدم لجهات العمل ودراستها بعناية، فإن كانت حالة المريض متقدمة والأعراض في ازدياد فالتفكير في التقاعد المبكر يعد الأفضل مراعاة لحالته الصحية.
* كيف يتعايش المريض مع المرض؟
- التخطيط مهم في الحياة وعلى مريض التصلب المتعدد ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي بالإضافة إلى التخطيط للمستقبل، وكلما بحث عن المرض وتعرف عليه عن قرب كلما كان أكثر اطمئناناً وإيجابية، وإن التفكير بإيجابية يقلل التوتر، وتمارين التنفس وتجنب الإرهاق والاستمتاع بالراحة والاسترخاء يساعد المريض على الاستقرار والهدوء النفسي، ولابد من التواصل مع أفراد الأسرة وشرح أعراض المرض يسهّل من تفهم الأسرة لحالة المريض وتقبل ظروفه الصحية بكل ترحاب، كما أن الحساسية الزائدة من الحرارة قد تسبب تدهور مؤقت وظهور للأعراض، كاضطرابات إدراكية وعاطفية وضعف في الذاكرة المؤقتة وفقدان القدرة على التركيز أو الحكم الصحيح أو المنطق. وقد تكون بعض الأعراض واضحة جداً والبعض الآخر كالإرهاق والحساسية للحرارة والاضطرابات الإدراكية والعاطفية تكون مخفية. ويواجه المريض صعوبة في وصفها للآخرين، وهناك أنظمة غذائية أثبتت فاعليتها في التخفيف من الانتكاسات رغم عدم تأكيدها من أطباء المخ والأعصاب، فنظام دكتور سوانك الغذائي المتمثل في التقليل من اللحوم الحمراء بالإضافة لتناول منتجات الألبان القليلة الدسم، والاهتمام بتناول الفاكهة والمكسرات النيئة، مع الابتعاد عن الوجبات السريعة المشبعة بالدهون المشبعة، كما ينصح بتناول مصدر جيد لأوميغا 3 (زيت السمك، زيت كبد سمك القد، كبسولات زيت كبد سمك القد، وغيرها) مع مصدر لمتعدد الفيتامينات ومعادن مكملة يومياً.
* وما أفضل الطرق لعلاج الانتكاسة؟
- إذا كانت الهجمة خفيفة الوطأة، وأعراضها محتملة، فقد تستجيب للراحة لمدة يوم أو يومين، مع شرب السوائل الكافية الباردة، وتبريد جو الغرفة، والكثير من المرضى إذا اتبعوا ذلك في بداية الهجمة تتحسن أعراضهم، أما إذا كانت الهجمة شديدة فيعطى المريض جرعات من الكورتيزون، وتختلف طريقة إعطائه حسب الطبيب المعالج، ولكن أغلب الأطباء يعطونه لمده 3-5 أيام بالوريد، والكورتيزون يسرع من شفاء الهجمة، ويخفف من حدتها، ولا يسبب إعطاء الكورتيزون لمدة زمنية قصيرة أي مضاعفات كالتي قد تحدث من تعاطي الكورتيزون لمدة زمنية طويلة، وهناك علاجات دائمة عبارة عن حقن وريدية أو حقن تعطى مع المغذي، بالإضافة إلى أقراص مشابهة في مكوناتها مع الحقن، وهذه العلاجات تعمل على كبت الجهاز المناعي في الجسم لتمنعه من مهاجمة نفسه، فهي تخفف من عدد الهجمات وتخفف حدتها، ولكن في الوقت ذاته تعرّض الجسم للأمراض بسبب ضعف المناعة.
