عواصم - (وكالات): قتل عشرات المدنيين بينهم نساء وأطفال في أحياء حلب الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، بعد أن أمطرها طيران الرئيس بشار الأسد وحليفه الروسي بوابل من القنابل العنقودية والصواريخ لليوم الخامس على التوالي بعد فشل المحادثات الأمريكية الروسية في إرساء هدنة في البلاد. وتحدث شهود عيان عن مشاهد مروعة تضم بركاً من الدماء، وجثثاً مشوهة، ومشافي تغص بالجرحى، سادت الأحياء التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة في حلب. في الوقت ذاته، انتزع جيش النظام والجماعات المتحالفة منطقة حندرات إلى الشمال من حلب فأحكم حصاره لشرق المدينة الخاضع لسيطرة المعارضة. ولم يبقَ في حلب الشرقية سوى 4 مشافٍ لا تكفي لاستقبال مئات الجرحى وغالبيتهم بحالة حرجة مع استمرار القصف بوابل من القنابل والبراميل المتفجرة والصواريخ، خصوصا بعد إعلان جيش الأسد بدء عملية واسعة الخميس الماضي.
وعلى أحد الأسرة، ينظر فتى مصاب بصمت إلى يديه المغبرتين والملوثتين بالدماء، في ما يشبه صورة الطفل عمران المذهول بعد أن أصيب بغارة على حلب، والتي تصدرت أخبار كل وسائل الإعلام العالمية في أغسطس الماضي.
وبدا الألم على ملامحه عندما قام احد الممرضين بتنظيف وجهه من آثار الدماء. وفقد هذا الطفل شقيقه الأصغر الرضيع في الغارة نفسها. والمأساة طالت أحياء أخرى غير حي باب النيرب. ففي حي بستان القصر، كان نساء ورجال وأطفال يصطفون من أجل شراء اللبن الذي يندر الحصول عليه كباقي الأطعمة في الأحياء المحاصرة منذ شهرين، عندما استهدفتهم غارة أسفرت عن مقتل 7 أشخاص. وفي كل مكان شرق حلب، بدت الشوارع وقد ابتلعتها الأنقاض حتى كادت تختفي.
وبات متطوعو «الخوذ البيضاء»، الدفاع المدني في حلب الشرقية، مع كثافة الغارات عاجزين عن التحرك خصوصاً بعدما استهدفت الغارات مركزين تابعين لهم، ولم يتبقَ لهم سوى سيارتين للإسعاف.
وذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» «إن الجرحى والمرضى في عدد من الأحياء لا يجدون مأوى لهم، وهم عرضة للموت». وتحدث سكان وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن «صواريخ جديدة» تسقط على حلب وتتسبب بما يشبه «الهزة الأرضية».
من جانبه، ندد الائتلاف الوطني السوري المعارض بـ «المجازر» التي يرتكبها النظام السوري وحليفه الروسي في مدينة حلب، مطالباً المجتمع الدولي بالتحرك لوضع حد لها. وأثار الهجوم الوحشي على حلب من قبل المقاتلات السورية والروسية تساؤلات عما إذا كان لاتفاق وقف إطلاق النار بين واشنطن وموسكو أي فرصة للنجاح أصلاً. وتحدثت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن شراسة القصف على حلب، وقالت إنه تسبب في دفن أي آمال بإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، مضيفة أن اجتماعاً بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف بنيويورك انتهى أمس الأول دون صدور أي بيان أو حديث عن أي تقدم ملحوظ باتجاه الهدف الذي أعلنه كيري بشأن إحياء وقف إطلاق النار.
في غضون ذلك، قال العقيد فارس البيوش قائد جماعة الفرقة الشمالية بالمعارضة السورية المسلحة إن من المتوقع أن تحصل المعارضة على أنواع جديدة من الأسلحة الثقيلة من الداعمين الأجانب رداً على انهيار وقف إطلاق النار وعلى هجوم للحكومة تدعمه روسيا لكنها لن تحصل على ما يمكن وصفه بتحول كبير في الدعم. ولم تتمكن روسيا والولايات المتحدة، رغم سلسلة اجتماعات عقدها وزيرا خارجيتيهما سيرغي لافروف وجون كيري، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، من التفاهم حول إحياء هدنة انهارت الإثنين الماضي بعد 7 ايام على بدء تطبيقها، وتبادلتا الاتهامات حول هذا الفشل الدبلوماسي.
وكان الوزيران لافروف وكيري اتفقا على إرساء هدنة دخلت حيز التنفيذ في 12 سبتمبر الحالي، قبل أن يؤدي تصعيد متزايد على الأرض إلى انتهائها.
واتهمت موسكو واشنطن بعدم الضغط على المعارضة من أجل فك ارتباطها بجبهة فتح الشام، جبهة النصرة سابقاً المستثناة مع تنظيم الدولة «داعش» من اتفاق الهدنة. بينما اتهمت واشنطن موسكو بعدم الضغط على النظام للإفساح في المجال أمام دخول كميات كافية من المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة خصوصاً.
وفي جنيف، أعلنت الأمم المتحدة أن مليوني شخص تقريباً يعانون من انقطاع المياه في حلب، بعد أن قصفت قوات النظام إحدى محطات الضخ.