عواصم - (وكالات): استبقت الطائرات الحربية التابعة لجيش الرئيس بشار الأسد الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ مساء أمس بشن غارات على مناطق مختلفة من سوريا شملت حلب وإدلب وحمص وريف دمشق، أدت إلى مقتل مدنيين في أول أيام عيد الأضحى المبارك، بالتزامن مع تأكيد الأسد، تصميم دمشق على استعادة كل منطقة سورية. ووسط تصعيد القصف، قال الإعلام الحكومي إن الأسد، أدى صلاة العيد في مدينة داريا في ريف دمشق، وذلك بعد أسابيع على «تهجير» أهلها بموجب اتفاق أنهى أكثر من 4 سنوات من الحصار والغارات.
وينذر القصف الجوي والمدفعي الذي لم يتوقف بعد الإعلان عن الاتفاق الروسي الأمريكي، بانهيار سريع للهدنة. ومن المدينة التي باتت «منطقة أشباح» بعد تهجير أهلها، قال الأسد إن «الدولة السورية مصممة على استعادة كل منطقة من الإرهابيين وإعادة الأمن والأمان وإعادة الإعمار».
وأضاف أن قواته «مستمرة بعملها، من دون تردد ومن دون هوادة وبغض النظر عن أي ظروف داخلية أو خارجية، في إعادة الأمن والأمان إلى كل منطقة في سوريا». واعتبر أن «البعض لديه أوهام وبعد 5 سنوات لم يستفيقوا من هذه الأوهام»، مضيفاً «من كان يراهن على وعود في الخارج فهي لن تؤدي إلى نتيجة».
وبث التلفزيون الحكومي صوراً قال إنها لأداء الأسد صلاة العيد في داريا.
ووفق الصور فقد ظهر الأسد يقود سيارته بنفسه قبل وصوله المسجد، كما أظهرت اللقطات قلة عدد المصلين وغياب الشخصيات العسكرية التي ترافقه عادة بمثل هذه المناسبات. وبدا في الصور أن المسجد يخضع لعمليات ترميم.
وكانت داريا قد أخليت من جميع سكانها وأُجلوا إلى مناطق في محيط دمشق وإدلب، وذلك بعد حصار وقصف مكثف دام سنوات انتهيا بفرض قوات النظام على أهالي المدينة اتفاق هدنة قالت المعارضة حينئذٍ إنه عملية تهجير ممنهجة.
ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ مساء أمس تنفيذاً لاتفاق روسي أمريكي في محاولة جديدة لإنهاء النزاع المستمر في البلاد منذ أكثر من 5 سنوات.
وبدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بعد وقت قصير على إعلان الجيش الروسي تعليق ضرباته «في كل الأراضي» السورية باستثناء المناطق «الإرهابية».
في الوقت نفسه، أعلن جيش الأسد التزامه بالتهدئة لـ 7 أيام. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الهدوء ساد مناطق الصراع الرئيسة في سوريا بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
ويستثني اتفاق الهدنة جبهة فتح الشام، جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة «داعش».
وفي موسكو، اعلن مسؤول عسكري روسي بارز تعليق العمليات العسكرية الروسية في سوريا في «جميع مناطق سوريا»، مضيفاً أن روسيا «ستواصل تنفيذ ضربات ضد أهداف إرهابية».
وبموجب الاتفاق الروسي الأمريكي، يمتنع النظام السوري عن القيام بأي أعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها المعارضة المعتدلة والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام. كما ينص على وقف كل عمليات القصف الجوي التي يقوم بها النظام في مناطق أساسية سيتم تحديدها، ووقف القصف بالبراميل المتفجرة واستهداف المدنيين. ويمتنع الطرفان عن شن هجمات وعن محاولة إحراز تقدم على الأرض.
وبعد مرور 7 أيام على تطبيق وقف الأعمال القتالية وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ الولايات المتحدة بالتنسيق مع الروس تنفيذ ضربات جوية مشتركة ضد جبهة فتح الشام و»داعش».
وقبل إقرار الهدنة، احتدم القتال على عدة جبهات رئيسة بما فيها حلب ومحافظة القنيطرة في الجنوب.
وقال قائد جماعة تنضوي تحت لواء الجيش السوري الحر شمال سوريا إن الطائرات الحربية السورية تقصف «مثل المجانين» وأصابت إحدى القواعد التابعة له.
وأوضح حسن حاج علي قائد جماعة صقور الجبل أن القوات الحكومية تستخدم الطائرات لضرب كل مكان بما في ذلك حلب وإدلب والمناطق الريفية.
وعبرت جماعات معارضة رئيسة من بينها جماعات مدعومة من خصوم أجانب للأسد عن مخاوف شديدة بشأن الهدنة. وقالت جماعات المعارضة في الرسالة إنها سوف تتعامل «بإيجابية» مع وقف إطلاق النار لكنها تعتقد أن الشروط مفيدة للأسد.
واضافت أن اتفاق وقف إطلاق النار تضمن نفس العيوب التي سمحت للحكومة بإجهاض هدنة سابقة إذ أنه لا يشمل أي ضمانات أو آليات للمراقبة أو عقوبات على من ينتهك بنوده.
وقالت جبهة فتح الشام إن الاتفاق يهدف لإضعاف قوات المعارضة الفعالة المناهضة للأسد ودفن الثورة.
وذكر مصدر بالمعارضة أن جماعة أحرار الشام ذات النفوذ القوي والتي تقاتل بتنسيق كبير مع جبهة النصرة ستدعم اتفاق وقف إطلاق النار وإن من المتوقع إعلان ذلك في وقت لاحق.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي قوله إن جولة جديدة من المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة ربما تعقد مطلع أكتوبر المقبل.