عواصم - (وكالات): اهتزت أمس الهدنة السارية في سوريا بفعل ضربات التحالف الدولي الدامية على الجيش السوري شرق البلاد أمس الأول وغارات هي الأولى منذ أسبوع على أحياء المعارضة في حلب شمالاً ما يثير مخاوف من اشتعال الجبهة الرئيسة في النزاع مجدداً.
ويأتي التصعيد فيما تصاعدت حدة اللهجة بين راعيتي الهدنة الولايات المتحدة وروسيا اللتين تتبادلان الاتهامات بعرقلة وقف إطلاق النار. من جانبه، اتهم وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت النظام السوري بأنه المسؤول الرئيسي عن انتهاك الهدنة.
وأكدت مصادر أن تلاسناً جرى بين مندوبي روسيا وأمريكا في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين وسامانثا باور.
وذكرت المصادر أن تشوركين خرج غاضباً من جلسة طارئة، كانت دعت إليها بلاده لبحث قصف التحالف على دير الزور.
وغضب تشوركين من تصرف باور، التي تركت الجلسة وذهبت لمخاطبة الصحافيين.
ورفضت باور الاتهامات الروسية لواشنطن بالتواطؤ مع «داعش» وتقديم الدعم له، مشيرة إلى أن «تصريحات موسكو غير مقبولة». واتهمت باور النظام السوري «بانتهاجِ سياسةِ التجويع ضد شعبه، بالإضافة لاستخدامه أسلحة محظورة دولياً ضد المدنيين».وأضافت أن «النظام السوري يقوم بتعذيب شعبه بوحشية لمطالبتهم بالحرية».وتوصلت واشنطن وموسكو بداية سبتمبر الحالي إلى اتفاق ينص على وقف لإطلاق النار بدأ سريانه مساء الاثنين الماضي وجرى تمديده مرتين حتى مساء الجمعة الماضي في ظل معارك محدودة على جبهات سورية عدة.
كما ينص على إيصال مساعدات إلى المناطق المحاصرة إلا أن القافلات المحملة بمواد الإغاثة لا تزال تنتظر الضوء الأخضر.
ولم يعلن راعيا الاتفاق تمديده فترة إضافية.
وارتفع منسوب التوتر بعدما أعلنت موسكو أن طائرات للتحالف الدولي شنت 4 ضربات جوية ضد مواقع لجيش الرئيس بشار الأسد قرب مطار دير الزور، ما أسفر عن «مقتل 62 جندياً سورياً وإصابة 100». أما المرصد السوري فأفاد بمقتل «أكثر من 90 عنصراً من قوات النظام». ودعت موسكو الولايات المتحدة إلى «إجراء تحقيق شامل واتخاذ إجراءات لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل».واعتبرت أن «ما قام به الطيارون، إذا لم يكونوا كما نأمل ينفذون أوامر واشنطن، يراوح بين الإهمال الإجرامي والدعم المباشر لإرهابيي تنظيم الدولة «داعش»».
وكان التحالف الدولي أعلن أن قواته «اعتقدت أنها ضربت موقعاً قتالياً لتنظيم الدولة كانت تراقبه لبعض الوقت قبل القصف».وأكد أنه «ما كان ليستهدف عمداً بتاتاً وحدة عسكرية سورية» كما سيبحث في ملابسات الضربة.
لكن بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد أكدت أن الغارات الأمريكية التي استهدفت مواقع الجيش السوري كانت «مقصودة»، مشددة في الوقت ذاته على التزام بلادها بالهدنة السارية في البلاد.
ويخوض جيش الأسد معارك عنيفة قرب مطار دير الزور شرق البلاد حيث شن هجوماً مكنه من استعادة مواقع خسرها أمام المتشددين إثر غارات التحالف الدولي. وشن تنظيم الدولة هجوماً ضد مواقع الجيش السوري مكنته من السيطرة على جبل ثردة. ويسيطر تنظيم الدولة على كامل محافظة دير الزور باستثناء مطار دير الزور العسكري وأجزاء من مدينة دير الزور، مركز المحافظة. وخلال المعارك، أسقط المتشددون طائرة حربية لجيش الأسد، وفق ما أعلن تنظيم الدولة في بيان. وأكد الإعلام الرسمي السوري إسقاط طائرة حربية في دير الزور ومقتل قائدها.
ويضاف إلى التوتر، غارات جوية استهدفت الأحياء الشرقية في مدينة حلب السورية للمرة الأولى منذ بدء الهدنة في سوريا قبل نحو أسبوع، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وبحسب المرصد السوري «استهدفت طائرات حربية أحياء كرم الجبل وكرم البيك والصاخور وحي الشيخ خضر في مدينة حلب بصواريخ، ما أسفر عن سقوط جرحى».ويشكل عدم وصول المساعدة الإنسانية بموجب الاتفاق تهديداً آخر للهدنة.
ولا تزال شاحنات الأمم المتحدة المحملة بأغذية وأدوية عالقة في منطقة عازلة على الحدود التركية. أما في جبهات أخرى، وخصوصاً في الغوطة الشرقية لدمشق وريف حمص الشمالي وريف اللاذقية الشمالي، فقد تجدد القصف الجوي والاشتباكات بين قوات النظام والفصائل المقاتلة والإسلامية.
وتتراشق الولايات المتحدة وروسيا منذ أيام الاتهامات حول إعاقة تطبيق الاتفاق حول سوريا الذي يستثني «داعش» وجبهة فتح الشام «جبهة النصرة سابقاً قبل إعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة».وترى روسيا أن الولايات المتحدة لم تف بالتزاماتها، وخصوصاً في ما يتعلق بالتمييز بين الفصائل المعارضة وعناصر جبهة فتح الشام، في حين هددت واشنطن بعدم التنسيق عسكرياً مع روسيا في حال عدم إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة.