إن العنف ضد المرأة لا يكمن في صيغة معينة، فهو مصطلح يتم استخدامه للإشارة لأي قول أو فعل من أفعال الإيذاء الذي يمارس ضد المرأة، وقد كرست أغلب الدول جهودها من أجل التصدي لجميع الأفعال التي من شأنها الإضرار بالمرأة أو التقليل من شأنها وإهانتها، وهذا ما بادرت إليه مملكة البحرين، ذلك عندما صدق حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «السيداو» مع تسجيل مملكة البحرين لبعض التحفظات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية ودخلت حيز النفاذ في 18 يوليو 2002، وفي سبيل توعية المجتمع بمشكلة العنف ضد المرأة والمناشدة بضرورة حمايتها من العنف تحتفل الدول سنويا باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في 25 نوفمبر منذ عام 1999 ويتم الاحتفاء بهذا اليوم في جميع وسائل الإعلام حول العالم لنشر ثقافة القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة.
وفي سبيل إسباغ حماية خاصة بالمرأة فقد نص دستور مملكة البحرين الصادر في عام 2002 والمعدل في عام 2012 في المادة (5) من الباب الثاني الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع في الفقرة (أ) منه على أن الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق، يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها، ويحمي في ظلها الأمومة. كذلك نصت الفقرة (ب) على أن تتكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية من دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية. ولتأكيد ضرورة حماية المرأة نصت المادة (18) من الباب الثالث الخاص بالحقوق والواجبات العامة على أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس. ويتبين من ذلك بأن المرأة حظيت بعناية فائقة في مملكة البحرين؛ إذ أزال الدستور كل أشكال التمييز ضد المرأة بما لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وحفظ للمرأة كرامتها وضمن لها حياة كريمة.
وبالنسبة إلى التشريعات الوطنية فقد جرّم قانون العقوبات كل أفعال الضرب والإيذاء البدني سواء تمت ممارسته ضد المرأة أو الرجل، ولتتويج جميع الجهود لحماية المرأة من العنف صدر قانون الحماية من العنف الأسري في عام 2015 ليكون هذا القانون المؤكد لجميع أنواع الحماية التي تحتاج إليها المرأة والأسرة في مملكة البحرين.
ورغم حداثة هذا القانون إلا أنه أحدث فارقاً شاسعاً في مجال حماية المرأة والأسرة من العنف، فنصوصه توفر الحماية المتكاملة للمرأة من جميع أنواع العنف الذي قد تتعرض له سواءً من الناحية الجسدية أو الجنسية وكذلك النفسية والاقتصادية.
فالعنف قد يتمثل في الضرب والتعذيب، أو الاعتداء والاستغلال الجنسي، وقد يكون العنف بالسب والقذف في سمعتها وشرفها، أو الحرمان من حقها في صرف أموالها أو التصرف فيها، وغير ذلك من صور الإيذاء الذي قد تتعرض له المرأة في الوسط الأسري.
وعليه، فإن قانون الحماية من العنف الأسري يهدف إلى تحقيق أقصى مستويات الحماية للمرأة، ولا عجب في ذلك فالمرأة تستحق كل هذا الاهتمام والتقدير، فهي مربية الأجيال الحالية وأساس الأجيال المستقبلية، فحمايتها تعني حماية المجتمع البحريني بالكامل والمضي به إلى الأمام نحو التطور والازدهار.
فاطمة علي يوسف جناحي
باحث قانوني
هيئة فحص إقرارات الذمة المالية