عمان - (وكالات): قتل الكاتب الصحافي الأردني المسيحي ناهض حتر صباح أمس أمام قصر العدل وسط عمان بعد نحو أسبوعين على إطلاق سراحه بكفالة مالية إثر نشره رسماً كاريكاتيرياً على صفحته على «فيسبوك» اعتبر أنه «يمس الذات الإلهية».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «بترا» عن مصدر أمني قوله إن «الكاتب الأردني ناهض حتر قتل صباح أمس أمام قصر العدل في منطقة العبدلي وسط عمان بعد إصابته بثلاث رصاصات». وأكد «القبض على المجرم مطلق النار وضبط سلاحه الناري» مشيراً إلى أن «التحقيقات جارية معه للوقوف على ملابسات القضية».
وقال محمد الجغبير، وهو إعلامي وصديق لحتر كان يرافقه لحضور جلسة المحاكمة مع عدد من الأصدقاء ونجل حتر، «كنا نهم بالدخول إلى المحكمة بقصر العدل حيث حددت جلسة محاكمة حتر». وأضاف «بينما كنا نصعد درجات مدخل الباب الرئيس للمحكمة اقترب منا شخص ملتح يلبس دشداشة أخرج مسدساً من كيس كان يحمله وأطلق الرصاص على رأس حتر من مسافة صفر، فسقط حتر قبل أن يطلق القاتل رصاصات أخرى، بينما كنا مصدومين ونحن نرى إطلاق النار». وأصيب حتر «56 عاماً» بمنطقتي الرأس والرقبة ونقل جثمانه أولاً إلى مستشفى «لوزميلا» ثم إلى مستشفى البشير في عمان حيث الطب الشرعي. وقال مصدر أمني إن «مطلق النار أردني يبلغ من العمر 49 عاماً وقام بتسليم نفسه لحرس المحكمة».
وبحسب وسائل إعلام أردنية فإن القاتل يحمل شهادة بكالوريوس في الهندسة الكهربائية وكان إماماً لأحد مساجد عمان قبل نحو 6 أعوام قبل أن تفصله وزارة الأوقاف. وأعلن مصدر مقرب من عائلة حتر أن «عائلته سترفض تسلم جثمانه لحين ظهور نتائج التحقيق».
وأضاف أن «حتر سبق أن تلقى تهديدات بالقتل وأنه كان خائفاً على حياته وكان يغير مكان إقامته بين فترة وأخرى». ونددت الحكومة الأردنية بـ»الجريمة النكراء التي راح ضحيتها الكاتب الصحافي ناهض حتر».
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني إن «الثقة بالقضاء الأردني وبأجهزتنا الأمنية عالية في متابعة ومحاسبة من اقترف الجريمة النكراء». وأضاف أن «اليد التي امتدت إلى الكاتب المرحوم حتر ستلقى القصاص العادل حتى تكون عبرة لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجريمة الغادرة». وأكد الوزير أن «القانون سيطبق بحزم على من قام بهذا العمل الآثم، وأن الحكومة ستضرب بيد من حديد كل من يستغل هذه الجريمة لبث خطاب الكراهية الطارئ على مجتمعنا».
وقال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إنها «جريمة نكراء وبعيدة كل البعد عن أخلاقنا وقيمنا ونموذج التسامح الذي نفخر به. الأردنيون يعالجون اختلافاتهم بالحوار والقانون وليس بالرصاص». واستنكرت دائرة الإفتاء العام في بيان مقتل حتر، مؤكدة أن «الدين الإسلامي بريء من هذه الجريمة البشعة». ودعت «أبناء المجتمع الأردني جميعاً باختلاف أديانهم وأطيافهم إلى الوقوف صفاً واحداً خلف قيادتهم الهاشمية ضد الإرهاب ومثيري الفتنة». كما دانت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مقتل حتر. وقال بادي الرفايعة الناطق باسم الجماعة في بيان إن الجماعة «تستنكر الاعتداء والطريقة البشعة التي جرت فيها». وأضاف «نحذر من إثارة الفتنة وندعو الجميع في وطننا الغالي للحفاظ على أمنه واستقراره». بدوره، دان مركز حماية وحرية الصحافيين الإردنيين اغتيال حتر واعتبر في بيان أن «الرصاصات التي استهدفته هي إرهاب موجه لكل صاحب قلم وكلمة». وفي بلدة الفحيص غرب عمان والتي تتحدر منها عائلة حتر، نظم عشرات من أبناء عشيرته وأقاربه وقفة احتجاجية للتنديد بمقتله.
وكانت السلطات الأردنية أفرجت عن حتر في 8 سبتمبر الحالي لقاء كفالة مالية بعد نحو شهر على توقيفه.
وأوقف حتر في 13 أغسطس الماضي عقب نشره رسماً كاريكاتيرياً، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» اعتبر مسيئاً للذات الإلهية. ووجه مدعي عام عمان إلى الكاتب اليساري المسيحي تهمتي «إثارة النعرات المذهبية» و»إهانة المعتقد الديني»، وأعلن حظر النشر في القضية. ونفى حتر حينها ما اتهم به مؤكداً أنه «غير مذنب». وكانت عقوبة أي من التهمتين المسندتين لحتر قد تصل في حال إدانته إلى الحبس 3 سنوات. وكان حتر نشر رسماً كاريكاتيرياً، لم يرسمه، على صفحته على فيسبوك بعنوان «رب الدواعش» ما أثار جدلاً واستياء على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن حتر حذف المنشور من صفحته بعد أن أكد أن الرسم «يسخر من الإرهابيين وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهية عما يروجه الإرهابيون».