أكد رجال دين أن تزامن العيد مع الأحداث والمحن والفتن يدعو عقلاء المسلمين إلى ضرورة الخروج بالأمة من هذا المأزق والوصول بها إلى بر الأمان، بتعزيز صور الوحدة بينهم وأن يتحابوا ويتناصحوا امتثالاً للدين الحنيف السمح الذي يأمر بكل خير وينهى عن كل شر.
ورفعوا التهاني والتبريكات إلى القيادة وشعب البحرين والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
من جانبه، رفع وكيل الشؤون الإسلامية د.فريد المفتاح التهاني والتبريكات لمقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، كما هنأ شعب البحرين والأمة الإسلامية بهذه المناسبة المباركة.
وقال المفتاح إن عيد الأضحى يأتي مذكراً بمواسم الخيرات التي يتفضل بها الله على عباده، كما يذكر بنعمة اجتماع الأمة وما أراده الله من وحدتها في قوله تعالى: «إن هذه أمتكم أمة واحدة».
وأضاف أن عيد الأضحى المبارك يؤكد بمضمونه وغاياته أن الإسلام دين الفرح والسرور والبهجة والتلاقي والتراحم، كما يؤكد أن الإسلام العظيم دين التآلف والتعاون، وهو دين المحبة والمودة -لا يدعو إلى كراهية ولا إلى تدابر أو تخاصم أو تشاحن- وهو بهذا دين الإنسانية العالمي الذي دعا الأطياف البشرية جميعاً إلى التعارف والرحمة وعمارة الأرض ليسعد كل البشر على وجهها.
وأكد أن الكراهية والتخاصم والتدابر أخلاق مضادة لمبادئ وغايات الإسلام، وأن الإرهاب بكل صوره وأشكاله منبوذ ومبغوض من كل دين ومن كل عرف، وأن الإسلام من كل فكر متشدد ومن كل سلوك متطرف براء، فهو الدين الذي عظم من شأن النفس البشرية وعصم الدماء وأمر بالبر والإحسان حتى مع غير المسلمين.
وقال المفتاح «إن ما تمر به الأمة في الآونة الأخيرة يدعوها أفراد أو جماعات إلى مراجعة شاملة لفكرها وسلوكها ومنهجها مع الخلق والخالق، وأن الأحداث والمحن والفتن تدعو عقلاء المسلمين إلى ضرورة الخروج بالأمة من هذا المأزق والوصول بها إلى بر الأمان».
وأضاف بأن التفاف الشعوب حول قياداتها وحكامها خير ما يعصم الله به المجتمعات والأوطان من المؤامرات والمخططات الخارجية التي تستهدف أمن الأوطان وتماسك المجتمعات وتفسد علاقات أبناء الوطن الواحد.
وأكد على أن الأمة بكل أطيافها مدعوة إلى توحيد الصفوف بعيداً عن المذهبية والطائفية ما بين أبناء البحرين وأن الخروج من جماعة الأمة شر وخطر لا يستفيد منه سوى أعداء المسلمين.
وقال إن الفئة المارقة التي شوهت صورة الإسلام والمسلمين بإرهابها وتشددها جرت على المسلمين ما وصلت إليه بعض المجتمعات من فتن ودمار، موضحاً أن الأمة بحاجة إلى كل أطيافها بشرط الإخلاص والتعاون من الجميع وألا ينفرد فصيل منها بنفسه وينزوي بفكره ويتخذ لنفسه طريقاً بعيداً عن الأهداف الجامعة لأمة الإسلام. وإن على هذا الفصيل الذي يدعي لنفسه ما ليس له ويشذ بعمله ومساره عن سائر أبناء مجتمعه أن يراجع نفسه في ضوء مبادئ الإسلام الجامعة.
وجدد وكيل الشؤون الإسلامية دعوته لسائر أطياف المجتمع البحريني بتوثيق ما درجوا عليه من عادات حميدة في العيد بالتواصل والتلاقي والتزاور وتأكيد ما بينهم من أواصر أخوية متجذرة منذ فجر التاريخ، مضيفاً أن العيد فرصة لتأكيد ما بين أبناء البحرين من وحدة وتلاحم والتفاف حول القيادة الحكيمة.
كما قال إن عيد الأضحى وموسم الحج فرصة للأمة لا ينبغي ألا تفوتها دون الاستفادة من دروسها، متمنياً للحجاج البحرينيين وغيرهم أن يوفقهم الله لأداء مناسكهم وأن يحفظهم في حلهم وترحالهم وأن يعودوا بأجر وغنيمة وأن يحفظ على بلاد الحرمين الشريفين الأمن والأمان وأن يجزي مقام المملكة العربية السعودية كل الخير على ما يقدمونه من خدمات لخدمة حجاج بيت الله الحرام.
من جانبه، لفت الشيخ صلاح الجودر إلى ما ينعم به الناس والمسلمون أجمعون بالأمن والأمان في مستهل الأيام عيد الأضحى المبارك، مؤكداً أنها نعمة كبيرة أن يهل هذا العيد وقلوب الناس مرتبطة برب العالمين، فالعيد مع ما فيه من فرح وسرور وبهجة وتوسع في المأكل والمشرب والملبس إلا أنه يتوجب على جميع الناس، في الوطن الواحد، مثل البحرين، أن يعززوا صور الوحدة الوطنية بينهم، وأن يتزاوروا ويتراحموا فيما بينهم.
