باريس - (أ ف ب): قبل 8 أشهر من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، تتواجه الحكومة الاشتراكية مع المعارضة اليمينية حول مسألة الإرهاب، ويستعين كل من الطرفين بالأرقام والطروح المضادة.
في يناير 2015 سار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وسلفه اليميني نيكولا ساركوزي جنباً إلى جنب غداة الاعتداء الذي استهدف الصحيفة الفرنسية الساخرة «شارلي ايبدو» عندما نزل 4 ملايين شخص إلى الشوارع لإدانة الهجمات.
لكن بعد 21 شهراً، تفككت الوحدة الوطنية. وقال ساركوزي الذي يأمل في العودة إلى السلطة في انتخابات ربيع 2017، أن «هولاند لا يستخدم كل الوسائل لضمان أمننا». وأكد في تجمع أن هولاند هو «رئيس العجز».
وفي هذه الفترة، ضاعف المتطرفون الهجمات في فرنسا واستهدفوا شرفات مطاعم وقاعة للحفلات «130 قتيلاً في نوفمبر 2015»، وحشداً خلال احتفالات في نيس «86 قتيلاً في يوليو الماضي» ومواقع يهودية ورجال شرطة وكنيسة.
ورداً على الهجمات، أعلنت الحكومة حالة الطوارئ - التي تسهل عمليات الدهم وفرض الإقامة الجبرية - ونشرت 10 آلاف عسكري حول الأماكن الحساسة وعززت قوات الشرطة والاستخبارات وعدلت القانون لتسهيل عمليات التنصت على الاتصالات الهاتفية.
لكن التهديد يبقى على حاله كما بدا من الحادثة الأخيرة التي تمثلت في العثور على سيارة مفخخة ركنت في مكان غير بعيد عن كاتدرائية نوتردام ثم توقيف «كوماندوز» لنساء متطرفات، أو رصد فتى في الخامسة عشرة من العمر «على وشك التحرك».
وقال ساركوزي إن «أبعاد ردنا يجب أن تتغير»، مطالباً خصوصاً بفتح مراكز لاحتجاز الأشخاص الذين يتبنون التطرف أو إقامة محكمة خاصة لمكافحة الإرهاب.
لكن هولاند رأى في خطاب غلب عليه الطابع الانتخابي، أن «خيال» اليمين وحزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف «يأخذ أبعاداً مقلقة». وطرح الرئيس الذي لا يتمتع بالشعبية نفسه ضامناً لدولة القانون في مواجهة «مزايدات» المعارضة.
وقال هولاند «أفشلنا اعتداء»، معبراً بذلك عن ارتياحه بعد توقيف المتطرفات اللواتي قالت السلطات أنهن لكن يعدن لشن هجوم جديد.
وأكد وزير الداخلية برنار كازنوف أن الحكومة «تحصد النتائج». وتحدث عن توقيف 300 شخص على علاقة «بشبكات إرهابية» وإبعاد 19 أجنبياً «تطرفوا» منذ يناير الماضي.
من جهته، قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس «كل يوم تحبط أجهزة الاستخبارات والشرطة والدرك اعتداءات وتفكك شبكات عراقية سورية». وتحدث عن 15 ألف شخص «تجري متابعتهم» بسبب «تطرفهم».
وقال المؤرخ المتخصص بالاتصالات كريستيان ديلبورت إن «الأرقام لا تعني بالضرورة شيئاً ما» فبمعزل عن الإعلانات، يبقى الوزراء غامضين بشأن أسباب التوقيف أو الملاحقات القضائية.
وأضاف الأستاذ في جامعة فرساي «لكن الإعلان يسمح بالإظهار بأننا نتحرك عملياً»، مذكراً بأن نيكولا ساركوزي كان من أوائل الذين تحدثوا عن «حصد النتائج» بأرقام عن الجنح عرضت في مؤتمرات صحافية كبرى.
وتابع أن الاستراتيجية «لا تولد القلق» لأن الفرنسيين باتوا يدركون «ضمناً» وجود تهديد.
لكنها يمكن أن تكون مكلفة لصورة البلاد كما رأى فيليب مورو شيفروليه المستشار في الاتصالات.
وقال «إنه خيار ترجيح عدم السماح للمعارضة بالتحدث في هذه السنة الانتخابية». وأضاف «لكنه خيار كارثي في الخارج إذ يرسم صورة بلد غير متسامح وفي حالة طوارئ دائمة. قد يؤثر ذلك على السياحة».
وتراجع عدد السياح الأجانب في فرنسا أول وجهة في العالم، بشكل كبير منذ اعتداءات نوفمبر 2015. وفي باريس بلغت نسبة الانخفاض 17 % على مدى عام.