بقلم - د.عبدالعزيز العجمان:



إن اللعب بالنار إذا لم يحرق صاحبه، فإن الشرار الذي يتطاير كفيل بأن يحرقه لا محالة، لذا فإن إيران تلعب بالنار في الخليج العربي، بدءاً باليمن ودواعشها وبعض دول مجلس التعاون، كالمملكة العربية السعودية ودولة الكويت، ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، من خلال زرع الخلايا الإرهابية التي تتبنى الفكر الداعشي، المنبثق عن الفكر الإيراني لـ»ولاية الفقيه» والمستمد من نهج الخوارج المارقين من الدين، كما قال الإمام علي عليه السلام، لذلك نجد تهافت هذه الأفكار التي تحلم بالهلال الخصيب، بدءاً من العراق وسوريا ولبنان لإقامة دولة «الولي الفقيه»، وإن شئت فقل «الولي السفيه»، للعمل من أجل تصدير الثورة الإيرانية، بل «الثوارة الفارسية»، من أجل السيطرة على عقلية الشعوب ومقدراتها، لإقامة دولتهم المزعومة، ولم تعد إيران تأبه بما يعانيه الشعب الإيراني من الحصار الاقتصادي والعسكري، الذي تغذيه بعض دول الاتحاد السوفيتي سابقاً، معتمدة في ذلك على القوة العسكرية من خلال المفاعلات النووية وقوات الباسيج، التي تعد المطرقة الحديدية بالنسبة لهم، كل ذلك لم يعد محل اهتمام لدى السلطات الإيرانية، من تدني الحالة الاقتصادية والمعيشية، للشعب الإيراني بصفة عامه، والعرب المضطهدين في الأحواز بصفة خاصة، والذي تعمل إيران على طمس عروبته و ثقافته، وعزله عن الشعب العربي الذي ينتمي إلى أصوله وجذوره العربية، إن ما يعانيه الشعب الإيراني من فساد اجتماعي وأخلاقي، وانحطاط معنوي يحاصره بسبب تصرفات «ثوارة» الثورة الإيرانية، جعلت من المواطن الإيراني شخصاً منبوذاً لدى الآخرين، بسبب سياسة «الولي الفقيه»، الذي أحرجته وحاصرته، وأصبح محل شكوك أمنية تجعله من شخصه خطراً على الآخرين فكرياً وأمنياً، في حاله وإقامته بسبب الفشل الذريع الذي يحيق السياسة الإيرانية الداخلية والخارجية، الذي خسرت من أجله الكثير من مقوماتها الاقتصادية والمالية، كل ذلك لصرف أنظار الإيرانيين عما يحدث في الداخل، وإشغالهم بالقضايا الخارجية التي ليست محل اهتمام
الشعب الإيراني، حتى أصبح دخل المعلم في مدارس التعليم عندهم لا يتجاوز ثلاث مائة ريال إيراني أي ما يعادل مائة وخمسين دولاراً، لا تسد رمق أسرة المعلم في أسوء الأحوال، فضلاً عن أن الشعب الإيراني الفقير الذي يعتمد على المساعدات الخارجية، وهناك دراسة تقول أن ستة ملايين إيراني يعيشون على هذه المعونات في بلد نفطي غني بالثروة، أما الجامعيون لديهم، فهم مشردون في المجتمع بسبب تدهور الحالة الاقتصادية والعيش تحت خط الفقر بل والخوف منهم أمنياً بسبب التعليم، هكذا الحال في إيران، أما الشغل الشاغل لإيران فهو التدخلات الإرهابية في بعض دول مجلس التعاون بهدف تشكيل طابور خامس من ضعاف النفوس، وتجنيدهم من أجل زرع خلايا إرهابية داعشية، ذات صبغة خوارجية، في بعض دول مجلس التعاون، والدول المحيطة بها، حيث وصف القران الكريم هذه الأفكار الإرهابية بقولة تعالى «المرجفون في الأرض».
