قال تعالى: «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً» وقال جل من قائل: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً».
منذ أن استخلف الله سبحانه أبانا آدم وأمنا حواء الأرض وحتى الآن وما سيأتي من سنين، الاستخلاف في الأرض سيبقى في نسليهما –أعني ذرية آدم وحواء عليهما السلام-، لكن فيمن؟.... في الذين قال الخالق فيهم: «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض..» إلى آخر الآية الكريمة – النور 55
والاستخلاف شامل في المؤمنين الصالحين الوارثين الفردوس الأعلى، وبالحصر في رأس الدولة، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكل راعٍ مسؤول عن رعيته».
عائلة كانو الكرام، رحمة الله تعالى على أبيهم الأكبر الطيب الذكر يوسف بن أحمد كانو، لم يؤسس شركة اقتصادية كبيرة يشار إليها بالبنان رائدها الكسب لنفع ذاته فقط- والكسب الحلال مشروع- بل أسس جامعة تخرج فيها شباب كثر في مجالات شتى المعرفة، وهذه الجامعة غذت السوق بخريجيها، وملؤوا وشغلوا شركات كثيرة في البحرين وفي السعودية ودول خليجية عدة بقيادة أبناء وأحفاد وآل المؤسس الفذ، منهم على سبيل المثال وليس الحصر، إبن الخال السيد إبراهيم عبدالله مبارك الدوسري، المسؤول عن أعمال النجارة والصيانة في شركة يوسف أحمد كانو الأم، ثم انتقل الى الديوان الأميري سابقاً حتى تقاعده، والمرحوم الوجيه محمد سلمان الجاسم الذي تولى إدارة أعمال مؤسسة كانو في ميناء الجبيل بالسعودية ومن ثم تقلد منصباً رفيعاً في الشؤون المالية بالديوان الأميري في عهد أميرنا الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة مثواه الفردوس الأعلى، والأستاذ مبارك العطوي الوفي الذي قال في الفقيد: «الوجيه الصديق المعلم الأخ عبدالعزيز جاسم كانو كان له الصدى والأثر بالمحبة التي تمتلكها الثقة والاعتزاز بالنفس والإيمان بالله عز وجل»، و الذي تولى منصباً رفيعاً بوزارة الإعلام في فترةً من الفترات، وسعادة الأستاذ الأمين يوسف المحميد سفير الأعمال الخيرية لكانو في كل حدب وصوب. وقد غرس المؤسس في وجدان أبنائه وأحفاده وأهله حب الخير والعمل الدؤوب والإخلاص فيه والخلق القويم. أذكر، عندما شرعت مؤسسة يوسف بن أحمد كانو بتأسيس شركة تصليح السفن والهندسة، لم تجعلها وقفاً وحصراً على العائلة، بل شركة مساهمة بحرينية، قيمة السهم بعشرة دنانير وكان المؤسس، يحث ويدعو الموظفين في الشركة الأم بالاكتتاب فيها، ضماناً لمستقبلهم ومستقبل أبنائهم، وفعلاً نجحت هذه الشركة المساهمة نجاحاً كبيراً، وكانت لبنة من لبنات الاقتصاد الصناعي البحريني المزدهر.
وجميع آل كانو من أعمام وإخوان وأبناء وأحفاد، اتخذوا من المؤسس مثالاً في البذل والعطاء لوجه الله تعالى، وكانوا جميعاً اليد الطولى التي ساهمت في مشاريع كبرى ذات عطاء إنساني عام، جنباً إلى جنب مع حكومة المملكة الموقرة، مثل بناء بيوت الله، والمراكز الصحية، ومساندة الشباب والحركة الرياضية، ومد يد العون إلى الجمعيات الخيرية والمحتاجين، وتأسيس الصروح الاقتصادية ذات المردود المالي الوفير، والشركات الصناعية والتحويلية والمراكز الثقافية والفنادق والبنى التحتية والمدارس والجامعات التي أوجدت فرصاً لعمل المئات بل الألوف من الشباب البحريني والعمالة الرديفة من الخارج، عائلة كانو عائلة بارك الله فيها وعليها لحسن نواياهم.
يوم وفاة الوجيه المغفور له السيد عبدالعزيز جاسم كانو، كان مليكنا المفدى على رأس المعزين، بل أول المعزين، وعلى رأس المؤبنين وبمعيته صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء حفظهم الله تعالى، اعترافاً بجمائل صنائع هذا الرجل الكريم وأجداده وآبائه وإخوانه وعمومته وأحفادهم.
الفقيد الغالي عبدالعزيز جاسم كانو، أنت عزيز في حياتك ومماتك، ويوم توديعك، ويوم بعثك بمشيئة الله تعالى: «فإن الله لا يضيع أجر المحسنين» والعشم أن يواصل أبناؤه وذووه العمل الصالح الذي قام به.
وتخليداً لذكراه العطرة، أقترح تسمية شارع مهم في العاصمة باسمه الخالد، أو تسمية صرح علمي يذكر الأجيال القادمة بعطاء هذا الرجل وأسرته الكريمة، تغمد الله الفقيد بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
يوسف محمد بوزيد
مؤسس نادي اللؤلؤ سابقاً
وعضو مجلس بلدي سابق