* هل قامت أجهزة الدولة الرسمية بتسهيل المصاعب التي تعترض المرضى؟
- في البداية، لابد من شكر مركز السلمانية الطبي حيث إنه يستقبل 90% من الحالات، ولكن يفتقر لطبيب مختص في بعض الأحيان، ولذلك يتم تشخيص الانتكاسة بشكل خاطئ أو يتم إرجاع المريض في حال العطلات الأسبوعية، وقد تسوء حالته في خلال ساعات إن كانت الانتكاسة شديدة، ومن المتوقع أن تتحسن الأوضاع بوجود مركز التصلب المتعدد، كما أن الضغط على خدمات المختبر وقسم العلاج الطبيعي وفحص الرنين المغناطيسي بسبب كثرة المراجعين من المرضى للتخصصات المختلفة يؤدي لمواعيد متأخرة وقد تؤدي لتفاقم حالة مريض التصلب المتعدد.
* كيف يتعامل المجتمع مع المرض والمرضى؟
- تختلف طرق التعامل مع المريض فهناك من يتعاطف ويشفق عليه وهذا يزعجه ويؤلمه، أو يكون حرص الآخرين مبالغ فيه بحيث يشعرون المريض أنه عاجز عن العيش بطريقة طبيعية، وهناك من يكذّب المريض ويتهمه بالاحتيال وتصنع المرض سواء في المنزل أو مكان العمل، وكل ذلك بسبب غياب برامج التوعية، ونناشد وزارة الصحة التعاون معنا في هذه البرامج ونشرها في كل وسائل الإعلام المرئي والمسموع.
* ما هي الخطوات التي قامت بها الجمعية منذ تأسيسها لمساعدة المرضى للاندماج بالمجتمع؟
- تعمل الجمعية على تسهيل حياة المريض ومساعدته للتكيف مع المرض، عن طريق تنظيم لقاءات بالمرضى وشرح الأعراض والعلاجات، وحملت الجمعية على كاهلها مسؤولية التوعية بالمرض منذ سنوات حتى قبل تأسيسها رسمياً وقد نجحت في ذلك، ولكن مازال أمامنا الكثير من التحديات، ونأمل في نشر التوعية في كل بيت ولكل رب أسرة ورب عمل.
* بصفتك أول سيدة ترأس مجلس إدارة جمعية التصلب العصبي المتعدد منذ إنشائها، ما هي خططك لتحقيق اهداف الجمعية، ومساعدة المرضى من النساء؟
- أسعى لخلق بيئة صحية متكاملة بالتعاون مع وزارة الصحة تتضمن تقديم المساعدة لكل مريض مواطن أو مقيم بالبحرين، فوزارة الصحة وفرت الأدوية لجميع المرضى، وهي الآن بصدد إنشاء مركز للتصلب العصبي المتعدد شامل، فالمريض يحتاج لبرنامج متكامل يبدأ بالتشخيص ويستمر في متابعة المريض بالفحوصات الدورية وليس الاكتفاء بانتظار سوء حالة المريض أو ظهور أعراض جديدة. خصوصاً أن علاج مريض التصلب يتطلب فريقاً من الأطباء والاختصاصيين لضمان أفضل الرعاية الصحية، حيث يحتاج إلى طبيب الأعصاب، وهو الذي يشخص المرض ويحدد العلاج المناسب للمريض، ووجود ممرضة التصلب المتعدد، وهي ممرضة متخصصة وعلى دراية تامة بالأعراض تقدم المشورة والمعلومات للمريض وأسرته، كما من المهم تواجد المعالج المهني، حيث يحتاج المريض إلى حلول عملية لتساعده على الحفاظ الاستقلالية والإنتاجية، سواء كان موظفاً أو بالمنزل، ولذلك تم الاستعانة بالمعالج المهني ليساعد المريض على التأقلم مع البيئة المحيطة به. كما يحتاج المريض إلى أخصائي العلاج الطبيعي، حيث تتمحور وظيفته في تقييم حركة المريض وتقديم النصائح له، وقد يحدد له برنامجاً للتمارين للحفاظ على المرونة واللياقة، كما يرشد المريض لكيفية التحكم في الألم والتعب، وقد يحتاج المريض إلى الأخصائي الاجتماعي، حيث يؤثر التصلب العصبي المتعدد على العاطفة ولذلك فالأخصائي الاجتماعي هو الذي ينصح المريض في كيفية التعامل مع القلق والاكتئاب، كما أنه يقدم النصح والإرشاد في حال تردد المريض عند اتخاذ القرارات، وأخصائي نفسي، وهو خبير في بعملية التفكير وكل ما يؤثر على العقل من اضطرابات بالذاكرة، فيتم الاستعانة به لتقديم المساعدة للمريض للتعايش مع المرض بصورة طبيعية إيجابية، إضافة إلى أخصائي التغذية، حيث أن للغذاء دوراً كبيراً في صحة المريض، فالطعام المتوازن يعزز الصحة وقد ينصح الأخصائي بنظام غذائي متوازن قليل الدهون غني بالألياف، يقلل الإجهاد والإمساك. قد يساعد الأخصائي على تحديد الغذاء المناسب في حال ظهور مشاكل في البلع.
