عواصم - (وكالات): احتل خبر وتداعيات الوعكة الصحية التي ألمت بالمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون «68 عاماً» خلال الاحتفال بإحياء ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر 2001 بنيويورك أمس الأول حيزاً كبيراً في تقارير ومقالات وافتتاحيات الصحف الأمريكية والبريطانية، وأصبحت قضية جدية ربما تؤثر على كامل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وأثارت إصابة كلينتون بالالتهاب الرئوي -والتي بقيت سراً لحين أوشكت على الانهيار أمس الأول- قلقاً وارتياباً بشأن حالتها الصحية مع الدخول في الأسابيع الأخيرة للحملة الانتخابية، وبما خاطر بتدعيم تصريحات من منافسها الجمهوري دونالد ترامب شكك فيها في قدرتها على التحمل. واضطرت حملة كلينتون أمس الأول إلى الاعتراف بأن مرشحتهم البالغة من العمر 68 عاما لديها إصابة بالالتهاب الرئوي تم تشخيصها الجمعة الماضي بعد أن شكت من أعراض بينها الحساسية والسعال المتكرر في الأيام الأخيرة. وجاء إعلان إصابة كلينتون بالمرض بعد ساعات من قول حملتها إنها «أصيبت بحمى وجفاف» لتفسير لما أنهت على عجل مشاركتها في مراسم لإحياء ذكرى هجمات سبتمبر في نيويورك بعد أن ظهرت مترنحة وتكافح للوقوف. وألغت كلينتون رحلة كان مقرراً أن تقوم بها إلى كاليفورنيا في إطار حملتها الانتخابية إثر إصابتها بالالتهاب الرئوي والإعياء خلال مراسم الذكرى الـ15 للهجمات، مما أحيا التكهنات حول صحة المرشحة الديمقراطية قبل 8 أسابيع من الانتخابات الرئاسية. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن ما جرى لكلينتون سينقل التساؤلات حول صحتها من أوساط الجمهوريين مؤيدي نظرية المؤامرة إلى الحوار الرئيس بالمنافسة الانتخابية خلال الأيام القادمة، مضيفة أن وعكة كلينتون جاءت في وقت سيء جدا لحملتها. وأضافت أن الديمقراطيين ربما يقولون إن وعكتها مجرد حادثة منعزلة «التهاب رئوي» مثلما حدث للرئيس السابق جورج دبليو بوش عندما أغمي عليه عام 2002، لكن القضية تكمن في أن فريق كلينتون تكتم على حالتها 90 دقيقة عقب مغادرتها المفاجئة ساحة الاحتفال ولم يسمح لأي صحفي بمتابعتها. وأوردت جميع الصحف التاريخ الصحي المعروف لكلينتون منذ إصابتها بأول جلطة دم في الرجل اليمنى عام 1998، ثم عام 2009 في رجليها الاثنتين، والثالثة بالدماغ عام 2012 حيث كانت الأكثر خطورة واستغرقت 6 شهور للتعافي منها، وكذلك معاناتها المستمرة من الحساسية.
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن الوعكة التي أصيبت بها كلينتون وتأخير الكشف عن التهابها الرئوي الذي استمر أياما بدأت تهز ساحة المنافسة الانتخابية الرئاسي، وبترافقها مع شكوك الناخبين حول نزاهتها وشفافيتها فيما يتعلق برسائل بريدها الإلكتروني، بدأت ثقة نسبة من الناخبين المؤيدين لها تتآكل. أما «ديلي تلغراف» البريطانية فقد ذهبت إلى أبعد من ذلك لتتساءل عما يمكن أن يحدث إذا قررت كلينتون الخروج من المنافسة الانتخابية لأسباب صحية، ونقلت عن الصحفي الأمريكي ديفد شوستر قوله إن أحد قادة الحزب الديمقراطي قال له إنهم دخلوا منطقة سياسية مجهولة المعالم وإنهم ربما يعقدون اجتماعاً طارئاً للتشاور حول بديل محتمل لكلينتون. وأشارت الصحيفة إلى أن جو بايدن نائب الرئيس الحالي أو المرشح الديمقراطي السابق الذي كان منافسا لكلينتون «بيرني ساندرز» ربما يكون هو المرشح البديل للحزب الديمقراطي، مضيفة أن الاختيار من مهام اللجنة الوطنية للحزب، وأوضحت الكثير من التفاصيل الفنية حول هذا الأمر.
وقالت صحيفة «التايمز»البريطانية إن الصعوبات الصحية التي تواجهها كلينتون منحت لخصومها الجمهوريين ذخيرة جديدة بعد أن شجعتهم نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة والتي أظهرت احتدام المنافسة بينها وترامب قبل أقل من شهرين من يوم الاقتراع، وعلقت الصحيفة بأن ما جرى لكلينتون أمس ستكون له عواقب كبيرة. وأشارت «التايمز» إلى أن سجلات مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» التي صدرت هذا الشهر كشفت عن أن كلينتون أبلغت المكتب بأنها لا تستطيع تذكر كل المحادثات مع مسؤوليه فيما يختص بإساءة التعامل مع رسائل بريدها الإلكتروني. وطالبت عدة صحف بإخضاع المرشحيْن كلينتون وترامب لفحص طبي مستقل وشفاف خاصة وأن كلينتون هي أكبر المرشحين سناً بتاريخ أمريكا، وترامب سيكون أكبر الرؤساء الأمريكيين إذا فاز بالمنصب. والحادثة التي بدت فيها كلينتون وكأنها تفقد توازنها قبل ان يساعدها فريقها للدخول الى سيارتها، قدمت مدخلاً جديداً للجمهوري دونالد ترامب لمهاجمة منافسته الديمقراطية إلى البيت الأبيض قبل 15 يوم فقط على أول مناظرة رئاسية بينهما. وكانت كلينتون تسعى إلى تجاوز خطأ فاضح ارتكبته الجمعة الماضي عندما قالت أمام لقاء لجمع التبرعات إن نصف أنصار ترامب ينتمون إلى «مجموعة من البائسين». لذلك لم يكن توقيت حادثة الأحد الماضي مناسباً.
وفي فيديو نشر على تويتر تبدو كلينتون مترنحة فيما كانت تنتظر دخول عربة فان سوداء لمغادرة مراسم إحياء ذكرى 11 سبتمبر. وبدت وكأنها تعثرت فيما كانت تدخل العربة بمساعدة أفراد من فريقها الذين أسندوها من الجانبين.
وعلى غير عادته، بقي ترامب -الذي حضر مراسم ذكرى الاعتداءات- صامتاً على «تويتر» بخصوص مرض كلينتون، حيث أخذ المرشحان استراحة من الحملة الرسمية للمشاركة في الذكرى الحزينة.
لكنه أعلن في وقت لاحق أن الصحة تمثل مسألة مهمة في الحملة الانتخابية، مشيراً إلى أنه سيصدر قريباً معلومات تفصيلية عن صحته. وفاض الإنترنت بمعلومات عن احتمال إصابة كلينتون بورم دماغي أو الباركنسون «الشلل الرعاش» أو الخرف «الزهايمر». وأظهر استطلاع أجرته «واشنطن بوست - اي.بي.سي نيوز» تقدم كلينتون على ترامب بين الناخبين المحتملين بنسبة 46 مقابل 41%.