زهراء حبيب
كشف رئيس المجلس الأعلى للقضاء، رئيس محكمة التمييز المستشار سالم الكواري عن إنشاء محكمتين للفصل في الدعاوى التجارية تباشر عملها في الأول من سبتمبر المقبل تحقيقاً لسرعة الفصل في تلك الدعاوى التي لها أثر كبير على تعزيز الاقتصاد المحلي والتشجيع على الاستثمار في البحرين.
كما كشف النقاب عن تشكيل لجنة ثانية لنظر المنازعات الإيجارية، تبدأ عملها منتصف سبتمبر المقبل، لتساند اللجنة الأولى «الأم».
كذلك كشف الكواري، خلال مؤتمر عقد بمبنى الأمانة العامة للمجلس الأعلى للقضاء،عن توظيف 20 باحث قانوني للعمل بالمحاكم التجارية، ووضع خطة بين المجلس الأعلى للقضاء بالتعاون مع وزارة العدل والشؤون الإسلامية، تعمل على غربلة الخبراء وتصنيفهم إلى فئات، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المتقاعسين ومن يخطئ ويسئ للعمل القضائي سواء بالمماطلة في أداء عمله أو تقديم تقرير غير لائق.
وقال إن وجود نظام قضائي متين يبث روح الاطمئنان في نفس التاجر والمستثمر، فكما يقال المثل «المال عديل الروح»، وتأخر البت في الدعاوى التجارية سيكون له الآثر السلبي على الاقتصاد المحلي وسوف يخلق بيئة غير مشجعة للاستثمار، لافتاً أن هناك دعاوى تتلجلج في المحاكم لسنوات، مما دفع المجلس لأخذ خطوة لحل هذه الإشكالية، ورغم ما يعانيه المجلس الأعلى للقضاء من ضيق المكان، وهو أمر فتح المجال للمجلس لتطبيق خطة عقد المحاكم الجنائية الصغرى في الفترة المسائية كحل لقلة المحاكم، مما أتاح الفرصة للمجلس للاستفادة من بعض القاعات لعقد جلسات أخرى، والتفكير في المحاكم التجارية.
وأكد أن ضيق المكان وقلة الكوادر لن يعيق تحقيق هذا الحلم، وسيبدأ عمل محكمتين خاصتين بنظر الدعاوى التجارية في الأول من سبتمبر المقبل، مشيراً إلى تحديد تلك المحاكم بعلامات خاصة تسهل للمستثمرين من أطراف الدعوى الوصول إليها، كما تم اختيار مجموعة من القضاة الثقاة والملمين بالإجراءات التجارية لإدارة تلك المحاكم.
ولفت إلى أن المحاكم التجارية كانت معروفة بالسابق، وهو أمر كف المجلس عن طلب تعديل تشريعي لإنشائها لكن ظروفها كانت تلتبس مع قضايا آخرى، فيما وجد الآن طريق آخر حدد المحكمة وطبيعة اختصاصها، مبيناً وجود عمل متوازٍ للقاضي بين عمله على المنصة القضائية، وانخراطه بالدورات وورش العمل التدريبية التي ينظمها المعهد القضائي لإلمامه بكل ما يستجد في المسائل التجارية.
وأشار إلى وجود برنامج تدريبي متكامل على يد خبراء يتم انتدابهم من الخارج، إذ من المقرر جلب خبير دولي في المحاكم التجارية خلال الأيام المقبلة، كما سيتم ابتعاث محموعة من القضاء إلى إنجلترا لزيارة المحاكم التجارية هناك نهاية سبتمبر بداية أكتوبر المقبل، للاطلاع عن كثب على سير المحاكم، مشدداً على أن المجلس يقوم بهذه الخطوات لتحقيق الاطمئنان لدى التاجر والمستثمر.
وبين أنه من الخطوط العريضة التي ستتناولها الدورات والورش التدرييبة، هي تدريب قضاة المحاكم التجارية على المنازعات المالية التقليدية، والمتعلقة بالأوراق المالية، التمويل الإسلامي، ناهيك عن منازعات عقود المقاولات، والمتعلقة بإنفاذ اتفاقات التحكيم وأحكام، والمنازعات الملكية الفكرية والعلامات التجارية، والوكالات التجارية.
وقال إن المجلس يعمل على توظيف بين 15 - 20 باحث قانون، والاتفاق ما بينه وبين معهد الدراسات القضائية على تدريبهم وتأهيلهم للعمل في هذه المحاكم.
وشدد على أن المجلس يعمل على الارتقاء بمستوى المهارات المتعلقة بالعمل القضائي المرتبط بالنشاط التجاري والاستثماري، والتأكيد على أهمية عمل القاضي في تعزيز مناخ الاستثمار وعرض لأهم المؤشرات الدولية كمؤشر إداء الأعمال ومؤشر التنافسية، كما يتم التعامل مع خصوصية الأدلة في المنازعات التجارية وخاصة الأدلة الإلكترونية، حدود التعامل مع أحكام التحكيم المحلية والدولية، وأدوات التعامل مع المصطلحات الاقتصادية والتجارية، والاطلاع على المستندات باللغة الإنجليزية.