ويحتاج المرضى إلى طبيب للعيون، حيث إن أول أعراض المرض في العادة هو مشكلة في البصر، حيث تتعدد الأعراض بين الضبابية والشعور بالألم أحياناً، ولذلك يستطيع طبيب العيون المشاركة في تشخيص المرض مبدئيا بالإضافة لتحديد نسبة الإبصار.
* ماذا عن المرضى من صغار السن هل تختلف معاناتهم عن الآخرين الذين يكبرونهم سناً؟
- إن أبناءنا الطلبة في المراحل الإعدادية والثانوية يعانون ويحتاجون للرعاية ومعاملة خاصة أسوة بتجارب الدول الغربية، كاتباع نظام خاص للغياب والانقطاع عن الدراسة بسبب ظروف المرض. فطلب العلم حق مشروع للجميع، أما طلبة الجامعة فهم أمل المستقبل ونتمنى لهم مستقبلاً مزدهراً بتعاوننا مع جامعاتهم في التوعية بالمرض ولتوفير الأجواء الدراسية المناسبة لهم للتحصيل العلمي، كما أن اعتماد نظام خاص للغياب للطلبة مطلوب أسوة بمرضى الدم المنجلي المزمن، فمساواتهم بأقرانهم الأصحاء ظلم لهم. قد يتغيبون بسبب مفاجأة الأعراض لهم في فترات مختلفة من الفصل الدراسي، وقد تفاجئهم انتكاسة قبل موعد الامتحان بساعات فهذه حالات خاصة تستوجب حفظ حقوقهم والحرص على عدم خسران الفصل الدراسي بأكمله.
* ما هي أمنياتك للمستقبل؟
- نتمنى افتتاح مركز التصلب المتعدد الشامل في القريب العاجل، وأن يشمل كل الخدمات التي يحتاجها المرضى من مختبرات فحص للدم إلى فحص الرنين المغناطيسي، وغيرها من الخدمات.
* هل من نصائح للمرضى؟
- اجعل الإيمان بالقضاء والقدر هو الأمل الذي ينسيك الألم، والبعد عن السهر هي أثمن نصيحة يمكن أن أقدمها للمرضى، فالنوم ينظم خلايا الجسم ودورة حياة الخلايا، وينشط الدماغ والجهاز العصبي، والبعد عن التركيز الشديد ولفترات طويلة في شاشة الهاتف أو جهاز الحاسوب، وخذ فترة راحة بإغماض العين لدقائق معدودة فعضلات العين قد تخمل وتضعف، والبعد عن حرارة الشمس والجو الساخن والرطوبة أو أي بيئة حارة. وتجنب الاستحمام بالمياه الساخنة، والبعد عن جميع العوامل التي تسبب لك التعب مع التصلب، كالعطش والحرارة والغضب والحزن والسهر، وكن اجتماعيا ولا تعزل نفسك فالعزلة سبب للاكتئاب، والاكتئاب يسبب لك الهجمات، والتفاؤل مفتاح السعادة، واستمتع بحياتك، ولا تجعل إصابتك بالمرض أكبر هم لك. تأقلم وانسجم في أعمالك، وثق بأن الله سيكون معك دوما، و أخبر كل طبيب تزوره وإن كان طبيب الأسنان أو طبيبة النساء والولادة وأطباء الطوارئ بإصابتك بمرض التصلب العصبي المتعدد، وإذا كان عليك القيام بعمل متعب وشاق، حاول القيام به على مراحل.
