لندن - (وكالات): ركزت بعض العناوين الرئيسة لأبرز الصحف البريطانية أمس على تزايد حدة الجدل بشأن حظر البوركيني «لباس البحر للمرأة المسلمة» وتداعيات ذلك على فرنسا بعد إجبار الشرطة الفرنسية امرأة على خلعه أثناء جلوسها على أحد شواطئ مدينة نيس، الأمر الذي يكشف نفاق علمانية الدولة. وينظر مجلس الدولة في فرنسا أعلى سلطة قضائية إدارية في البلاد، في قضية حظر «البوركيني» على شواطئ مدن عدة ما يثير الجدل في فرنسا والخارج ويكشف خلافات حادة داخل السلطة التنفيذية واليسار الحاكم.
وبعد آخر فصول الجدل المتكرر حول مكانة الإسلام في فرنسا، يلتئم مجلس الدولة ليحدد في خلال 48 ساعة إطاراً قانونياً مرتقباً جداً لاسيما وأن سيدة مسلمة على الأقل تعرضت لمحضر مخالفة بسبب ارتدائها الحجاب على الشاطئ.
ويمنع القانون الفرنسي على كل أراضي فرنسا إخفاء الوجه في الأماكن العامة ووضع رموز أو ارتداء ملابس تدل على انتماء ديني في المدارس الحكومية.
من جانبها، انتقدت صحيفة «الغارديان» في مستهل افتتاحيتها التحرر الذي تتشدق به فرنسا عندما أجبر 4 من رجال الشرطة امرأة مسلمة ترتدي البوركيني على خلعه أثناء جلوسها على شاطئ بمدينة نيس.
وقالت إن الصور التي تم تداولها للمرأة وهي تخلع زيها تكشف أن ادعاء الدفاع عن حقوق المرأة غير صحيح، مثل الأسباب التي يقدمها السياسيون الآخرون تأييداً لإجراءات الحظر، وأن هذه الصور القبيحة والسخيفة تسلط الضوء على عدم توافق عميق بين المثل العليا المعلنة وعواقبها والتهديد المتخيل للمجتمع الوطني من خلال مشهد رجال الشرطة المدججين بالسلاح وهم يواجهون المرأة وهي تتشمس.
وعقبت الصحيفة بأن القيم الفرنسية التي يدافعون عنها غير واضحة المعالم، فليس من التحرر ولا المساواة ولا الأخوة أن تواجه النساء اللائي يرغبن في ارتداء البوركيني «أو على ما يبدو الحجاب والملابس الفضفاضة» بخيار بين لباس يشعرن بأنه مناسب أو مغادرة المكان العام الذي يتواجدن فيه.
وختمت الصحيفة بالتأكيد على ضرورة الدفاع عن حق المرأة في اللباس الذي يلائمها ويشعرها بالراحة ضد أولئك الذين يجبرونها على التغطية أو التعري، لأن جسم يخصها.
وفي الصحيفة ذاتها علقت عاهدة زانيتي، المصممة الأسترالية التي اخترعت البوركيني، بأن ما دفعها لابتكاره في أوائل عام 2004 هو إعطاء المرأة الحرية وليس تجريدها منها، وقالت إن البوركيني لا يرمز إلى الإسلام بقدر ما يرمز إلى الترفيه والسعادة واللياقة البدنية والصحة.
وتساءلت مستهجنة: من أفضل إذن في هذه المعادلة، حركة طالبان أم السياسيون الفرنسيون؟
وأضافت أنها أرادت من ابتكارها هذا أن تفعل شيئاً إيجابياً، وأن يتمكن أي شخص من ارتدائه مسلماً كان أو مسيحياً أو يهودياً أو هندوسياً، وأنه مجرد ثوب يتناسب مع شخص متواضع أو شخص ما مصاب بسرطان الجلد أو أم جديدة لا تريد ارتداء البكيني.
وفي زاوية أخرى بصحيفة «الغارديان» أيضاً كتبت إيمان عمراني -وهي صحفية بريطانية من أصل جزائري- أن حظر فرنسا البوركيني يكشف نفاق علمانية الدولة. وقالت إن الدولة الفرنسية تفترض أن العلمانية تعني المساواة، لكنها لا تراعيها، وهذا التضييق الشرطي على مواطنيها المسلمين يتعارض مع حرية التعبير التي لها قصب السبق فيه.
أما افتتاحية «الإندبندنت» فقد لخصت حظر فرنسا البوركيني بأنه سيثير العنف والانقسام المجتمعي، ورأت أنه إذا كان هدف الإرهابيين الذين أزهقوا أرواح الكثير من الأبرياء في باريس ونيس وفي أماكن أخرى هو إثارة الكراهية والصراع فإن السلطات الفرنسية بتصرفها هذا قد حققت لهم أكثر من طموحاتهم.
وفي افتتاحيتها أيضاً، علقت «التايمز» بأن محاولات الفرنسيين تعرية النساء المسلمات على الشواطئ فعل خاطئ، وقالت إن شواطئ جنوب فرنسا اعتادت الاشتعال غضباً من مشاهد العري، والآن في عالم انقلب بسبب الخوف من الإرهاب أصبحت الملابس الكاملة هي المثيرة للاستفزاز.
ورأت الصحيفة أن مشهد إرغام 4 رجال من الشرطة الفرنسية امرأة على خلع البوركيني هو دلالة على أكثر من مجرد تغير الأخلاق، فهو يظهر كيف يمكن للدولة العلمانية أن تدمر نفسها.
وأضافت أنه ليست مهمة الدولة فرض قواعد للباس البحر، لكن يبدو أنها تسير إلى أبعد من ذلك، حيث يستعد نيكولاي ساركوزي للانتخابات الرئاسية باقتراح حظر صريح للحجاب في الجامعات.
وقالت الصحيفة إن هذا من شأنه أن يجبر النساء اللائي تربين على اعتبار الحجاب رمزاً للأنوثة على الاختيار بين احترام القانون وتقاليدهن الأسرية، وأن هذا الدمج الإجباري سيثير الغضب والانقسام في نهاية المطاف.