وأوضح الشيخ الجودر أن العيد فرصة لمعرفة أحوال الناس والاطمئنان على صحتهم وسلامتهم، ففي العيد تفرج الهموم، وتنفس الكروب، وتمسح الأحزان، لذا فهو فرصة لوحدة الناس وتماسكهم، فيجتمع الكبير مع الصغير، والبعيد مع القريب، والمواطن مع الوافد، في صورة مجتمعية جميلة قائمة على التماسك والتلاحم، كالجسد الواحد يشد بعضه بعضاً.
وأكد الجودر أن المجتمع حين يتماسك يفوت الفرصة على أعدائه من زعزعة أمنه واستقراره، بل يفوت الفرصة على دعاة الغلو والتطرف، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغلو: (إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلَكم الغلو في الدين) صحيح سنن ابن ماجة. لذا يجب استغلال هذا العيد لتعزيز هذه الصور الإنسانية الراقية، من التسامح والتعايش، ونشر السلام، وتعزيز الوحدة الوطنية بين مكونات المجتمع البحريني المشهود له بهذه الصفات الجميلة.
وقال الشيخ يوسف حبيب إن من أعظم معاني العيد التي يرسخها كل عام في النفوس استشعار الإنسان عبوديته لربه، وخضوعه وانقياده لشرعه، فالله تعالى رسم للإنسان منهج حياته في هذه الدنيا، ليكون عبداً له سبحانه، عبداً في حال شدته ورخائه، في حال فرحه وحزنه، في حال غناه وفقره، فالمسلم في كل مناسبة مستشعر قول الله تعالى: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» وقوله تعالى: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين»، فهو حتى في مثل هذه المناسبات لا يغيب عنه أنه عبد لله، يتقرب إليه في جميع شؤونه وأحواله، فلبس الجديد، وإظهار السرور، والتوسعة على النفس والأهل والأولاد، كل ذلك من شعائر الله تعالى «ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب».
وأشار إلى ما أكدت عليه سيرة النبي من الفرحة بالعيد حيث رأى يوم العيد الحبشة يرقصون ويلعبون في يوم العيد فأقرهم، بل ودعا عائشة لتنظر إليهم وقال فيما قال: لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة أي: سعة وتيسيراً وسروراً، فمما يحسن بالمسلم أن يقصده من إظهاره مظاهر الفرح والسرور والابتهاج أن يرى العالم أن دين الإسلام دين يسر وسماحة، لا كما يوصف اليوم ظلماً وزوراً بأنه دين التشدد والتطرف والتدمير.
وأكد أن المقاصد من العيد كذلك هي توحيد المسلمين -إلى جانب توحيدهم في تجمعاتهم واحتفالاتهم- وتقارب قلوبهم وأهدافهم ومساعيهم، وإزالة الأحقاد ومكدرات الأخوة الإسلامية والآصرة الإيمانية التي عقدها الله تبارك وتعالى بين أتباع هذا الدين العظيم، ولذا تجد الحجيج متحدين كجسد واحد في أكبر تجمع إسلامي سنوي، ومثلهم سواء بسواء المسلمون في مختلف البلاد، يفتتحون يوم العيد بالاجتماع على صلاة العيد مكبرين مهللين وحامدين له سبحانه جميعاً، فكل مسلم في مثل هذه المناسبات يرجو من الله تعالى الذي جمع المسلمين في هذه المناسبات بأبدانهم وتعبداتهم أن يجمعهم على الهدى المتمثل في الكتاب والسنة وما كان عليه صدر هذه الأمة من صحابة النبي «ص» وتابعيهم بإحسان».
وأوضح الشيخ عيسى بن صالح الحسن أن الدين الإسلامي قد أظهره الله تعالى بالحق ولم به شعث الأمة العربية، فتوحدوا واجتمعت كلمتهم، وأصبحوا قوة لا يظاهرها قوة، وطاقة لا يعادلها طاقة، فأصبحت لهم الكلمة العليا، يرهب لهم ويخاف سطوتهم جميع سكان الأرض، وكان ذلك في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، فرغم أنهم كانوا أقوياء، إلا أن هدفهم هو السلام والمحبة والإخاء والتودد والتراحم والاتحاد على الحق والوحدة في الله وعلى دين الله.
ودعا إلى توحيد كلمة المسلمين وصفوفهم وأن يكونوا يداً واحدة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأن يحب كل مسلم لأخيه المسلم مثل ما يحب لنفسه، قال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وأن يشعر المسلمين أنفسهم بالوحدة، وأن يتحابوا ويتناصحوا امتثالاً للدين الحنيف السمح الذي يأمر بكل خير وينهى عن كل شر، فيأمر المسلمين بتوحيد صفوفهم، وبجمع كلمتهم ليكونوا قوة يُرهب جانبها وتُخاف سطوتها، فيستطيعون أن يردوا كيد الباغين وأن يجعلوا كلمة الله هي العليا.
وحذر من العدو الذي يتربص بالأمة وقال إن قوى الشر يتجمعون من كل مكان ليقضوا على وحدة المسلمين وليفرقوا صفوفهم، ولا سبيل لنا لنكون أقوياء إلا بالتمسك بأوامر الدين، والاتحاد الكامل في الله وعلى هدي منه، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتصفية القلوب من الأحقاد، وتطهير النفوس من الأنانية وحب الذات؛ لأن هذه أمراض تفتك في جسم المجتمع وتجعله مشلول الأعضاء، متفكك الأوصال، ولن يستطيع مجتمع ممزق الأوصال مبعثر القوى قد تأصلت فيه الأنانية وحب الذات أن يكون قوة تمثل الإسلام وتسعى في صالحه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).