الرياض، الخبر - (رويترز): على الرغم من أن عطلة عيد الأضحى السنوية بالنسبة للمواطن السعودي العادي تكون فترة للإنفاق على الملابس الجديدة والزينة والسفر، فإن عُطلة عيد الأضحى هذا العام - التي ستكون بين يومي 12 و15 سبتمبر - ستكون على الأرجح الأكثر تقشفاً خلال أكثر من 10 سنوات شهدت خلالها المملكة طفرة نفطية.
فهبوط أسعار النفط يجبر حكومة أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم على خفض النفقات للحد من عجز الميزانية والذي بلغ حداً قياسياً سجل 98 مليار دولار في العام الماضي.
وفي محاولة لتمويل عجز الموازنة تبنت الحكومة السعودية أواخر 2015 إجراءات شملت خفض الإنفاق الحكومي وخفض الدعم لأسعار الطاقة. ومؤخراً بدأت هذه الإجراءات في الانتشار إلى عدد من القطاعات داخل الاقتصاد وأدت لانخفاض الدخل القابل للإنفاق لدى الأسر وأحدثت ضغوطاً على مستويات المعيشة لدى العديد من المواطنين في المملكة.
وخلال العقد الماضي انتهج الكثير من السعوديين نمط حياة أكثر حداثة انعكس على عاداتهم الاستهلاكية فكان من الطبيعي أن يمتلك السعوديون أكثر من هاتف جوال وأن يحرصوا على شراء أحدث أجهزة التكنولوجيا والملابس وأن يسافروا عدة مرات في العام. وألقت تلك الإجراءات بثقلها على مستويات معيشة السعوديين العاديين.
وأحدث تراجع إنفاق المستهلكين ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد الكلي. وتراجع نمو القطاع غير النفطي في المملكة 0.7 % على أساس سنوي في الربع الأول من العام وهو أسوأ أداء في 5 سنوات على الأقل.
وانخفضت قيمة واردات المملكة 24 % في يونيو الماضي عن مستواها قبل عام وبينما يعزى الانخفاض إلى تراجع المشتريات الخاصة بالمعدات للمشروعات الحكومية إلا أنه قد يعود كذلك إلى انخفاض واردات السلع الاستهلاكية.
ويبلغ معدل البطالة الرسمي بين السعوديين 11.5 %. ولذلك كان الوافدون البالغ عددهم نحو 10 ملايين هم الأكثر عرضة لفقدان الوظائف. ومع ذلك تأثر السعوديون العاملون في القطاع الحكومي - الذي يوظف نحو ثلثي المواطنين العاملين - من تبني تدابير تقشفية شملت خفض العلاوات والبدلات التي كانت ينظر لها فيما مضى على أنها دخل إضافي روتيني.
وقال الاقتصادي السعودي عصام الزامل إن تلك البدلات التي تمثل ما يصل إلى 30 % من دخل المواطنين العاملين بالقطاع الحكومي تقلصت بشكل ملحوظ وهو ما جعل الكثيرين يشعرون بانخفاض كبير في دخولهم وبالتالي يخفضون النفقات.
وعلاوة على ذلك رفعت الحكومة أسعار البنزين والطاقة لتوفير الأموال التي تنفق على الدعم وهو ما دفع معدل التضخم للارتفاع تقريباً لمثلي مستواه مسجلاً نحو 4 %. ويبدو التوجه لربط الأحزمة وخفض النفقات جليا في مراكز التسوق والمطاعم في الرياض وجدة والمنطقة الشرقية المنتجة للنفط. وانعكس تراجع إنفاق المستهلكين على نتائج الشركات العاملة في قطاع التجزئة. ولا يتوقع كثيرون ارتداداً قوياً لإنفاق المستهلكين إذ إنه على الرغم من إجراءات التقشف من المتوقع أن تسجل المملكة عجزاً في الميزانية يبلغ عشرات المليارات من الدولارات هذا العام وقال مسؤولون إن المزيد من إجراءات خفض الدعم لا تزال قيد الدراسة. وفي 2018 تعتزم الحكومة تطبيق ضريبة القيمة المضافة عند معدل 5 % على الأرجح وسيجري إعفاء بعض السلع مثل الأطعمة من الضريبة. ويبدو أن أغلب السعوديين يتقبلون فكرة أن هبوط أسعار النفط يجعل إجراءات التقشف أمراً لا يمكن تفاديه.