وكالات - بدأت ثلاث مدن أوروبية رئيسة التنافس لاجتذاب الهاربين من جحيم الــ(Brexit) سواء من الشركات أو البنوك أو الموظفين، فيما لم يتضح بعد ما هي المدينة التي ستتربع على مكان لندن لتكون العاصمة المالية والمركز التجاري لأوروبا خلال السنوات المقبلة.
وبينما أعلنت العديد من البنوك الكبرى والشركات العملاقة أنها ستنقل عملياتها كلياً أو جزئياً إلى باريس، وقالت أخرى إنها ستنتقل إلى فرانكفورت، وهما المدينتان المنافستان للندن، فإن المفاجأة الجديدة جاءت من عاصمة إيرلندا دبلن التي ترتبط مع بريطانيا بمصالح وثيقة، وتتمتع الشركات فيها بتسهيلات ضريبية مغرية، فيما أظهرت أحدث الأرقام أن الموظفين العاملين في القطاع بدؤوا التدفق فعلاً إلى هناك بحثاً عن فرص بديلة لتلك التي سيفقدونها في لندن.
وبحسب أحدث البيانات الصادمة التي كشفتها شركة توظيف أيرلندية، فإن أعداد المتقدمين لشغل الوظائف المالية والمصرفية في دبلن ارتفعت بنسبة 800% في قفزة غير مسبوقة تظهر حجم التأثير الذي طرأ على هذا القطاع في لندن، بسبب الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث يتدفق كثير من البريطانيين العاملين في هذا المجال من أجل الحصول على وظيفة في دبلن بدلاً من البقاء في لندن التي لم تعد مستقرة بالنسبة للعاملين في هذا القطاع.
وكشفت شركة «مان باور» المتخصصة بالتوظيف واستقطاب الكفاءات أن الطلب على الوظائف المالية في دبلن، عاصمة أيرلندا، ارتفع بصورة قياسية بلغت 800% في أعقاب تصويت غالبية البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، فيما يبدو أن لندن بدأت تفقد جاذبيتها كمركز مالي وعاصمة للبنوك والشركات المالية بعد أن أعلنت العديد من المصارف نيتها نقل عملياتها بالكامل أو جزء منها إلى أماكن أخرى في أوروبا.
ويسود الاعتقاد أن مدينة باريس أو فرانكفورت ربما تستحوذ على المكانة التي لا تزال لندن تتمتع بها حتى الآن، فيما يتوقع أيضاً أن يزداد النشاط المالي والمصرفي في دبلن التي ستنتقل إليها بعض الشركات وتستفيد من وجودها في الاتحاد الأوروبي.
وقال المدير التنفيذي لشركة «مان باور» مارك كاهيل، إن «العديد من العمليات المالية في مدينة لندن تعتمد على الاتحاد الأوروبي، وعلى الاتفاقية التي تُسمى (Banking Passport) والتي تتيح تسهيل العمليات المالية بين دول أوروبا، فيما تسود حالة من التشاؤم بشأن مستقبل هذه الاتفاقية ومستقبل هذه العمليات المالية»، بحسب ما تحدث به لوسائل إعلام محلية في بريطانيا.
ويلفت كاهيل إلى أن العديد من المدن المنافسة للندن مثل باريس وفرانكفورت بدأت تستقطب مبادرات من الشركات المالية الكبرى، وذلك في أعقاب التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وكشفت «مان باور» أنها أجرت مسحاً شمل 2102 شركة في بريطانيا لمعرفة ما إذا كانت هذه الشركات تنوي تشغيل مزيد من العاملين أو أنها تعتزم خفض القوى العاملة لديها خلال الشهور الثلاثة المقبلة، وهو المسح الذي تم استخدامه كمصدر رئيس للمعلومات من قبل بنك انجلترا المركزي ومن قبل الحكومة البريطانية.
وأظهر المسح أن الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الحالي 2016 أظهرت استقراراً في عمليات التوظيف المتوقعة، وأن نسبة النمو المتوقعة في سوق الوظائف سوف تظل عند المستوى الطبيعي بتوقعات أن تسجل ارتفاعا نسبته 5%، إلا أن المسح أظهر أن المشغلين في ستة قطاعات اقتصادية من أصل تسعة متشائمون حيال إمكانية إضافة الوظائف في المستقبل. يشار إلى أن 52% من البريطانيين صوتوا يوم الثالث والعشرين من يونيو الماضي على الخروج من الاتحاد الأوروبي، فيما أيد البقاء في الاتحاد 48% فقط من البريطانيين، وهو ما دفع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى إعلان استقالته من منصبه في اليوم التالي للاستفتاء.
إلى ذلك توقع النائب الليبرالي، غي فرهوفشتات، الذي كلف بمفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باسم برلمان أوروبا، التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن «بحلول العام 2019».
وقال فرهوفشتات في مؤتمر صحافي في ستراسبورغ حيث عقد النواب جلسة عامة الثلاثاء الماضي: «على المملكة المتحدة تفعيل المادة 50 (لإبلاغ قرارها رسمياً بمغادرة الاتحاد) في أسرع وقت ممكن، لنتمكن من إنجاز المفاوضات بحلول 2019، لأنه لا يمكنني تصور أننا سنبدأ دورة تشريعية جديدة بلا اتفاق».
ومن المقرر أن تجري الانتخابات الأوروبية المقبلة في 2019.
وذكر رئيس كتلة الليبراليين الذي يدعو إلى الوحدة الأوروبية، بأن «موقف البرلمان كان دائماً أنه إذا رغبت بريطانيا في البقاء في السوق الموحدة، فعليها القبول بحرية تنقل مواطنينا أيضاً».
وأكد أنه بالنسبة للبرلمان، فإن حريات التنقل الأربع (الأشخاص والممتلكات ورؤوس الأموال والخدمات) «لا يمكن فصلها عن بعضها في الاتحاد».
وينتظر الأوروبيون مبادرة الحكومة البريطانية التي يفترض أن تبلغهم بتفعيل المادة 50 أو بند الانسحاب الطوعي والأحادي من الاتحاد الأوروبي في معاهدة لشبونة، والذي لم يستخدم من قبل.
ويفترض ألا تبدأ هذه الإجراءات قبل مطلع 2017، كما قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.
970x90
970x90