حج بيت الله الحرام عبادة عظيمة جمعت بين الجانب القلبي والبدني والقولي والمالي، وهي شعيرة كبرى تظهر مدى عظمة دين الإسلام، ومدى تماسكه وترابطه وقوته، ومدى صدق وتضحية أبنائه في سبيل تحقيق هذه العبادة وتعظيمهم لها: «ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القُلوب».
شعيرة يتوافد إليها ملايين البشر في تلك الجبال والوديان والسهول من بلاد مكة المكرمة، ليس لشيء سوى تلبية لنداء الخالق وأداء لحقه سبحانه: «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً». ولا شك ولا ريب أن توجه الملايين إلى تلك البقاع يحتاج إلى جهد كبير وتضحية وبذل ليس باليسير، وهذا ما قامت به المملكة العربية السعودية بالفعل؛ تلك البلاد العظيمة التي أعزها الله بالتوحيد ورفع شأنها بخدمة دينه المجيد، بذلت الغالي والنفيس؛ ذللت الصعاب وشقت المرتفعات والهضاب، ورصصت الطرق في الذهاب والإياب، وجهزت المساكن في مختلف الوديان والشعاب، ووضعت الإشارات والعلامات، وشددت الحماية والحراسات، هيئت جنوداً ومرشدين وموجهين ومعلمين ومترجمين، ومن ذهب وشاهد يقف في حيرة من أمره أمام تلك المشاريع الضخمة التي تغلبت على تلك المشقة عندما كانت تعتري الحجاج في زمن لم يكن يصل تعدادهم إلى عشرة آلاف! وأصبحت اليوم تستقبل الملايين في تلك الجبال التي لو كانت عند الدول المتقدمة لـمنع البشر من الذهاب إليها، ولما أُتيح لهذا العدد الهائل بالإقبال نحوها، لكنَّ عزم وإصرار وصبر بلاد الحرمين وحكامها وأبنائها وحبهم الخير للمسلمين جعلهم يبذلون مثل هذا.
إن الواجب على كل مسلم في شتى بقاع الدنيا أن يقدم الشكر والثناء والدعاء لهذه الدولة المباركة، التي تتحمل العناء من أجل راحة المسلمين من حجاج ومعتمرين وزائرين على مدار العام، فواجب دعمها وواجب شكرها ورد الجميل لها، فمن الآداب والتوجيهات النبوية: «من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه»، ومما قاله صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة -حفظه الله تعالى-: «واجب على كل مسلم أن يدعم إجراءات السعودية في رعاية مقدسات المسلمين وتوفير الأمن للحجاج».
المملكة العربية السعودية بلد مبارك، عم خيره أرجاء الدنيا، وما من مسلم في العالم إلا وللسعودية عليه فضل ومنة شعر أم لم يشعر، جهدٌ جبار، وعمل دؤوب، ورجال أوفياء فيما نحسب، يقدمون أنفسهم دون المسلمين ومقدساتهم، ولا يكن العداوة وينقم على المملكة العربية السعودية وعلمائها وأبنائها إلا حسود حقود خادم للأعداء، ساعٍ لإثارة الفتن والفوضى، ناكر للجميل، من ذوي العقائد الغادرة أو المطامع الفاجرة أو الأحكام الجائرة، ولو وُكل مثل هؤلاء الحساد لإدارة مدرسة أو أقل من ذلك لما استطاعوا، فكيف بإدارة موسم حج بأكمله تهوي إليه ملايين البشر بمختلف اللغات والعادات؟!
إن نجاح المملكة العربية السعودية المستمر منذ عشرات السنين في إدارة مواسم الحج هو الذي أوغر صدور هؤلاء الحاقدين عليها، وجعلهم يسعون للتهديد والتشويه والترويع ونشر الأكاذيب التي يتسلح بها الفاشلون والجبناء عادةً على مر الأزمان.
موتوا بغيظكم أيها الحاقدون! ستظل المملكة العربية السعودية بحكامها من آل سعود -وفقهم الله- وعلمائها ورجالها بعد الله سبحانه حماة وخداماً للحرمين، وأهلاً ورموزاً للعدل والخير والإحسان «ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز».

محمد مطهر كليب