هدوء غير معتاد على ريال مدريد، حيث انسحب النادي من معظم الصفقات التي حاول التعاقد معها، وقرر بعض اللاعبين المتوقع رحيلهم الاستمرار وعلى رأسهم جيمس رودريغيز.
على العكس مما يتصور البعض، فإن ريال مدريد دعم صفوفه حتى الآن بأسماء جديدة ولو هي قديمة الطابع؛ فابيو كويتراو عاد من الإعارة، وتم إعادة شراء موراتا، و دمج أسينسيو مباشرة مع الفريق الأول.
الحقيقة تقول ريال مدريد تعاقد مع 3 لاعبين، بغض النظر أن الناس كانت تعرفهم أم لا، أو رأتهم بقميص النادي الملكي من عدمه، فهم بالنهاية إضافة للتشكيل الفائز بدوري الأبطال الموسم الماضي، وصانع الثورة في الأسابيع الأخيرة ضد برشلونة في بطولة الليغا، وهذا لوحده يعتبر خطوة إلى الأمام.
حسابات مالية.. هناك الكثير!
أنفق ريال مدريد حتى الآن ما يقارب 30 مليون يورو على شراء اللاعبين للموسم الجديد، في حين باع لاعبين مقابل 9 مليون يورو، مما يعني أن فارق إنفاقه 21 مليون يورو.
حسب التقارير، فيستطيع ريال مدريد دوماً إنفاق فارق يصل 80 مليون يورو من دون الدخول بأي مشاكل مع قوانين اللعب المالي النظيف، وهو بالتالي مازال يملك 60 مليون يورو لوضعها بالسوق، لكن المؤشرات تقول إنه قد لا يفعل ذلك!
بديل كاسيميرو!
كالعادة، فأفضل طريقة لقراءة التشكيل هو المرور بكافة الخطوط، لمعرفة مناطق النقص.
لنبدأ مع كيلور نافاس، وحارسه الاحتياطي كاسيا، تبدو الأمور منطقية وكاملة، وهو العرف السائد في عالم حراسة كرة القدم.
خط الدفاع، بعد أداء بيبي في يورو 2016، ووجود قيادة سيرجيو راموس، وتوقع دقائق إضافية لفاران، يصبح هناك عمقاً جيداً، لكن القلق هنا من أمرين؛ الكلام عن رحيل ناتشو إلى روما، واحتمال إصابة أحد الأسماء الأساسية، يجعل من المنطقي التفكير بمدافع قبل التفكير بلاعب في مركز أخر.
الظهير الأيمن يقف كارفخال كأحد أفضل اللاعبين في هذا المركز حول العالم، ومن المفترض أن يؤدي دانيلو بشكل أفضل من الموسم الماضي، بعد اعتياده على الأجواء المتوترة، ودخول النادي الموسم بشكل يفترض به أن يكون أكثر هدوءاً.
أما المنطقة اليسرى الدفاعية، فهناك مارسيلو ويحميه كوينتراو، مما يعني أن هذه المنطقة بالوضع الحالي جيدة للغاية.
مع خطة 4-3-3 في الموسم الماضي، سيكون كاسيميرو من دون بديل مباشر، لكن في الأمام سيتواجد لوكا مودريتش وتوني كروس، ومعهم كعمق كل من إيسكو وخاميس وأسينسيو، وحتى الآن لم يتم بيع كوفاسيتش رغم توقع حصول ذلك، لكن هذا يجعله ضمن الحسابات ولو مؤقتاً.
في خط الهجوم، هناك ثلاثي BBC، ولوكاس فاسكيز وموراتا، والكلام الأقرب بان أيام خيسي رودريجيز معدودة، لكن مع التذكير بأن خاميس وإيسكو وأسينسيو يشكلون عمقاً لهذا الخط أيضاً على الأطراف، مما يجعل ريال مدريد ليس بحاجة لأي صفقة هجومية.
