عواصم - (وكالات): يحتدم الجدل في إيران بسبب توقيع حكومة الرئيس حسن روحاني على الاتفاقية الخاصة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث يعتبر المحافظون أن الإجراء يشكل خطرا على الأمن القومي، لأنه سيحد من أنشطة الحرس الثوري الاقتصادية وكذلك أنشطته الخارجية التي تعتمد على غسيل الأموال لتمويل عملياته خارج الحدود، وكذلك تمويل التدخل العسكري الإيراني في سوريا والعراق واليمن ودعم الجماعات والميليشيات التابعة لطهران في المنطقة والعالم، فيما لا تزال المصارف الكبرى وخصوصاً الأوروبية منها تتحفظ على التعامل مع إيران خوفاً من عقوبات أمريكية، رغم مرور 9 أشهر من دخول الاتفاق النووي مع القوى الكبرى حيز التنفيذ ورفع جزء كبير من العقوبات الدولية المفروضة على طهران. وكانت صحيفة «شرق» الإصلاحية دافعت عن قرار حكومة روحاني بتوقيع الاتفاقية، لأنها ستمهد الطريق لرفع العقوبات المصرفية والتحويلات المالية المفروضة على إيران. وذكرت الصحيفة أن المصادقة على معاهدة مكافحة توفير الدعم المالي للإرهاب ليست جديدة بل تم التوقيع عليها في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عام 2010، وقدمت للبرلمان الإيراني في دورته الثامنة ذات الأغلبية المتشددة، وقد صادق عليها مجلس صيانة الدستور أيضاً، في العام الماضي. إلا أنه ما أثار غضب المتشددين في القضية هو تَحرَّك البنك المركزي الإيراني لوقف بعض التعاملات المشبوهة لبعض الشخصيات المقربة من أعلى هرم النظام وقيادات ومؤسسات الحرس الثوري بالبنوك الإيرانية، تطبيقاً لبنود الاتفاقية التي وقعت عليها إيران.ويقول المتشددون الذين هاجموا الحكومة إن «هذه الاتفاقية تمثل تجسساً على الأنشطة المالية الخارجية، وبالتحديد الإقليمية، لإيران، فضلاً عن أنها تنفيذ لقوانين أجنبية على مواطنين إيرانيين، داخل الأراضي الإيرانية».وكان رئيس البنك المركزي الإيراني نفى أن تكون هناك علاقة بين الاتفاق النووي والحظر المصرفي الذي فرضه البنك المركزي الإيراني على الحرس الثوري أو منع تقديم أي خدمات بنكية لأي مواطن إيراني، لكنّ قانوناً إيرانيًّا نتج عن التوقيع على معاهدة مكافحة غسل الأموال، يلزم إيران بتبادل المعلومات حول التعاملات البنكية المشبوهة، ومنع أفراد بعينهم من تَلَقِّي الخدمات البنكية الإيرانية.وبحسب صحيفة «شرق» فقد وضعت الأمم المتحدة تعريفاً محدداً للإرهاب، ويعني توقيع إيران الاتفاقية الخاصة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب أنها في حال انتهاك بنود القرار ستصنف في قائمة الدول الداعمة للإرهاب.وفي هذا السياق، دعا رئيس مجلس خبراء القيادة الإيرانية رجل الدين المتشدد أحمد جنتي، والذي يترأس مجلس صيانة الدستور أيضاً، إلى رفض الاتفاقية من قبل مجلس الشورى «البرلمان»، وقال إن «الاتفاقية هي أداة بيد الغرب لوضع الدول على لائحة الإرهاب والسيطرة على الأموال وكل الوثائق والتعاملات المالية للمصارف الإيرانية، بحجة محاربة ظاهرة غسل الأموال في العالم».وقال جنتي إن شروط معاهدة «مجموعة العمل المالي»، وهي مبادرة دولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، «تمهد لسيطرة الغرب على الوثائق المالية للتعاملات المصرفية الإيرانية»، على حد تعبيره. وأعرب رئيس مجلس خبراء القيادة الإيرانية عن قلقه من تحديد أنشطة الحرس الثوري، قائلاً: «نلغي بأيدينا، المؤسسات الثورية وخدمات الحرس الثوري الإيراني ومقرّ خاتم الأنبياء للدفاع الجوي، ونعطل كل الأعمال التي تعارض مصالح الغربيين من خلال التوقيع على هذه الاتفاقية».