عواصم - (وكالات): تعرضت جبهات القتال الرئيسة في سوريا لقصف جوي ومدفعي تزامناً مع تنديد دولي واسع بقصف جوي لجيش الرئيس بشار الأسد استهدف 31 شاحنة مساعدات إنسانية في بلدة اورم الكبرى في ريف حلب الغربي وتسبب بمقتل «نحو 20 مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية حيوية من الشاحنات»، بعد ساعات على إعلان جيش النظام انتهاء هدنة استمرت أسبوعاً بموجب اتفاق أمريكي روسي.
ومع إعلان الأمم المتحدة تعليق كل قوافل المساعدات الإنسانية في سوريا غداة حادثة أمس الأول، تتضاءل الآمال بإمكانية إحياء وقف إطلاق النار مجدداً في سوريا. وفيما تغرق سوريا مرة أخرى في سفك الدماء، وبعد أن أوقفت الأمم المتحدة قوافل مساعداتها الإنسانية في البلد المضطرب، تسعى الدول الكبرى جاهدة إلى إقناع نفسها بأن وقف إطلاق النار يمكن إنقاذه.
من جانبه، ندد منسق الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية رياض حجاب بـ»الضعف التام» للمجتمع الدولي و»انعدام المصداقية» في الجهود الدبلوماسية لإعادة الهدنة في سوريا.
كما اتهم حجاب دمشق وموسكو بالمسؤولية عن قصف قافلة المساعدات الإنسانية في حلب مؤكداً أنه يملك «معلومات مؤكدة» في هذا الصدد.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن المساعي الأمريكية الروسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب الدائرة منذ أكثر من 5 سنوات «لم تنته»، ووعد باستئناف المحادثات الدولية.
وأيد الرئيس الأمريكي باراك أوباما وزيره وقال بعد وقت قصير من تصريحاته «إن الدبلوماسية هي الطريق الوحيد لإنهاء الحرب، مؤكداً أنه لا يمكن تحقيق نصر عسكري حاسم، وعلينا أن نبذل جهوداً دبلوماسية حثيثة تهدف إلى وقف العنف وتوصيل المساعدات للمحتاجين». إلا أن تصريح كيري الحاسم بعد اجتماع مقتضب في نيويورك للمجموعة الدولية لدعم سوريا، لم تخف جو التشاؤم بين وزراء خارجية دول المجموعة. ووصل كيري إلى الاجتماع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ليترأس المجموعة التي تضم 23 دولة. والعلاقات بين أعضاء المجموعة متوترة بعد الغارة الجوية التي شنها التحالف خطأ وأدت إلى مقتل أكثر من 60 جندياً من قوات الرئيس بشار الأسد في دير الزور شرق سوريا السبت الماضي.
وبدا أن المفاوضات محكوم عليها بالفشل بعد أن أعلن جيش الأسد انتهاء وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية روسية، وإصابة قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة في غارة جوية.
إلا أن كيري انتهز فرصة اجتماع أعضاء مجموعة الدعم في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ليجري محادثات أزمة. ورغم أن جو المحادثات كان قاتماً ولم تثمر عن نتائج، إلا أنها شكلت فرصة لكيري ومبعوث السلام الدولي لسوريا ستافان دي ميستورا للتأكيد على أن العملية لم تنهار.
ولم تستمر المحادثات اكثر من ساعة، وقال المشاركون فيها ان الجو كان متوتراً وجدياً. وصرح وزير خارجية بريطاني بوريس جونسون للصحافيين أن «الجو السائد كان أن أحداً لا يريد التخلي عن وقف إطلاق النار». وصرح وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرلوت أن الاجتماع كان متوتراً، إلا أنه قال إن على الدول الأخرى أن تساعد موسكو وواشنطن الآن في التغلب على الخلافات. وقال «لقد كان اجتماعاً دراماتيكياً، والجو العام كئيب. هل يوجد أمل؟ لا أستطيع الإجابة عن ذلك بعد، لكن علينا أن نبذل كل ما بوسعنا». وأضاف «المفاوضات الأمريكية الروسية وصلت إلى حدها. والكثير لم يقل بعد. الروس والأمريكيون لا يمكنهم أن يقوموا بذلك لوحدهم». وبدون التوصل إلى وقف لإطلاق النار، فستفشل محاولات إيصال المساعدات للمدنيين الذين يعانون من الجوع أو التوسط في إجراء حوار سياسي. وطالب مسؤولون أمريكيون روسيا بتحمل مسؤولية ضربة جوية شنتها الطائرات الروسية أو السورية على قوافل المساعدات الدولية قرب مدينة حلب. إلا أن وزارة الدفاع الروسية نفت أي دور لها في الهجوم وحاولت توجيه الاتهام إلى الفصائل المسلحة التي تقاتل ضد نظام الأسد. كما نفى الجيش السوري علاقته بالغارة. ودان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «الهجوم المشين والوحشي الذي يبدو أنه متعمد» الذي أدى إلى مقتل نحو 20 شخصاً. وأكد وزير خارجية ألمانيا فرانك والتر شتاينماير أن الهجوم سمم أجواء اجتماع مجموعة دعم سوريا حيث كان المشاركون يشعرون بـ»الاستياء الشديد». ميدانياً، تعرضت الأحياء الشرقية في مدينة حلب لقصف مدفعي وجوي كثيف من قوات الأسد. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بسقوط أكثر من 27 برميلاً على شرق المدينة، بعد قصف كثيف. وتسببت غارات على قافلة مساعدات في بلدة اورم الكبرى في ريف حلب الغربي بمقتل «نحو 20 مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية حيوية من الشاحنات»، وفق ما أعلن الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري. ونعى الهلال الأحمر في حلب رئيس شعبته في اورم الكبرى عمر بركات إضافة إلى عدد من سائقي الشاحنات وعمال تفريغ المواد الذين قضوا خلال القصف. وأعلن في بيان تعليق جميع أعماله في محافظة حلب 3 أيام. وقال الاتحاد الدولي للهلال الأحمر والصليب الأحمر إن غارة الإثنين الماضي دمرت 18 إلى 31 شاحنة إضافة إلى مخزن تابع للهلال الأحمر.
ويأتي استئناف القصف وتحديداً في محافظة حلب بعد إعلان الجيش السوري مساء الإثنين الماضي انتهاء مفعول سريان الهدنة. وعلى جبهات أخرى، شهدت الغوطة الشرقية قرب دمشق اشتباكات عنيفة بعد ساعات على إعلان جيش الأسد بدء عملية واسعة ضد الفصائل المقاتلة.
من ناحية أخرى صنفت الولايات المتحدة جماعة «جند الأقصى» المتشددة السورية رسمياً منظمة «إرهابية عالمية». وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الجماعة التي ظهرت قبل 4 سنوات كانت في الأساس وحدة في جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، قبل أن تنشق عنها.