وأضافت أن التصلب العصبي المتعدد ليس بسحر ولا عين ولا مس من الجان، بل هو مرض له أعراض مختلفة تتنوع بين «التنميل» والحرارة بالجسد، إلى النسيان وفقدان الإحساس، ويزور المريض على شكل انتكاسات. وذكرت أن أعراض المرض قد تستمر أياماً أو شهوراً، ومن الممكن أن تزول الأعراض بعد جرعة دواء، وتعود من جديد خلال أيام، أو تختفي لسنوات.
وأشارت إلى أن الجمعية تعمل على تسهيل حياة المريض ومساعدته للتكيف مع المرض عن طريق تنظيم لقاءات بالمرضى وشرح الأعراض والعلاجات، لافتة إلى أن الجمعية حملت على كاهلها مسؤولية التوعية بالمرض منذ سنوات حتى قبل تأسيسها رسمياً ونجحت في ذلك، ولكن مازال أمامنا الكثير من التحديات، ونأمل في نشر التوعية في كل بيت ولكل رب أسرة ورب عمل.
وفيما يلي تفاصيل الحوار ...
* من أين بدأت فكرة إنشاء الجمعية؟
- لوحظ ارتفاع أعداد المصابين بالمرض في السنوات الأخيرة، وكان من الضروري وجود جهة لحصرهم وتقديم الدعم والمساعدة لهم لاجتياز مراحل المرض، وبذلت جهود للوصول إلى الهدف تكللت في النهاية بصدور قرار من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية رقم 56 لسنة 2013، حيث ترأس أول مجلس الإدارة المهندس عبدالله بوجيري.
* ما هو المرض وما أعراضه؟
- مرض التصلب العصبي المتعدد أو التصلب اللويحي، وباللغة الإنجليزية MS اختصاراً لـ(multiple sclerosis) هو مرض من أمراض التحصين الذاتي، أي أن جهاز المناعة يصبح عدائياً للجسم ويهاجمه، وهو من أكثر الأمراض شيوعاً التي تصيب الجهاز العصبي المركزي المكون من الدماغ والحبل الشوكي وحتى يومنا هذا لم يعرف السبب وراء المرض، ويحتمل أن الضرر الذي يحدث للميلانين (هو المادة التي تغلف العصب) في مرض التصلب العصبي المتعدد سببه ردة فعل غير طبيعية لمناعة الجسم التي تحمي الجسم من الأجسام الغريبة (البكتيريا والفيروسات)، ويصيب المرض الأشخاص من عمر 20-40 ولكن لوحظ في الآونة الأخيرة دخول فئات عمرية أصغر. كما أن المرض يصيب النساء بشكل أكبر من الرجال.