إلا أن ذلك لم يجد له أي تأثير يذكر على معنويات المواطن في دول مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة، والدول المستهدفة فيه كالمملكة العربية السعودية، والبحرين والكويت، والإمارات العربية المتحدة، بعد أن كشفت السلطات لديهم هذه الخلايا الإرهابية، وقابله مواطنو دول مجلس التعاون، بالرفض والاستنكار، والتفاني في صد هذه الهجمات من خلال الأجهزة الأمنية في دولهم، إن مثل هذا الفكر الداعشي المرجف لم يجد أي صدى يذكر، إلا في بعض المجتمعات الفقيرة اقتصادياً وفكرياً في العراق وسوريا واليمن، حيث عششت هذه الخلايا الداعشية المدعومة من إيران مادياً ومعنوياً وبعض الدول الكبرى التي صنعتها، وتزعم أنها تحاربها للقضاء عليها، بعد أن أصبحت تهدد أمن الخليج بصفة عامة، فكانت «عاصفة الحزم» بقيادة المملكة العربية السعودية، وبعض دول مجلس التعاون، هي المنقذ بعد الله سبحانه وتعالى لليمن الشقيق، ومطاردة فلول الإرهاب وتدمير قواته وعتاده في اليمن، لذلك لا تجد للفكر الداعشي الذي يزعم أنه إسلامي زوراً وبهتاناً، إلا لدى إيران وسياستها التوسعية، لضرب أبناء الوطن الواحد، بعضهم ببعض. ومن هنا نجد الإرجاف الإرهابي، لم يكن له أي تأثير من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية و الفكرية، على مواطني دول مجلس التعاون، سوى بعض الدول التي يتفشى فيها الفساد الاجتماعي والتدهور الاقتصادي، كـ»حزب ابليس» في جنوب لبنان، الذي يحارب جنباً إلى جنب، مع القوات السورية والإيرانية، في سوريا والعراق، وبعض عناصرهم في اليمن، أما في البحرين فالحمد لله لدينا من الحس الوطني المخلص، الرافض لما تتعرض له البحرين، من عمليات إرهابية تدعمها إيران، من أجل التدخل في شؤوننا الداخلية، فيتوالى الاستنكار والرفض والشجب، من مختلف مكونات الشعب البحريني الواحد، من خلال المنابر الدينية والسياسية والشعبية، والاجتماعية ووسائل التواصل الاجتماعي، بالرفض التام وبصوت واحد، إننا نرفض هذه التدخلات الإيرانية السافرة، التي تهدف إلى زعزعة الأمن الداخلي، وبث روح الفرقة بين أبناء المواطنين، فجاء الرفض التام والعام لمثل هذه التدخلات السياسية، سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية، بل أصبح منبوذاً لدى الحس الوطني بكل قوة، وليس أدل على ذلك سوى الاستنكار الشعبي العريض من مختلف مكونات الشعب البحريني الواحد من خلال المنابر الدينية، والسياسية، والشعبية، والوثائق التي وقع عليها الجميع بالرفض التام، لمثل هذه التدخلات السياسية، التي تهدف إلى تفكيك الوحدة الوطنية، مما جعل الشعب البحريني يزداد صلابة وقوة والتفافاً حول القيادة الوطنية والشرعية في ظل المشروع الإصلاحي الذي يقوده جلالة الملك المفدى.
