يطل علينا بعد أيام قليلة ثاني العيدين وأفضلهما بلا خلاف بين المسلمين، عيد تمتزج فرحته بأنواع من العبادات أبرزها ما التصق باسمه من إراقة الدماء تقربا لله تعالى بذبح الأضاحي، إحياءً لسنة أبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ناهيك عما يقوم به الحجاج من حلق وطواف وسعي ورمي للجمار مكبرين الله في كل ذلك، ولكن... وما أدراك ما بعد لكن؛ يوافق عيد الأضحى هذا العام تاريخ 11 من سبتمبر، وهو نفس اليوم الذي اشتمل على أحداث مؤلمة حول العالم: أبرزها تفجيرات برجي التجارة في نيويورك، الذين بسقوطهما تسلطت قوى الغرب على المسلمين في كل مكان بحثاً عن أفعى سامة تسمى تارة «تنظيم القاعدة» وتارة «جبهة النصرة» وتارة «داعش» وغيرها من الأسماء «تعددت الأسماء والشر واحد»، مما أدى إلى سقوط آلاف بالملايين الأبرياء ممن لا يملكون حولاً ولا قوةً في مواجهة الإرهاب بشقيه الغربي والداعشي، في مشاهد تبكي من هولها الحجارة.
وليس بعيداً عن هذا وذاك: سقطت بغداد كلها في يد الصفويين في عيد الأضحى! فلا أكاد أنسى مشهد الحجيج وقد رجعوا من مزدلفة إلى منى بعد يوم شاق وليلة عصيبة إلا وتفاجأوا بخبر إعدام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين صبيحة يوم النحر! الأمر الذي كان بمثابة المسمار الأخير في نعش العراق الجريح! ثلاث أحداث رئيسة وغيرها كثير تصادف هذا اليوم، ولكن فيما ذكر قدر كاف لتنغيص الفرحة وتكدير الخاطر فكيف بالباقي.
ولكن الحياة تمضي، بعجرها وبجرها، ومن قرأ في التاريخ وعرف تفاصيل سقوط بغداد العباسيين على يد المغول وما صاحب ذلك من أحداث مروعة، يكاد لا يصدق كيف استمرت الحياة في العراق والشام، بل كيف عادت للازدهار والتقدم، كل ذلك يبعث الأمل من جديد بأن الفجر قريب، وأن الظلمة لا محالة زائلة، وأن الظلم لن يدوم طال الزمان أو قصر، وأن غداً قطعاً سيكون أجمل.
أدام الله على بلادنا الحبيبة الأفراح والمسرات، ودمتم بالود.
أحمد يوسف صلاح الدين