* ما هي أعراض المرض؟
- التصلب العصبي المتعدد مرض متقلب، فالأعراض التي تظهر تعتمد على المنطقة المصابة في الجهاز العصبي المركزي، وكل مصاب يعتبر حالة خاصة وليس هناك نمط معين للمرض، فالاختلاف يكون في مدى شدة الالتهاب ومدته، وليس بالضرورة إصابة المريض بكل هذه الأعراض لكن من الأفضل التعرف عليها، حيث يمكن أن يعاني المريض من مشاكل بصرية، ورؤية غير واضحة (ضبابية وازدواجية في الرؤية)، التهاب العصب البصري، فقدان البصر في حالات نادرة جداً، وهناك مشاكل في التوازن، وترنح وعدم انتظام في المشي، وعدم التناسق في الحركات (خاصةً في الأطراف)، وضعف وخاصةً في الساقين عند المشي، وتشنجات عضلية، كما يمكن أن تكون هناك تغيرات في الحس العصبي، وإحساس بالوخز وتنمل، إحساس بالحرقان، آلام في الوجه وآلام في العضلات، وصعوبات في النطق، التلعثم وتواتر النطق، وعسر البلع، كما يشعر المريض بالإرهاق العام وبضعف الجسم، ويعتبر الإرهاق من أكثر الأعراض شيوعاً ومن أكثرها إزعاجاً للمريض.
كما يمكن أن تكون هناك مشاكل في البول، والحاجة للتبول بين فترات قصيرة، وأحياناً الحاجة الفورية للتبول، وعدم تفريغ المثانة كاملاً.
* كم يبلغ عدد المرضى في البحرين؟
- الإحصائيات الرسمية تفيد بأن هناك 600 حالة، لكن عدد الحالات فعلياً فاق الألف حالة، حيث إن هناك حالات تتعالج بالخارج، وحالات أخرى تفضل عدم الإعلان عن إصابتها.
* ما هي الصعوبات التي تواجه المرضى؟
- صعوبة التشخيص وتأخره بسبب اختلاف الأعراض وتنوعها، وإن أكثر ما يؤلمنا سماع بكاء مريض حزين بسبب اتهامه بالكذب عندما يصف الأعراض للآخرين أو المقربين، أو حتى رب العمل الذي يتهمه بالاحتيال للتملص من العمل، ولذلك فيتم حرمانه من حقوقه في الترقيات والعلاوات بسبب تغيبه عن العمل، أو استنفاد الإجازات المدفوعة الأجر وبقائه في المستشفى لأسابيع بسبب الانتكاسات، في حين يصر بعض الأطباء على إعطاء المريض إجازة مرضية معدودة الأيام بعد أخذه جرعات الكورتيزون، في حين أن الانتكاسة تتطلب أسبوعين أو أكثر لتعافي المريض، أما الخريجون الجدد فمعاناتهم أكبر فلا يتم قبولهم في العمل بسهولة، فلا تتوافر وظائف خاصة لهم سواء بالقطاع الخاص أو العام، في حين أن تجارب الدول الغربية في التعامل مع مرضى التصلب المتعدد ناجحة جداً في توفير وظائف متناسبة مع ظروفهم الصحية، ورصدت حالات لمرضى يستحقون إحالة للتقاعد بسبب المرض، ولكن جهات العمل يتعمدون عدم تحويلهم للجان الطبية، رغبة منهم في إجبار الموظف على تقديم الاستقالة، وبالنسبة للموظفين فيتطلب تغيير نظام عملهم إن كان عملهم يتطلب وجودهم خارج المكتب في الطقس الحار، وتقليل ساعات العمل أسوة بغيرهم من المرضى ذوي الحالات الخاصة، كما يجب إعادة النظر في التقارير الطبية التي تقدم لجهات العمل ودراستها بعناية، فإن كانت حالة المريض متقدمة والأعراض في ازدياد فالتفكير في التقاعد المبكر يعد الأفضل مراعاة لحالته الصحية.
