في زمن يقال إنه ربيع الأمة العربية، بعد خريف عاشته وشتاء قاسته، وصيف عانته أمم في ظل بعض القيادات، أفتخر وأقول: لم نكن يوماً نعيش في البحرين إلا ربيعاً بل زهور الربيع، وبخاصة السنوات الأخيرة. فما بال قوم ما ارتضوا الربيع؟ وما قدروا الصنيع؟ فأسقطوا الحصن المنيع، ورفعوا العدو الشنيع الوضيع.
أقول للجميع: يعجبني وطني، وطن يزهو ربيعاً في كل فصوله، يعجبني وطني زهره وشجره، هواؤه وبحره، يعجبني في وطني صباحه الوضاح، وليله ونجمه الوضاء. يعجبني في وطني أنه وطني، أرضه فراشي، وسماؤه غطائي، أرضه أم حملتني، بين جنباتها ضمتني من خيراتها وأرضعتني، وروتني، بالعزة والكرامة ربتني، فاليوم أحمل وطناً هو لي أم في صميم القلب، وأرفعه عزيزاً على رأسي، وأفديه بالنفيس وعزيز النفس.
يعجبني في وطني أم أرضعت وليدها حب الوطن، وغرست فيه الاعتدال والدين وحب القيم. يعجبني في وطني شباب واع بأخلاقه عال، لدينه داع، عن التعصب نائ، لوطنه حام.
يعجبني في وطني زهرات في ربيع العمر هن ذخر لخريف العمر، متبرجات بفضائل الأخلاق، وليس بالخدود والشفاه الحمر. يعجبني في وطني رجال هم عين الشرف، بيض الوجوه والصحائف، سمر السواعد، يبذلونه في حب الوطن والروح وحمر الدماء. يعجبني في وطني معلم جاهد في سبيل العلم مجاهداً منادياً أن: يا أبنائي ليس لكم إلا رباً واحداً، ووطناً واحداً. يعجبني في وطني طبيباً حكيماً مخلصاً رحيماً، تستأمنه نفسك وعيالك وجيبك فيأمنك.
يعجبني في وطني كل مسؤول عاملاً، وكل عامل مسؤولاً، دستوره إتقان الأعمال، بتفان في الأداء وحسن الأخلاق.
يعجبني في وطني مواطن حر أبي، مخلص شريف، ساع للوحدة، نابذ للفرقة، درع قوي في وجه كل دخيل يستهدف الوطن بسهام الفتنه والغدر، متعاون مع قيادته في سعي لإصلاح وطنه، مواطن حق له هذا الوطن، ووطن حق له هذا المواطن. يعجبني في وطني شعب حر، انتظم درراً في عقد ما انفرط يوماً، شعب أحب الوطن، فأخلص العهد وأوفى الوعد، وأرخص النفس فداء للوطن، وأبى لنفسه إلا الحرية والكرامة طريقاً ودرباً.
يعجبني في وطني حاكم، عطوف، أب حنون، طيب لبلده وشعبه ليس خؤوناً. يعجبني في وطني حمد، لشعبه سند، محب لوطنه أبداً، ارتضاه الشعب قائداً، فأبى إلا أن يكون والداً، بالحنو وطيب القلب خالداً. إننا قد لا نرى ولا نقدر نعمة بين أيدينا، ولكن مما لا شك فيه أنك إن رأيتها عند أخيك فستعرف أنها نعمة، وكذلك إن رأيت أخاك محروماً منها، فستستشعر عظمتها وهي عندك. فكم من بلاد تعرت، خفاياها انكشفت، وأقنعة سقطت عن قيادات وأفراد، عن رؤوس وأذناب، أقنعة سترت خلفها وحوشاً، كائنات لا أجد لها وصفاً.
أفلا ندرك النعمة التي وهبنا إياها؟ ألا نستشعر الرحمة الإلهية التي شملتنا بقيادة أبوية لا بقيادة دموية؟؟ أفلا نشكر الله على أمن وخير ونعمة نحسد عليها، فيزدنا؟؟ ألا نعي بقلوب خيرة وعقول نيرة، أننا في ربيع دائم؟ فنكون في شكر دائم.
صالح بن علي