عواصم - (وكالات): انتقد مجلس التعاون الخليجي ودول خليجية وجامعة الدول العربية إقرار الكونغرس الأمريكي قانوناً يجيز لعائلات ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر 2011، مقاضاة حكومات أجنبية والمطالبة بتعويضات في حال ثبوت تورطها في الهجمات. ويتيح القانون الذي هدد البيت الأبيض باستخدام حق النقض «الفيتو» ضده، لعائلات الضحايا مقاضاة دول أجنبية خصوصاً السعودية التي حمل جنسيتها 15 شخصاً من 19 نفذوا الاعتداءات.
وأعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن بالغ قلقها لإصدار الكونغرس الأمريكي تشريعاً باسم «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» الذي يخالف المبادئ الثابتة في القانون الدولي وخاصة مبدأ المساواة في السيادة بين الدول الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة. وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي د. عبداللطيف الزياني أن «دول مجلس التعاون تعد هذا التشريع الأمريكي متعارضاً مع أسس ومبادئ العلاقات بين الدول، ومبدأ الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول، وهو مبدأ ثابت في القوانين والأعراف الدولية، والإخلال به سيكون له انعكاسات سلبية على العلاقات بين الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى ما قد يحدثه هذا التشريع من أضرار اقتصادية عالمية».
وعبّر عن «تطلع دول المجلس إلى أن لا تعتمد الولايات المتحدة الأمريكية هذا التشريع الذي سوف يؤسس - في حال اعتماده والعمل به - لسابقة خطيرة في العلاقات الدولية، كون أنه سيخل إخلالاً جسيماً بمبادئ دولية راسخة قائمة على أسس المساواة السيادية بين الدول، وسينعكس سلبا على التعاملات الدولية بما يحمل في طياته من بواعث للفوضى ولعدم الاستقرار في العلاقات الدولية وإعادة النظام الدولي إلى الوراء».
وإضافة لموقف مجلس التعاون، أصدرت دول خليجية مواقف مماثلة.
وأعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن قلقها الشديد من إقرار الكونغرس الأمريكي ما يعرف بـ «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب». واعتبر وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن «هذا القانون يتعارض مع قواعد المسؤولية بوجه عام ومبدأ السيادة التي تتمتع بها الدول».
وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إن «هذا القانون لا يستوي مع أسس ومبادئ العلاقات بين الدول ويمثل خرقاً صريحاً لها بكل ما يحمله من انعكاسات سلبية وسوابق خطيرة»، موضحاً «أن دولة الإمارات تتطلع إلى أن تعيد السلطات التشريعية الأمريكية النظر في القانون وعدم إقراره في ظل التبعات الخطيرة المرتبطة بتطبيق هذا القانون على المبادئ الدولية الراسخة والمرتبطة بمبدأ السيادة والتي تمثل ركناً أساسياً في العلاقات الدولية».
وفي ذات الصدد حذر وزير خارجية الإمارات من «الآثار السلبية للقانون على كافة الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وما قد يحدثه من فوضى في إطار العلاقات الدولية»، مؤكداً «أن مثل هذه القوانين ستؤثر سلباً على الجهود الدولية والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب».
وأشار إلى «تطلع دولة الإمارات إلى عدم إقرار السلطات الأمريكية ما يعرف بقانون العدالة ضد الإرهاب حرصاً وصيانة لمنظومة العمل الدولي ومبادئه الراسخة».
كما اعتبرت قطر في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية أن القانون «مناقض للشرعية الدولية».
وأعربت قطر عن قلقها البالغ بشأن قرار الكونغرس الأمريكي بالموافقة على مشروع القانون الذي يجيز مقاضاة حكومات الدول الأجنبية باسم قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب». وأكد مدير المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية القطرية كما أفادت وكالة الأنباء القطرية أن «هذا القرار مناقض للشرعية الدولية وخروج على أحكام وقواعد ومبادئ القانون الدولي، خاصة مبدأ حصانة الدول ذات السيادة الذي يعد الركيزة الأساس في تنظيم العلاقات بين الدول»، مشدداً على أن «هذا القرار يمثل سابقة خطيرة على المستوى الدولي، وقد حذرت دولة قطر من أخطار وتداعيات هذا القرار لما له من انعكاسات سلبية تضر بالعلاقات بين الدول». وأشار إلى أن «قطر تتطلع إلى قيام الإدارة الأمريكية باتخاذ القرارات اللازمة لتجنب قرار الكونغرس وعدم إصدار مشروع القانون للحفاظ على العلاقات والمصالح المشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى».
من جانبه، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن اندهاشه إزاء قيام الكونغرس الأمريكي بإصدار تشريع تحت اسم «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب».
وقال أبو الغيط في بيان صحافي، إن «هذا القانون يتضمن أحكاماً لا تتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة أو مع القواعد المستقرة في القانون الدولي، كما أنه لا يستنِد إلى أي أساس في الأعراف الدولية أو القواعد المستقرة للعلاقات بين الدول ولا تقر، تحت أية ذريعة، فرض قانون داخلي لدولة على دول أخرى».
وأكد المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية الوزير المفوض محمود عفيفي، في البيان ذاته، على الموقف الثابت والواضح للجامعة العربية من رفض وإدانة الاٍرهاب بكل أشكاله واحترام القانون الدولي والتمسك به.
وأضاف أن الأمين العام للجامعة العربية أعرب عن أمله في أن تتمكن الإدارة الأمريكية من وقف هذا القانون المعيب، الذي سيكون من شأن تفعيله توتير العلاقات بما لذلك من تداعيات محتملة على الأوضاع الإقليمية البعيدة أصلاً عن الاستقرار. وسبق للسعودية انتقاد القانون اثناء مناقشته، نافية علاقتها باعتداءات نيويورك وواشنطن أو منفذيها.
وتشارك معظم الدول الخليجية في التحالف الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم الدولة «داعش» منذ صيف عام 2014.
وأقر مجلس النواب الأمريكي بالإجماع «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» بعد 4 أشهر على تبنيه في مجلس الشيوخ. وأحيل القانون على الرئيس باراك أوباما للمصادقة عليه.
وأعلن البيت الأبيض أن القانون سيقابل بـ «فيتو» لأنه سيؤثر خصوصاً على مبدأ الحصانة السيادية التي تحمي الدول من الملاحقات. إلا أن إقرار القانون في مجلس النواب والشيوخ بسهولة، يشير إلى احتمال أن يعيد المجلسان التصويت عليه وإلغاء مفعول «الفيتو» الرئاسي. وتتطلب الخطوة موافقة ثلثي أعضاء المجلسين.