* كيف يتعايش المريض مع المرض؟
- التخطيط مهم في الحياة وعلى مريض التصلب المتعدد ممارسة الرياضة وتناول الطعام الصحي بالإضافة إلى التخطيط للمستقبل، وكلما بحث عن المرض وتعرف عليه عن قرب كلما كان أكثر اطمئناناً وإيجابية، وإن التفكير بإيجابية يقلل التوتر، وتمارين التنفس وتجنب الإرهاق والاستمتاع بالراحة والاسترخاء يساعد المريض على الاستقرار والهدوء النفسي، ولابد من التواصل مع أفراد الأسرة وشرح أعراض المرض يسهّل من تفهم الأسرة لحالة المريض وتقبل ظروفه الصحية بكل ترحاب، كما أن الحساسية الزائدة من الحرارة قد تسبب تدهور مؤقت وظهور للأعراض، كاضطرابات إدراكية وعاطفية وضعف في الذاكرة المؤقتة وفقدان القدرة على التركيز أو الحكم الصحيح أو المنطق. وقد تكون بعض الأعراض واضحة جداً والبعض الآخر كالإرهاق والحساسية للحرارة والاضطرابات الإدراكية والعاطفية تكون مخفية. ويواجه المريض صعوبة في وصفها للآخرين، وهناك أنظمة غذائية أثبتت فاعليتها في التخفيف من الانتكاسات رغم عدم تأكيدها من أطباء المخ والأعصاب، فنظام دكتور سوانك الغذائي المتمثل في التقليل من اللحوم الحمراء بالإضافة لتناول منتجات الألبان القليلة الدسم، والاهتمام بتناول الفاكهة والمكسرات النيئة، مع الابتعاد عن الوجبات السريعة المشبعة بالدهون المشبعة، كما ينصح بتناول مصدر جيد لأوميغا 3 (زيت السمك، زيت كبد سمك القد، كبسولات زيت كبد سمك القد، وغيرها) مع مصدر لمتعدد الفيتامينات ومعادن مكملة يومياً.
* وما أفضل الطرق لعلاج الانتكاسة؟
- إذا كانت الهجمة خفيفة الوطأة، وأعراضها محتملة، فقد تستجيب للراحة لمدة يوم أو يومين، مع شرب السوائل الكافية الباردة، وتبريد جو الغرفة، والكثير من المرضى إذا اتبعوا ذلك في بداية الهجمة تتحسن أعراضهم، أما إذا كانت الهجمة شديدة فيعطى المريض جرعات من الكورتيزون، وتختلف طريقة إعطائه حسب الطبيب المعالج، ولكن أغلب الأطباء يعطونه لمده 3-5 أيام بالوريد، والكورتيزون يسرع من شفاء الهجمة، ويخفف من حدتها، ولا يسبب إعطاء الكورتيزون لمدة زمنية قصيرة أي مضاعفات كالتي قد تحدث من تعاطي الكورتيزون لمدة زمنية طويلة، وهناك علاجات دائمة عبارة عن حقن وريدية أو حقن تعطى مع المغذي، بالإضافة إلى أقراص مشابهة في مكوناتها مع الحقن، وهذه العلاجات تعمل على كبت الجهاز المناعي في الجسم لتمنعه من مهاجمة نفسه، فهي تخفف من عدد الهجمات وتخفف حدتها، ولكن في الوقت ذاته تعرّض الجسم للأمراض بسبب ضعف المناعة.
* هل قامت أجهزة الدولة الرسمية بتسهيل المصاعب التي تعترض المرضى؟
- في البداية، لابد من شكر مركز السلمانية الطبي حيث إنه يستقبل 90% من الحالات، ولكن يفتقر لطبيب مختص في بعض الأحيان، ولذلك يتم تشخيص الانتكاسة بشكل خاطئ أو يتم إرجاع المريض في حال العطلات الأسبوعية، وقد تسوء حالته في خلال ساعات إن كانت الانتكاسة شديدة، ومن المتوقع أن تتحسن الأوضاع بوجود مركز التصلب المتعدد، كما أن الضغط على خدمات المختبر وقسم العلاج الطبيعي وفحص الرنين المغناطيسي بسبب كثرة المراجعين من المرضى للتخصصات المختلفة يؤدي لمواعيد متأخرة وقد تؤدي لتفاقم حالة مريض التصلب المتعدد.
