دبي - (العربية نت): يرى محللون للشأن الإيراني أن قضيتي الاتفاق النووي والقاعدة الروسية في همدان نسفتا شعار «لا شرقية، لا غربية، جمهورية إسلامية»، الذي قام عليه نظام ولاية الفقيه في إيران، والذي أطلقه مرشد النظام الأول روح الله الخميني واستمر فيه خلفه علي خامنئي، وجعلتا قضية شعارات استقلالية إيران وسيادتها الوطنية وعدم تعبيتها للشرق أو الغرب على المحك.
وبعد الاتفاق النووي الذي اعتبره خامنئي والمقربون منه خسارة كبرى وتنازلاً عن مبادئ الثورة وتبعية للغرب والولايات المتحدة، جاءت قضية منح روسيا قاعدة جوية بمدينة همدان وسط إيران لتكتمل بذلك حلقة تبعية نظام ولاية الفقيه المعلنة للغرب والشرق.
وقال متابعون للسياسة الإيرانية إن منح المجال الجوي الإيراني للسيادة الروسية بعد التنازل عن البرنامج النووي وبيع اليورانيوم المخصب والتخلص من كل الإنجازات النووية من خلال تدميرها أو بيعها إلى مختلف الدول لم يبق شيئاً من شعارات المقاومة والممانعة التي تتبجح بها طهران وحلفاؤها من أنظمة وميليشيات في المنطقة. وأدى استخدام روسيا لقاعدة همدان الجوية لجدل واسع بين السياسيين الإيرانيين حول الأسباب الكامنة وراء هذا القرار، الذي اعتبره البعض بأنه ينتقص من سيادة إيران واستقلالية قراراتها الوطنية.
وفي هذا السياق، طالب 20 نائباً في البرلمان الإيراني بعقد جلسة طارئة وعلنية مع مسؤولي النظام، لمعرفة أسباب منح قاعدة «نوجيه» الجوية في همدان إلى الروس.
وكان عضو لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب حشمت الله فلاحت بيشه، انتقد السماح للطائرات الروسية بقصف مواقع سورية من الأراضي الإيرانية، معتبراً ذلك مخالفة للمادة 146 من الدستور الإيراني.
وهاجم النائب فلاحت بيشه السياسة الخارجية التي تعتمدها روسيا حيال إيران، مشيراً إلى أنها سياسة متقلبة ومختلفة عن سياسة طهران خصوصاً في السنوات الأخيرة.
وتنص المادة 146 من دستور إيران على أنه «لا يجوز منح أي قاعدة عسكرية لأي دولة أجنبية حتى ولو كان ذلك لاستخدامات سلمية». ويشترط الدستور موافقة المرشد للسماح باستثناءات لهذه المادة.
كما نقلت وكالة «إيلنا» العمالية الإيرانية عن النائب الإصلاحي محمود صادقي قوله «لقد رفعنا ورقة موقعة من قبل 20 نائباً في البرلمان إلى الرئيس علي لاريجاني لعقد جلسة طارئة وعلنية مع المسؤولين الذين سمحوا للمقاتلات الروسية باستخدام قاعدة إيرانية غرب البلاد لشن هجوم على سوريا». وأوضح صادقي أن الطلب الذي قدمه النواب إلى لاريجاني الهدف منه هو توضيح الجهة التي سمحت للطائرات الحربية الروسية باستخدام قاعدة نوجه في مدينة همدان غرب إيران، مرجحاً أن تتم مناقشة هذا الطلب في جلسة البرلمان اليوم. وفي معرض ردهم على هذه الانتقادات، ارتبك المسؤولون الإيرانيون، وفي مقدمتهم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني الذي قال إن منح القاعدة الجوية لروسيا يأتي في إطار تعاون طهران الاستراتيجي مع موسكو «في مجال مكافحة الإرهاب»، على حد تعبيره.
أما وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، فهاجم البرلمان في تصريحات نقلتها وكالة «فارس»، حيث اعتبر أن «منح القاعدة للروس في همدان أمر لا يخص نواب مجلس الشورى».
وأكد دهقان أن «العلاقة مع روسيا هي في إطار الرقي بمستوى التعاون الاستراتيجي، واستضافة الطائرات الحربية الروسية في إيران بقاعدة همدان الجوية جاء في هذا السياق أيضاً، وذلك بطلب من الحكومة السورية والتعاون الثنائي بين إيران وروسيا». ويقول منتقدو السياسة الإيرانية إن «منح أهم قاعدة جوية إيرانية لروسيا ليس تراجعاً فاضحاً عن شعار «لا شرقية لا غربية»، الذي أطلقه الخميني مؤسس الجمهورية فحسب، بل إنه تجاهل تام لمصلحة الشعب الإيراني وإرادته وعدم الأخذ برأيه حتى عن طريق نوابه في مجلس الشورى على الأقل.
هذا بينما يرى محللون عسكريون أن تواجد القوات الروسية في قاعدة «نوجيه» الجوية في همدان يعتبر مؤشراً على استقرار القوات الروسية لمدة طويلة في إيران، مما يفضح زيف شعارات وأكاذيب نظام طهران التي يطلقها ضد دول المنطقة حول استضافة قواعد عسكرية غربية ضمن تحالفات استراتيجية واعتبارها تبعية للغرب وما شابه ذلك من شعارات ثورية، تخلى عنها النظام الإيراني قبل غيره عندما التقت مصالح الشرق والغرب مع سياساته التوسعية.