نعود للكلام عن بديل كاسيميرو غير الموجود، والمنطق يقول بأنه لا بد من وجود شخص مباشر يعوضه، والجمهور يطالب بأسماء جيدة مثل وليام كارفاليو، والحجة المستخدمة.. ماذا لو تعرض للإصابة؟
جلب بديل لكاسيميرو قد يكون هو الخيار الأفضل، لكن يجب أن يصاحبه بيع جيمس رودريغيز أو إيسكو، فلا يمكن الحديث عن عمق تشكيل بجودة عالية، لا يلعب إلا صدفة…ومع الوضع الحالي «جلب بديل لكاسيميرو ليس منطقياً».
وبما أن خاميس وإيسكو مستمران، فمن الصعب تصور شراء بديل لكاسيميرو، مع التذكير بأن أداء كروس دفاعياً لم يكن سيئاً لدرجة الكارثة بسببه، بل بسبب عدم لعب الفريق ككتلة واحدة، فالتوازن أساس النجاح وليس الأسماء.
أسرار الهدوء.. زيدان وغيره
بالنسبة لي أعتقد أن السبب الأهم وقبل الخوض بتفاصيل الأسباب الأخرى، أن فلورنتينو بيريز لم يجد بطلاً في نظره يمكن الاستثمار فيه ويبدأ أساسياً، فحتى بول بوجبا لو تم شراؤه بالسعر المجنون المعروض فيه، سيجد تنافساً خطيراً من قبل كروس يهدد نجاحه، ولن يكون من السهل تكرار مسلسل بيع أوزيل لجعب بيل يلعب بهدوء، لأن توني أثبت باليورو أنه يستطيع فعل الكثير، في حين خذله بول بتقديم بطولة سيئة.
الاحتفاظ بالأموال هذا الموسم، يفيد ريال مدريد الموسم المقبل في حسابات قانون اللعب المالي النظيف التي تنطبق على 3 مواسم، وفي حسابات السيولة الشرائية، بالتالي تم حفظ هذا المبلغ للموسم المقبل ليتم شراء بطل جديد عندما يجد بيريز طريقاً ممهداً لشراء بطل، خصوصاً أن الكلام عن اعتزال رونالدو في ريال مدريد لا يبدو شيئاً مقنعاً «رياضياً» رغم رغبة الجماهير بحدوثه، خصوصاً مع أجره المرتفع وتقدمه بالعمر تدريجياً ورفضه المتوقع للعب دور الكبير بالعمر الاحتياطي.
سعر بول بوجبا وأداؤه خلق مشاكل لبيريز
مشاكل لبيريز
ننتقل إلى الأسباب الأخرى، ونتذكر أنه منذ وصول جوزيه مورينيو إلى ريال مدريد، لم تعد مشكلة النادي الملكي أبداً بالأسماء، بل بالإصابات أو الخلافات والتوترات. مع الكلام عن معد بدني جديد يقال إنه ممتاز، فإن الإصابات من المفترض بها أن تقل، وبالتالي ينعكس الأمر على التشكيل ليبدو أكثر عمقاً وقوة، مما يعني بنفس الوقت فرصاً أقل لبعض اللاعبين الذين نالوا فرصة اللعب بسبب إصابة غيرهم.
التوقعات أيضاً بأن زين الدين زيدان قادر على تكرار نصف الموسم الهادئ، تصبح مشاكل الريال محدودة، لأنه لا شك بجودة اللاعبين، ويبقى الأساس الوحيد لتكرار النجاح، أن يكون المدرب الفرنسي متمكناً فعلاً من خلق هذا الفريق المتحد والمتوازن، وألا يكون ما جرى الموسم الماضي مجرد ردة فعل.
فلورنتينو بيريز يعرف الحقيقة السابقة، وبالتالي لن يغامر في تغيير مشروع وأسماء بالشكل الذي تريده الجماهير الآن، قبل التأكد من أن زين الدين زيدان هو المدرب المناسب، خصوصاً في ظل بعض التقارير عن خلافات بينهما، ولو اتفقنا مع زيدان بشكل عام من خلال موقفه الرافض للتدخل والفرض، فإن بيريز يرى المسألة من منظور آخر.