* كيف يتعامل المجتمع مع المرض والمرضى؟
- تختلف طرق التعامل مع المريض فهناك من يتعاطف ويشفق عليه وهذا يزعجه ويؤلمه، أو يكون حرص الآخرين مبالغ فيه بحيث يشعرون المريض أنه عاجز عن العيش بطريقة طبيعية، وهناك من يكذّب المريض ويتهمه بالاحتيال وتصنع المرض سواء في المنزل أو مكان العمل، وكل ذلك بسبب غياب برامج التوعية، ونناشد وزارة الصحة التعاون معنا في هذه البرامج ونشرها في كل وسائل الإعلام المرئي والمسموع.
* ما هي الخطوات التي قامت بها الجمعية منذ تأسيسها لمساعدة المرضى للاندماج بالمجتمع؟
- تعمل الجمعية على تسهيل حياة المريض ومساعدته للتكيف مع المرض، عن طريق تنظيم لقاءات بالمرضى وشرح الأعراض والعلاجات، وحملت الجمعية على كاهلها مسؤولية التوعية بالمرض منذ سنوات حتى قبل تأسيسها رسمياً وقد نجحت في ذلك، ولكن مازال أمامنا الكثير من التحديات، ونأمل في نشر التوعية في كل بيت ولكل رب أسرة ورب عمل.
* بصفتك أول سيدة ترأس مجلس إدارة جمعية التصلب العصبي المتعدد منذ إنشائها، ما هي خططك لتحقيق اهداف الجمعية، ومساعدة المرضى من النساء؟
- أسعى لخلق بيئة صحية متكاملة بالتعاون مع وزارة الصحة تتضمن تقديم المساعدة لكل مريض مواطن أو مقيم بالبحرين، فوزارة الصحة وفرت الأدوية لجميع المرضى، وهي الآن بصدد إنشاء مركز للتصلب العصبي المتعدد شامل، فالمريض يحتاج لبرنامج متكامل يبدأ بالتشخيص ويستمر في متابعة المريض بالفحوصات الدورية وليس الاكتفاء بانتظار سوء حالة المريض أو ظهور أعراض جديدة. خصوصاً أن علاج مريض التصلب يتطلب فريقاً من الأطباء والاختصاصيين لضمان أفضل الرعاية الصحية، حيث يحتاج إلى طبيب الأعصاب، وهو الذي يشخص المرض ويحدد العلاج المناسب للمريض، ووجود ممرضة التصلب المتعدد، وهي ممرضة متخصصة وعلى دراية تامة بالأعراض تقدم المشورة والمعلومات للمريض وأسرته، كما من المهم تواجد المعالج المهني، حيث يحتاج المريض إلى حلول عملية لتساعده على الحفاظ الاستقلالية والإنتاجية، سواء كان موظفاً أو بالمنزل، ولذلك تم الاستعانة بالمعالج المهني ليساعد المريض على التأقلم مع البيئة المحيطة به. كما يحتاج المريض إلى أخصائي العلاج الطبيعي، حيث تتمحور وظيفته في تقييم حركة المريض وتقديم النصائح له، وقد يحدد له برنامجاً للتمارين للحفاظ على المرونة واللياقة، كما يرشد المريض لكيفية التحكم في الألم والتعب، وقد يحتاج المريض إلى الأخصائي الاجتماعي، حيث يؤثر التصلب العصبي المتعدد على العاطفة ولذلك فالأخصائي الاجتماعي هو الذي ينصح المريض في كيفية التعامل مع القلق والاكتئاب، كما أنه يقدم النصح والإرشاد في حال تردد المريض عند اتخاذ القرارات، وأخصائي نفسي، وهو خبير في بعملية التفكير وكل ما يؤثر على العقل من اضطرابات بالذاكرة، فيتم الاستعانة به لتقديم المساعدة للمريض للتعايش مع المرض بصورة طبيعية إيجابية، إضافة إلى أخصائي التغذية، حيث أن للغذاء دوراً كبيراً في صحة المريض، فالطعام المتوازن يعزز الصحة وقد ينصح الأخصائي بنظام غذائي متوازن قليل الدهون غني بالألياف، يقلل الإجهاد والإمساك. قد يساعد الأخصائي على تحديد الغذاء المناسب في حال ظهور مشاكل في البلع.