وأضاف أن المحاكم التجارية تختص بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالتحكيم، وبطلب إشهار إفلاس، وطلب الصلح الواقي منه والدعاوى المتعلقة بطلب حلها وتصفيتها، الدعاوى المتعلقة بالأسهم والسندات وغيرهما من الأوراق المالية، بالعلامات والوكالات التجارية، وبالملكية الفكرية.
وأكد أن المحاكم التجارية ستشعر المسثمر بوجود خصوصية لا تتعلق بالمدعي والمدعي عليه لكن في صفة النزاع التي تتميز بطابعها التجاري، إذ ينطبق على تلك القضايا الاجراءات العامة المعمول بها في مراحل التقاضي لكن التمييز يقع في صفة النزاع وليس الأطراف.
ونفى الكواري وجود تضارب بين عمل المحاكم التجارية وغرفة البحرين لتسوية المنازعات التجارية التي حدد القانون فيها طبيعة اختصاص الغرفة، وهي النظر في الدعاوى المتعلقة بالتجارة الدولية والبنوك، والمطالبات المالية التي تبدأ من 500 ألف دينار فما فوق، ويكون فيها طرف بنكي وعقود تجارية، فيما هناك مبالغ تتجاوز 500 ألف دينار وهي ليست بنوكاً ولا عقود تجارية بل لأفراد ومستثمرين، وهي من اختصاص المحاكم التجارية التي ستبدأ عملها سبتمبر المقبل.
وأعرب عن أمله بإيجاد مبنى خاص للمحاكم التجارية ولجنتي المنازعات الإيجارية ويكون مبنى شاملاً ومتكامل الخدمات، ومنها التوثيق والتنفيذ الخاص بالأحكام والقرارات الصادرة من تلك المحاكم وأن يكون ملك الحكومة، متمنياً من الجهات المهتمة بالموضوع دعم هذا الاتجاه، للحد من صرف الأموال على المباني المؤجرة، نظراً لكثافة الدعاوى التي ترد على لجنتي الإيجارية والمحاكم التجارية، وحل الإشكالية التي يعاني منها المجلس من ضيق الحيز المكاني لأروقة المحاكم. ونوه بأن المجلس الأعلى للقضاء اتخذ بعض الخطوات في هذه الصدد بالالتقاء بصاحب السمو الملكي ولي العهد والحديث مع وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة بخصوص إنشاء مبنى حكومي متكامل تلك المحاكم ولجنة المنازعات، ويكون صرح للعمل القضاءئي البحريني، فكلما زادت ثقة التاجر والمستثمر ارتفع ائتمان البلد الاقتصادي والتجاري.
وأشار إلى أن الدعاوى التجارية تتشابه مع بقية القضايا في مراحل التقاضي بمرورها بثلاثة مراحل وهو الدرجة الأولى والاستئناف والتمييز، مع ضمان تحقيق المعاملة المختلفة في تحقيق السرعة في الفصل بالدعاوى، لما لها من طابع استثماري له الأثر المباشر على الاقتصادي المحلي والدولي دون الإخلال بالجانب القانوني لكل دعوى.
وأردف بأن المحاكم التجارية لن تتداخل مع عمل المدنية، مشيراً إلى دخول قضايا الاتصالات التي تضخمت أعدادها أثقل كاهل القضاء، لذلك تم فصلها وتحديد محكمة لنظرها، وإخراج القضايا التجارية.
ولفت إلى أنه يواكب إنشاء المحاكم غربلة كاملة لأعوان القضاء وهم الخبراء، بالاتفاق مع وزارة العدل والشؤون الإسلامية، وسيتم تصنيفهم لفئات وكل فئة لها اختصاص معين، فبعض القضايا تحتاج إلى خبراء معينين وكفاءة خاصة، وسيكون هناك نمط للمجازات في حالة التأخير والخطأ، ويجب أن يعلم كل خبير بأن هناك رقابة وإجراءات صارمة من اليوم ضد المتقاعسين ومن يسئ للنظام القضائي والبلد يجب أن يأخذ الجزاء المحدد قانوناً، منوهاً بأن بعض المحاكم تلتفت عن هذه الأمور لعدم رغبتها الإساءة للخبير لكن وصلنا لمرحلة يجب أن يكون هناك جزاء لمن يقدم تقريراً بصورة غير لائقة أو يماطل في التقديم.
وتطرق الكواري إلى تعاقد المجلس الأعلى للقضاء مع مؤسسة وطنية وهي المكتب الاستراتيجي الأمثل للاستشارات لبدء تقيم ما تم تنفيذه من استراتيجية المجلس، بصورة دورية لتحديد مراكز النجاح والإخفاق، التي تستلهم التصحيح لمواكبة طريق التطور، ومن خلال تقييم الأداء سيتأكد مدى انضباط السلطة القضائية من حيث العمر الزمني للفصل في الدعاوى، ونظام الجلسات والعمل القضائي وإدارته للجلسات. وتقوم المؤسسة بدراسة علمية لكيفية التعاطي مع كل قضية، وإعطاء صورة واضحة عن طبيعة سير القضية.