من جهتها، بررت حكومة روحاني سبب التوقيع على الاتفاقية بأنه سيفتح الباب أمام بدء التحويلات المالية التي مازالت مجمدة بين المصارف الإيرانية والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية.من ناحية أخرى، مازالت المصارف الكبرى وخصوصاً الأوروبية منها تتحفظ على التعامل مع إيران خوفاً من عقوبات أمريكية، بعد 9 أشهر من دخول الاتفاق النووي مع القوى الكبرى حيز التنفيذ ورفع جزء كبير من العقوبات الدولية المفروضة على طهران. وقال برويز عقيلي رئيس مجلس إدارة مصرف الشرق الأوسط «خاورميانه» «حالياً، وافقت مصارف أوروبية صغيرة على العمل معنا»، مشيراً إلى 4 مصارف إيطالية ومصرفين نمساويين و3 سويسرية و3 المانية واثنين بلجيكيين. وأضاف عقيلي «لكن لم يوافق أي من المصارف المتوسطة أو الكبرى على ذلك حتى الآن». وقال خبير مصرفي إن المصارف الصغيرة «ـقامت علاقات عمل مع البنوك الإيرانية لفتح رسائل اعتماد بمبالغ صغيرة تبلغ 10 و20 و20 مليون دولار». وأضاف «لكنها لا تملك الموارد لتمويل مشاريع كبيرة مثل عقد شراء 118 طائرة إيرباص ونحو مئة طائرة بوينغ او مشاريع للتنمية الغازية والنفطية في البلاد». ويقول الرئيس حسن روحاني إن إيران تحتاج إلى استثمارات أجنبية تتراوح بين 30 و50 مليار دولار سنوياً لتحديث أدواتها الصناعية وإنعاش اقتصادها. لكن بدون المؤسسات المصرفية الدولية الكبرى من المستحيل تحقيق الهدف. وصرح رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بوروجردي مؤخراً أن «العقبة الرئيسة في طريق العلاقات المصرفية هي وزارة الخزانة الأمريكية التي تضغط على كل الدول وتمنع العلاقات المصرفية ورفع العقوبات». ولم يوافق مكتب مراقبة الموجودات الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية حتى الآن على بيع طائرات إيرباص أو بوينغ إلى إيران. وقال هنري سميث محلل الشؤون الإيرانية في المكتب الاستشاري «كونترول ريسكس» إن «المصارف يجب أن تأخذ في الاعتبار الشركات والأشخاص المشاركين في أي صفقة بسبب عقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي ما زالت مطبقة». ويدين المسؤولون الإيرانيون باستمرار موقف الإمريكيين الذين رفعوا العقوبات «على الورق» ولكن ليس فعلياً. وأبقت الولايات المتحدة عقوبات كبيرة على إيران مرتبطة ببرنامجها البالستي ودعمها المفترض «للإرهاب» وانتهاكاتها لحقوق الإنسان. ومازالت 180 شخصية وشركة إيرانية مدرجة على «لائحة سوداء» أمريكية، بينها حرس الثورة ووزارة الدفاع والشركتان الجويتان «ماهان للطيران» و»كاسبيان اير» «طيران بحر قزوين» أو مصارف «صادرات» و»أنصار» و»مهر».وقال نائب وزير النفط الإيراني المكلف الشؤون الدولية أمير حسين زماني نيا إن الأمريكيين «يغذون نوعاً من التخويف من إيران إلى درجة ألا أحد يريد مبادلات فعلية مع إيران». من جهة أخرى، قال موقع التلفزيون الرسمي الإيراني على الإنترنت إن الحرس الثوري دشن سفينة حربية جديدة طولها 55 متراً يمكنها نقل طائرة هليكوبتر وما يصل إلى 100 شخص. وجاء تدشين السفينة في ميناء بوشهر في وقت توتر متزايد بين إيران والولايات المتحدة في مياه الخليج. ويقول مسؤولون أمريكيون إن أكثر من 30 احتكاكاً وقعت بين سفن أمريكية وإيرانية في الخليج في الفترة الماضية من العام الحالي وهو ما يزيد على مثلي احتكاكات وقعت في نفس الفترة من العام الماضي.