ويحتاج المرضى إلى طبيب للعيون، حيث إن أول أعراض المرض في العادة هو مشكلة في البصر، حيث تتعدد الأعراض بين الضبابية والشعور بالألم أحياناً، ولذلك يستطيع طبيب العيون المشاركة في تشخيص المرض مبدئيا بالإضافة لتحديد نسبة الإبصار.
* ماذا عن المرضى من صغار السن هل تختلف معاناتهم عن الآخرين الذين يكبرونهم سناً؟
- إن أبناءنا الطلبة في المراحل الإعدادية والثانوية يعانون ويحتاجون للرعاية ومعاملة خاصة أسوة بتجارب الدول الغربية، كاتباع نظام خاص للغياب والانقطاع عن الدراسة بسبب ظروف المرض. فطلب العلم حق مشروع للجميع، أما طلبة الجامعة فهم أمل المستقبل ونتمنى لهم مستقبلاً مزدهراً بتعاوننا مع جامعاتهم في التوعية بالمرض ولتوفير الأجواء الدراسية المناسبة لهم للتحصيل العلمي، كما أن اعتماد نظام خاص للغياب للطلبة مطلوب أسوة بمرضى الدم المنجلي المزمن، فمساواتهم بأقرانهم الأصحاء ظلم لهم. قد يتغيبون بسبب مفاجأة الأعراض لهم في فترات مختلفة من الفصل الدراسي، وقد تفاجئهم انتكاسة قبل موعد الامتحان بساعات فهذه حالات خاصة تستوجب حفظ حقوقهم والحرص على عدم خسران الفصل الدراسي بأكمله.
* ما هي أمنياتك للمستقبل؟
- نتمنى افتتاح مركز التصلب المتعدد الشامل في القريب العاجل، وأن يشمل كل الخدمات التي يحتاجها المرضى من مختبرات فحص للدم إلى فحص الرنين المغناطيسي، وغيرها من الخدمات.
* هل من نصائح للمرضى؟
- اجعل الإيمان بالقضاء والقدر هو الأمل الذي ينسيك الألم، والبعد عن السهر هي أثمن نصيحة يمكن أن أقدمها للمرضى، فالنوم ينظم خلايا الجسم ودورة حياة الخلايا، وينشط الدماغ والجهاز العصبي، والبعد عن التركيز الشديد ولفترات طويلة في شاشة الهاتف أو جهاز الحاسوب، وخذ فترة راحة بإغماض العين لدقائق معدودة فعضلات العين قد تخمل وتضعف، والبعد عن حرارة الشمس والجو الساخن والرطوبة أو أي بيئة حارة. وتجنب الاستحمام بالمياه الساخنة، والبعد عن جميع العوامل التي تسبب لك التعب مع التصلب، كالعطش والحرارة والغضب والحزن والسهر، وكن اجتماعيا ولا تعزل نفسك فالعزلة سبب للاكتئاب، والاكتئاب يسبب لك الهجمات، والتفاؤل مفتاح السعادة، واستمتع بحياتك، ولا تجعل إصابتك بالمرض أكبر هم لك. تأقلم وانسجم في أعمالك، وثق بأن الله سيكون معك دوما، و أخبر كل طبيب تزوره وإن كان طبيب الأسنان أو طبيبة النساء والولادة وأطباء الطوارئ بإصابتك بمرض التصلب العصبي المتعدد، وإذا كان عليك القيام بعمل متعب وشاق، حاول القيام به على مراحل.