أثارت قضية صدور حكم قضائي بريطاني ضد قاسم هاشم وسجنه 12 عاماً بسبب اغتصابه ابنته ملف المتطرفين والإرهابيين الذين يقيمون في لندن ويعملون ضد البحرين من خلال تشويه سمعة الدولة، أو التحريض على الإرهاب والعنف، أو التخابر مع حكومات ومنظمات أجنبية للقيام بأنشطة مشبوهة، وهي جرائم يجرّمها القانون في البحرين وبريطانيا.
تكونت خلايا المتطرفين المناهضين للبحرين في العاصمة لندن عقب الأزمات، حيث بدأت أولى هذه الخلايا في السبعينات، وتوالت في الثمانينات والتسعينات نتيجة الظروف السياسية، وكانت آخر الخلايا بعد العام 2011. وتتشابه جميعها في الأنشطة والآليات والاستراتيجيات، لكنها تختلف في طريقة استخدام الإعلام الذي تطور كثيراً، حيث لم يكن لدى خلايا التسعينات سوى الفاكس لنشر خطاباتهم الراديكالية، في حين تتوافر شبكات التواصل الاجتماعي الآن وتساعد على نشر الخطابات الراديكالية ليس في البحرين فحسب، بل حول العالم.
من غير المعروف أعداد البحرينيين اللاجئين سياسياً في بريطانيا، أو ممن تم منحهم الجنسية البريطانية. لكن الشخصيات النشطة منها معروفة، ومعظمهم تورطوا في جرائم إرهابية في البحرين، وبعضهم نال أحكاماً قضائية متفاوتة. اللافت أن معظمهم ينتمون لتيار واحد، وهو تيار ولاية الفقيه الذي يرتبط بصلة قوية مع الحكومة الإيرانية ومؤسسات الحرس الثوري، وتبين أكثر من مرة أن تمويل نشاط خلايا المتطرفين ضد البحرين في لندن تتم عن طريق وسطاء تمولهم طهران مباشرة.
أفعال لا أخلاقية
الخلايا المتطرفة ضد البحرين في لندن زادت الأضواء عليها مؤخراً، بعد ارتكابها عدة جرائم ومخالفات.
تبدأ أولى القصص مع الإرهابي عبدالرؤوف الشايب الذي تورط في جريمة مشينة قبل سنوات عندما تزوج زوجة أوروبية وجاء بها إلى البحرين، لتكتشف الزوجة أن زوجها قد ورطها في شبكة دعارة رغماً عنها، وتحول الزواج إلى علاقة دعارة تدر عليه أموالاً، وانتهت فصول القصة بعد أن رفعت الزوجة قضية ضد الشايب الذي هرب إلى لندن، وحصل على اللجوء السياسي في العام 2002.
في ديسمبر 2015 أصدرت محكمة سانبروك اللندنية حكماً قضائياً يدين الشايب بالسجن خمس سنوات طبقاً لقانون مكافحة الإرهاب البريطاني. وجاءت الإدانة بعد اكتشاف السلطات الأمنية مجموعة من الأدلة تم العثور عليها في منزله من بينها ذاكرة إلكترونية تمت مصادرتها من قبل اسكوتلنديارد في مطار غاتويك خلال عودته من العراق، وتتضمن مستندات تدينه بالاستعداد لارتكاب عمليات إرهابية.
التحقيقات التي أجرتها اسكوتلنديارد بينت أن الملفات الإلكترونية التي عثر عليها بحوزة الشايب تتضمن مستندات عسكرية من بينها مستندات تشرح تكتيكات حول التجمع الجماهيري. وصوراً تظهره بزي عسكري وبجانبه مدفع رشاش. كما تضمنت الأدلة صوراً لصواريخ وزوايا إطلاق، وأخرى لبندقية قناصة، وبعض الوثائق الأخرى حول التدريبات والقيام بعمليات عسكرية.
إضافة إلى ذلك، فقد عثر في منزل الإرهابي الشايب على خطط حول كيفية التخفي والتسلل في مدينة النجف بالعراق، التي أكد الشايب للمحكمة أنه زارها عدة مرات ما بين 2012 و2013، و«كتبيات جهادية» للتدريب والتجنيد على أعمال إرهابية. وأكد خبراء عسكريون مستقلون أمام المحكمة بطلب خاص من الادعاء أن هذه الوثائق تخص ميليشيات عسكرية.
حيثيات محاكمة الإرهابي الشايب كشفت أن لديه برنامجاً خاصاً تحت اسم (قناصة) يضم تعليمات مفصلة حول تجميع أجزاء بندقية (دراغونوف) وطرق استخدامها. وهو ما اعتبر استعداداً للقيام بعمليات مسلحة غير مشروعة يحتمل أن تستهدف شخصيات رفيعة المستوى. بعض الخبراء أشاروا إلى أن الأدلة التي عثر عليها لدى الشايب تستخدم عادة في حالات التخطيط لإسقاط الأنظمة السياسية بالقوة. خلال جلسات المحاكمة أعلن الشايب أنه زعيم» ائتلاف 14 فبراير» الإرهابي والناطق الرسمي باسم التنظيم في أوروبا. إحدى إفاداته أنه زعيم تنظيم «ائتلاف 14 فبراير» الإرهابي والمتحدث باسمه في الغرب. ولم يتحمس صديقه رئيس حزب العمال جيرمي كوربين في الدفاع عن الشايب بعد إدانته من القضاء البريطاني. جرائم الشايب لم تقتصر على بريطانيا خلال تواجده فيها منذ 14 عاماً، بل تورط في جرائم أخرى داخل البحرين، حيث أدين في قضية إرهابية عام 2011، وصدر حكم ضده بالسجن مدى الحياة. أما الجريمة الأخرى الخطيرة، فحدثت في العام 2013 عندما تورط في التفجير الإرهابي لجامع بالرفاع، ونال حكماً بالسجن 13 عاماً.
