تبذل المملكة العربية السعودية جهوداً كبيرة على المستويات المحلية والاقليمية والدولية للتصدي لظاهرة الإرهاب ومكافحته واستئصال شأفته من خلال سعيها لاستهداف التنظيمات الإرهابية وأبرزها تنظيم «القاعدة» وتنظيم الدولة «داعش» الإرهابيين. وتشارك السعودية في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» المتطرف منذ صيف عام 2014.
ونهاية العام الماضي، أعلنت السعودية تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب يشمل 35 دولة، وتأسيس مركز عمليات مشترك في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية ضد الإرهاب. وتعد تجربة المملكة في التصدي لظاهرة الإرهاب تجربة رائدة تحظى بتقدير محلي ودولي حيث تتمتع المملكة بخبرة أمنية عالية مكنتها من دحر تنظيم القاعدة بين عامي 2003 و2006. وعزا خبراء ومحللون الدور الرائد للمملكة بسبب خبرتها التراكمية التي باتت أنموذجاً يحتذى به، ونظراً لمعالجتها الناجحة عبر جهود كبيرة مبنية على أسس علمية عميقة، بعد أن طالتها هذه الظاهرة وعانت من هجمات إرهابية في الماضي.
ومن أبرز الجهود التي تبذلها السعودية لمحاربة تلك الآفة، تحصين الحدود، وإحكام الرقابة عليها لمنع التسلل والتهريب، وإصدار لائحة تضم الكيانات والتنظيمات الإرهابية، كما قامت وزارة الداخلية بنشر قوائم للمطلوبين أمنياً في قضايا إرهابية لتكثيف عمليات البحث عنهم وملاحقتهم مع إشراك المواطنين في محاربة الإرهاب الذي يهدد أرواحهم ومقدراتهم وأمنهم.
وقد صدر أمر ملكي بإنزال عقوبة السجن بين 3 و20 عاماً بحق من يقوم بالقتال خارج البلاد.
وأدركت المملكة في وقت مبكر أهمية تثقيف المجتمع أمنياً وفكرياً تجاه الظاهرة وخطورتها لذلك عمدت إلى تقديم برامج توعية عبر وسائل الإعلام المختلفة وتدريس مادة مكافحة الإرهاب في بعض المناهج الدراسية في الجامعات والكليات. كما دعا الإدراك المبكر بخطورة ظاهرة الإرهاب وأهمية توعية المواطنين بالفئة الضالة التي تعتنق فكره المنحرف إلى انتهاج سياسة إعلامية مبنية على الشفافية وذلك بالكشف عن هوية المطلوبين أمنياً والفئات الضالة عبر بيانات لوسائل الإعلام المختلفة. ويمثل تأسيس مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية الذي حظيت فكرته بدعم وتأييد كبير من الراحل صاحب السمو الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله أحد النماذج الفريدة التي تعكس نوعية الرعاية والاهتمام التي تقدمها وزارة الداخلية السعودية للموقوفين والتي حظيت باهتمام لافت من قبل أجهزة الأمن في دول العالم ومسؤوليها الذين زار الكثير منهم المركز وطلبوا الاستفادة من هذا النموذج المميز. وبدأ المركز عمله عام 2006 في استيعاب المتورطين في الفكر الضال وإعادة دمجهم في المجتمع وتصحيح مفاهيمهم عن طريق الاستفادة من برامج المركز المختلفة والوصول بالمستفيدين منه لمستوى فكري آمن ومتوازن لهم ولمجتمعهم، كما تساعد برامج المركز من غرر بهم لإدراك أخطائهم والعودة لجادة الصواب، والاندماج بالمجتمع مواطنين صالحين ومنتجين لصالحهم وأسرهم ووطنهم. ويضم مركز محمد بن نايف للمناصحة مجموعة من الخبراء والمستشارين النفسيين والاجتماعيين، إضافة إلى علماء دين وشريعة، حيث يمثل برنامج المناصحة المرحلة الإجرائية الأخيرة لإطلاق سراح الموقوفين لدى الجهات الأمنية.
وكانت السعودية سباقة بجهودها في مكافحة الإرهاب عندما دعت في مبادرة لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب ودعمه مادياً لتسلط الضوء على العنف الإرهابي المتكرر الذي تعاني منه دول المنطقة والعديد من دول العالم، وتنبه لحجم التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجه المنطقة، لاسيما بعد تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في عدد من دول المنطقة، مما أدى إلى تصاعد منحنى الإرهاب من ناحية، وصعوبة مواجهته من ناحية أخرى.
وتمكنت السلطات السعودية من تفكيك خلايا وإحباط هجمات لتنظيم «داعش» الإرهابي خلال السنوات الماضية كانت تستهدف بالأساس علماء ورجال امن ومنشآت أمنية واقتصادية.
وتبنى التنظيم المتطرف منذ نهاية 2014 سلسلة اعتداءات مميتة باستخدام الأسلحة النارية والتفجيرات في المملكة استهدفت خصوصاً قوات الأمن ومدنيين ومصلين في المساجد.