إن الموقف الوطني البحريني لا يمكن المزايدة عليه، بأي شكل من الأشكال، خاصة في ظل الأزمات التي يمر بها، لأن معدنه الأصيل ومقوماته الثقافية، والحضارية، فضلاً عن إيمانه بعقيدته وقيادته، ترفض بشكل قاطع كل ما يمر به، من اعتداءات، وتدخلات إيرانية، لا يمكن لها بأي شكل من الأشكال، أن تزحزحه عن مبادئه، وقوميته، ودينه، ووحدته الاجتماعية، فالرهان على دول الخليج من قبل إيران، رهان خاسر فاشل، لا يعود عليها، إلا بنبذها سياسياً ومحاصرتها اقتصادياً، مما يجعلها معرضة للانفجار الشعبي لدى الإيرانيين بسبب الحالة الاقتصادية، وتدهور الحالة الاجتماعية، التي يعانون منها، بسبب استنزاف أمواله وثروته وإنفاقها على الخلايا السياسية والعسكرية في الخارج من أجل تصدير الثورة، لذا على إيران التي اتخذت من شخصيتها الاعتبارية، «جمهورية إيران الإسلامية»، أن تدرك أن هذا المسمى الإسلامي السياسي الذي تعرف به لا تمت بأفعالها من خلاله للإسلام بأي صلة تذكر أو تشكر، لقد شوهت سمعة الإسلام بانتسابها إليه إسلامياً وعالمياً، مما جعل الإسلام الإيراني «تحوم حوله علامة استفهام كبرى» بسبب توجهاتها، فلا يعقل أن يكون الإسلام الذي يعرف بالتسامح ومحبة الآخرين، القائم على التوحيد والمحبة والسلام، والتعامل والتكامل، والاندماج مع الآخرين في مصلحة مشتركة تعم الجميع، يكون ذات نهج دموي، وفكر متطرف لا يتسم إلا مع شاكلته من المارقين من الدين، بعد أن عمدت إيران إلى تشويه مبادئه السمحة وأخلاقه النبيلة، بهذه التصرفات الإرهابية المرجفة، التي تفرضها على أتباعها من أجل خلق الطابور الخامس، الذي مهمته زعزعة الأمن والاستقرار في بعض دول مجلس التعاون المشار إليها، وزرع الخلايا الإرهابية، وإشاعة الفوضى من أجل التدخل في السياسة الداخلية والخارجية، لدى بعض دول مجلس التعاون، إن إشاعة روح الإرهاب والإرجاف لدى المواطنين في بعض دول مجلس التعاون، هدفهُ استغلال التجمعات الدينية، أثناء أداء الصلاة، لتفجير دور العبادة، والقيام بالتصفية الجسدية، وبث روح الإرجاف الذي حذر منهُ القرآن الكريم، كما حصل في مساجد الله تعالى بالكويت، والمملكة العربية السعودية.
ومن هنا تعمل خلايا النظام الإيراني، من خلال الحرس الثوري وقوات الباسيج على زعزعة الأمن والاستقرار في بعض دول مجلس التعاون، والمحيط العربي بصفة عامة.
إن الإسلام بريء مما ينسب إليه عقائدياً و فكرياً وسياسياً، وتدخلاً عسكرياً، إن الإسلام يأمر بمحاربة هذه التوجهات، بالحكمة والموعظة الحسنة، وإن لم يجدِ ذلك، فالقوة كفيلة بذلك للضرب على يد من يقوم بها حماية للأبرياء، وأهل الذمة والآمنين، ممن تربطنا بهم مصالح سياسية واقتصادية وثقافية، في مجتمعات هذه الدول، لذلك لم تجدِ العاصفة الإيرانية التي تجر ذيولها الإرهابية المرجفة، إلا أن يتطاير شرارها وتشتعل نيرانها على اللاعبين بالنار وليس أدل على ذلك إلا انتفاضة إخواننا العرب في الأحواز بين الحين والآخر بعد أن وجدوا من الدول العربية الشقيقة، من يتبنى هذه المأساة الدرامية في المحافل الدولية، وإسماع صوت الشعب العربي في الأحواز للعالم الذي يردد كفانا ظلماً وقهراً وتشريداً وقتلاً لا محالة، ولذلك لم يعد اتفاقها مع الغرب حول المفاعلات النووية، حائلاً من تدخلاتها السافرة في سيادة دول المنطقة بالقوة، فإن هذه المفاعلات النووية، سوف تعود عليها بالدمار الشامل، في المستقبل القريب، ذلك إن مثل هذه القوة التي تعتد بها إيران وتفخر بامتلاكها، ينطبق عليها قوله تعالى: «كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً». بسبب تصرفاتها الرعناء، ودواعشها البغضاء، فغير بعيد على الله تعالى أن تتهافت قوتها في يوم من الأيام، وتكون عبرة للآخرين.
كما قال تعالى: «وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت».
اللهم اشغل إيران بنفسها واجعل تدبيرها تدميرها، واحفظ اللهم بحفظك البحرين ودول الجوار من شرها وسوء عملها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
* عضو مجلس الشورى