قصة مثيرة من نوع مختلف!
آخر قصص المتطرفين المناهضين للبحرين في لندن، قضية قاسم هاشم المعروف بـ(سيد قاسم هاشمي)، والذي حكمت عليه المحكمة بالسجن 12 عاماً بعد اتهامه باغتصاب ابنته، والاعتداء الجنسي على أطفال قصر والاغتصاب والإيذاء البدني.
الإرهابي قاسم هاشم تورط في جرائم إرهابية في البحرين، واتهم بـ«التدريب على استعمال الأسلحة بقصد ارتكاب أعمال إرهابية، وتدريب الآخرين على استعمال الأسلحة والمتفجرات بقصد الاستعانة بهم في ارتكاب جرائم إرهابية في البلاد»، وصدر ضده حكم غيابي بالحبس 15 عاماً، وتم إسقاط جنسيته ليحصل على اللجوء السياسي في بريطانيا، ثم ينال الجنسية البريطانية.
الإرهابي قاسم هاشم معروف بمواقفه الراديكالية ضد البحرين، وعلاقاته مع طهران، حيث انتشرت صوره على نطاق واسع وهو يقبل رأس الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد. كما لديه الكثير من الصور مع شخصيات متطرفة مثل قيادات التيار الصدري في العراق تعكس قوة علاقته معهم.
حالياً بدأ الإرهابي هاشم بقضاء عقوبة 12 عاماً في سجن ورم وود غرب لندن.
قصة أخرى مشينة
لا تتوقف القصص الأخلاقية للمتطرفين البحرينيين أو اللاجئين سياسياً في لندن، فأحدهم اقتحم سفارة البحرين في العاصمة البريطانية، واتهم قبل فترة رجال الشرطة باغتصابه، وبعد أن انتشر خبر اغتصابه أنكر تلك التهمة، وحاول التستر عليها درءاً للفضيحة الأخلاقية. ولم يثبت أن تم الاعتداء عليه من قبل رجال الشرطة.
شبكات التواصل الاجتماعي لا تتوقف عن عرض قصص الشخصيات المتطرفة في لندن، وتصفها بأنها تمثل «تراجعاً أخلاقياً» لديها، وبعضها تناقلت «يبدو أن هناك ضريبة للنضال السياسي، وهو الانحاط الأخلاقي».
جدل بريطاني
مؤخراً أثير جدل واسع في المجتمع البريطاني تتعلق بجدوى منح هؤلاء البحرينيين أو ممن أسقطت جنسيتهم قانوناً حق اللجوء السياسي، خصوصاً مع تورطهم في جرائم إرهابية وأخلاقية. وهذا الجدل لا يشمل البحرينيين فقط، بل مختلف الجنسيات.
في يناير 2015 نشرت صحيفة الصنداي تايمز البريطانية تقريراً هاماً انتقدت فيه الحكومة بسبب منحها حق اللجوء السياسي دون التأكد من الخلفيات الجنائية لطالبي اللجوء بسبب ثغرات في سياسة الهجرة بالمملكة المتحدة. كما نشرت مقتطفات لرسالة رسمية لوزير الدولة السابق اللورد بيتس ذكر فيها: «لا نقوم حالياً بالتأكد من السجلات الجنائية خلال دراسة طلبات اللجوء السياسي، والتحقق من ذلك قد يؤدي إلى مخاطر تتعلق بطالبي اللجوء أو أسرهم في بلدانهم».
الجدل البريطاني صار يتحدث عن السبب في منح الإرهابيين عبدالرؤوف الشايب وقاسم هاشم اللجوء السياسي والجنسية البريطانية، رغم معرفة وزارة الداخلية البريطانية قيامهما بهذه الجرائم تحت مظلة حقوق الإنسان والحقوق المدنية.
وطالبت دوائر بريطانية باستجواب اللاجئين السياسيين عن أسباب ممارستهم أنشطتهم المختلفة في بريطانيا للتأكد من أحقية لجوئهم السياسي، وألا يكون استغلالاً لقوانين الهجرة في المملكة المتحدة.
عضو البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين بوب ستيوارت كان عضواً في لجنة الدفاع المختارة في قضية الإرهابي قاسم هاشم قال معلقاً بحسب ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: «لا يجب أن تكون المملكة المتحدة ملاذاً آمناً للمتطرفين والمتحرشين بالأطفال المقبلين من البحرين أو من أي مكان آخر ممن يتنكرون في هيئة نشطاء حقوق الإنسان». مشيراً إلى أنه سيقوم بعرض القضية على وزيري الخارجية والداخلية البريطانيين.