عواصم - (وكالات): كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس أن الأمم المتحدة منحت عقوداً بعشرات ملايين الدولارات لمنظمات أو أفراد مقربين من رئيس النظام السوري بشار الأسد بهدف القيام بمهمتها الإنسانية، وذلك رغم العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنها دققت في مئات العقود التي أبرمتها الأمم المتحدة منذ 2011 وبدء النزاع الذي لأوقع أكثر من 290 ألف قتيل، بينما قالت تركيا إن طائرات التحالف الدولي قصفت موقعين لتنظيم الدولة «داعش» في منطقة جرابلس السورية الحدودية، كما قصفت المدفعية التركية مواقع لتنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية في ريفي جرابلس ومنبج، في حين يخوض الجيش السوري الحر اشتباكات مع القوات الكردية في ضواحي منبج الشمالية. في غضون ذلك، أكد مقاتلون سوريون مدعومون من الأكراد التوصل إلى اتفاق مع تركيا برعاية الولايات المتحدة ينص على وقف إطلاق النار شمال سوريا لمدة غير محددة، الأمر الذي نفته مصادر عسكرية تركية مؤكدة أن الجيش التركي لم يتفق على أي وقف لإطلاق النار مع المقاتلين الأكراد شمال سوريا.
وفي وقت سابق، صرح المتحدث باسم القيادة الأمريكية الوسطى الكولونيل جون توماس أن القوات التركية والمقاتلين الأكراد شمال سوريا توصلوا إلى «اتفاق غير رسمي» لوقف القتال بينهما.
في غضون ذلك، أسقطت الغارات الروسية 7 قتلى و35 جريحاً في مدينة معرة مصرين بريف إدلب، بينما تتواصل المعارك بين قوات النظام والمعارضة المسلحة في جنوب حلب وريفها وشمال حماة، مما تسبب في نزوح عشرات الآلاف من سكان بلدات حلفايا والمصاصنة والبويضة إلى ريف إدلب.
وفي وقت لاحق، أعلن «داعش» في بيان مقتل المتحدث باسمه أبو محمد العدناني في حلب شمال البلاد أثناء «تفقده العمليات العسكرية»، وفق ما أفاد التنظيم في بيان. وبحسب صحيفة «الغارديان» فإن العديد من العقود وقعت رغم فرض عقوبات أوروبية أو أمريكية على المستفيدين منها.
وفي جنيف أكد متحدثون باسم الأمم المتحدة «العمل مع كافة أطراف النزاع» لأن المنظمة الدولية تعمل «في كل الأزمات». وقال المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ينس لاركي أنه إذا لم يتم قبول واقع أن الحكومة السورية تقرر ما هي الجهات التي يمكن أن تتعامل معها الأمم المتحدة، «فوكالات الأمم المتحدة لا تستطيع إنقاذ هذا القدر من الأرواح البشرية، كما تفعل حالياً بنقل مساعدات» أساسية لسكان البلاد. وبحسب الغارديان صرفت الأمم المتحدة أكثر من 13 مليون دولار للحكومة السورية لتنمية الزراعة رغم حظر الاتحاد الأوروبي التجارة مع الوزارات المعنية بهذه المساعدات. من جهتها أنفقت منظمة الصحة العالمية أكثر من 5 ملايين دولار لدعم بنك الدم الوطني السوري التابع لوزارة الدفاع السورية.
وفي هذا الشأن،أكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية في جنيف أن الوكالة «لا تعمل مباشرة مع وزارة الدفاع»، مضيفاً «إن منظمة الصحة وزعت أكياساً من الدم لبنك الدم السوري بواسطة وزارتي الصحة والتعليم العالي». وأضافت الصحيفة البريطانية أن وكالتين في الأمم المتحدة شريكتان لمنظمة «سيريا تراست تشاريتي» التي تترأسها زوجة الرئيس السوري، أسماء، بمستوى 8.5 مليون دولار. من جهتها دفعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» 268 ألف دولار لمنظمة البستان الخيرية التي يديرها رامي مخلوف، قريب الأسد الثري الذي فرضت عليه عقوبات.
ورداً على سؤال للصحيفة قال مسؤولون في الأمم المتحدة أنه بسبب عنف النزاع وشدة تعقيده فإن اختيار الشركاء لتلبية الحاجات الإنسانية الملحة للشعب «محدود». ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم الأمم المتحدة «عندما يكون علينا الاختيار بين تقديم سلع أو خدمات عبر مؤسسات قد تكون مرتبطة بالحكومة أو ترك مدنيين دون مساعدة حيوية هم بأمس الحاجة إليها فالخيار واضح : واجبنا يقضي بمساعدة المدنيين». وأكد مسؤول أممي آخر أن الوضع سبب إحراجاً داخل عدة وكالات للأمم المتحدة قلقة من هيمنة النظام السوري على توزيع المساعدات الإنسانية.
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده ستواصل الحرب ضد كل الجماعات الإرهابية في إطار حكم القانون وإن الجيش التركي يزداد قوة وفاعلية مع القضاء على «الخونة» بعد انقلاب عسكري فاشل. وفي وقت سابق، أكد مقاتلون سوريون مدعومون من الأكراد التوصل إلى اتفاق مع تركيا برعاية الولايات المتحدة ينص على وقف إطلاق النار شمال سوريا لمدة غير محددة. وقال المتحدث باسم مجلس جرابلس العسكري المدعوم من قوات سوريا الديمقراطية علي حجو «تم الاتفاق بيننا وبين الدولة التركية على وقف إطلاق النار عن طريق الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد «داعش»» جنوب جرابلس في محافظة حلب. وتعد وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية التي نجحت في طرد «داعش» من مناطق عدة شمال وشمال شرق سوريا بدعم أمريكي. وتبذل الولايات المتحدة جهوداً حثيثة لتجنب تصعيد اعمال العنف بين القوات التركية والمقاتلين المدعومين من الأكراد إثر اشتباكات غير مسبوقة بينهما. والطرفان مدعومان من الولايات المتحدة كما أن تركيا حليف أساس ضمن حلف شمال الأطلسي. وبدأ الجيش التركي وفصائل سورية معارضة تدعمها أنقرة عملية «درع الفرات» العسكرية شمال سوريا فجر الأربعاء الماضي تستهدف «داعش» والمقاتلين الأكراد على حد سواء. وبعد ساعات على بدء الهجوم، تمكنوا من السيطرة على مدينة جرابلس، التي كانت تعد أحد آخر معقلين متبقيين لـ «داعش» في محافظة حلب. كما سيطروا في الأيام الأخيرة على عشرات القرى جنوب جرابلس، معظمها كانت تحت سيطرة مقاتلين محليين مدعومين من الأكراد.
وقالت مصادر عسكرية تركية إن الجيش التركي لم يتفق على أي وقف لإطلاق النار مع المقاتلين الأكراد شمال سوريا. يأتي على صعيد آخر قالت وزارة الخارجية التركية في بيان إن عملية الجيش التركي في سوريا ستستمر حتى تزول كل التهديدات العسكرية للأمن التركي. وأضافت أن التصريحات الصادرة من الولايات المتحدة التي تسعى لتهدئة التصعيد بين القوات التي تدعمها تركيا والمقاتلين الأكراد وبشأن هدف التحركات التركية هي تصريحات غير مقبولة. وأكدت أن أنقرة تتوقع تنفيذ تعهد من جانب الولايات المتحدة بأن يظل المقاتلون الأكراد إلى الشرق من نهر الفرات.