مباشرة إلى عموم سوريا بشكل فوري وبدون عراقيل، لإنقاذ هذا البلد العزيز وشعبه من محنته التي لا مصلحة لأحد منا في استمرارها، وللحيلولة دون انهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة، بما يحفظ لسوريا سيادتها ووحدة شعبها وأراضيها، والقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية التي باتت منتشرة في أرجائها، وإبعاد التدخلات الإقليمية التي تحدث إما بصورة مباشرة أو بالوكالة وتعرقل جهود تسوية الأزمة.
وفي السياق ذاته، فإننا نشجع على اتخاذ خطوات في جمهورية العراق باتجاه معالجة كافة المشكلات التي تعترض إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وتحقيق إرادة الشعب العراقي الشقيق، من خلال مشاركة الأطراف السياسية كافة، دون أي ضغوطات خارجية، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة مواصلة جهود استعادة سيطرة الدولة على كامل ترابها الوطني من التنظيمات الإرهابية، والتصدي لما ترتكبه الميلشيات المتطرفة من أفعال إجرامية وغير إنسانية تطال أبناء العراق وجواره، تحت غطاء محاربة الإرهاب.
السيد الرئيس ،،،،
إن من حقنا، ومن أكبر تطلعاتنا، أن يأتي اليوم الذي نرى فيه الدولة الفلسطينية المستقلة، وهي تعيش بسلام وأمن إلى جانب دولة إسرائيل، ولا يخالجني شك في أن شعوب المنطقة، العرب منهم والإسرائيليين، ينشدون هذا اليوم ويرغبون في السلام العادل والشامل، ولكن هذا الأمل يظل مرهوناً بأن يكون هناك إدراك حقيقي بأنه لن يستتب لإسرائيل أمن ولن يتحقق لمجتمعها استقرار ما لم ينعم الشعب الفلسطيني بالشيء ذاته، وهذا يتطلب أن تكون إسرائيل جادة في تحقيق سلام يأمن فيه الفلسطينيون والإسرائيليون معاً على أنفسهم ومستقبلهم ومستقبل أولادهم، من خلال التوقف عن الانتهاكات المتكررة لحرمة المسجد الأقصى وما تولده من إثارة لمشاعر المسلمين في العالم أجمع، وإزالة المستوطنات غير الشرعية من الأراضي الفلسطينية المحتلة، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني الشقيق في قيام دولته المستقلة على ترابه الوطني ضمن حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يتوافق مع كافة القوانين والمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وأن تتفاعل بإيجابية وانفتاح مع مبادرة السلام العربية، التي لا تزال قائمة ومطروحة، وما زلنا متمسكين بها، ولن نتراجع عنها، كونها الحل الحقيقي والصحيح، لإرساء أسس السلام في المنطقة، وتعزيز التعاون بين دولها وشعوبها.
أما فيما تشهده الجمهورية اليمنية، فإن التزام مملكة البحرين بالمشاركة في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن سيستمر دون أي تراجع، فلم تدخر البحرين لا مالاً ولا دماً في سبيل ذلك الهدف النبيل، وستظل سائرة في هذا الطريق، ولن تحيد عنه أبداً مهما بلغت التضحيات إلى أن تتمكن الحكومة الشرعية بقيادة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، من إحكام سيطرتها على كافة الأراضي اليمنية، مؤكدين على الدور الانساني الذي تضطلع به قوات التحالف وحرصها على عدم استهداف المدنيين، ونطالب القوى الانقلابية ومن يدعمها بأن تكف فوراً عن الخطوات السلبية والمعرقلة لتحقيق الاستقرار والتي تجسد طموحها في السيطرة على مؤسسات الدولة. ونؤكد هنا أننا لسنا ضد أي طرف يمني، وسنقف مع اليمن وشعبه الشقيق بمكوناته كافة في وجه كل من يريد الإضرار به أو السيطرة عليه من الخارج، حتى يتم التوصل إلى حل سلمي، وفق اتفاق سياسي ينهي معاناة الشعب اليمني ويحفظ له أمنه واستقراره ووحدته، وفق المرجعيات المتفق عليها والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015)، مشيدين بجهود السيد/ إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبعوث الأمين العام إلى اليمن وبما قامت به دولة الكويت من جهود مشكورة في سبيل الخروج من هذه الأزمة.
وفيما يتعلق بدولة ليبيا، فإن هذا البلد العربي الشقيق بحاجة ماسة إلى تكاتف كافة الأطراف به وتوحيد جميع الجهود فيه لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، والتغلب على كافة التحديات التي تواجهه لتحقيق تطلعات وطموحات شعبه في العيش بأمان والتمتع بالاستقرار في ظل دولة موحدة ومؤسسات قوية وحديثة. وإذ نرحب بتشكيل حكومة الوفاق الوطني، فإننا نؤكد على ضرورة توفير الدعم اللازم لهذه الحكومة ومنحها الثقة من قبل مجلس النواب الليبي، لتتمكن من قيادة البلاد والنهوض بمهامها ومسؤولياتها وتخليص ليبيا من التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها.
وفيما يخص مسألة الصحراء المغربية، فإن مملكة البحرين تؤكد على ضرورة إيجاد حل سياسي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما يكفل وحدة التراب المغربي ويخدم الأمن والاستقرار في المنطقة، مرحبين بقرار المملكة المغربية الشقيقة بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي وممارسة دورها الحيوي على الساحة الإفريقية.
السيد الرئيس،،،
فيما يتعلق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإننا في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي جميع الدول العربية لم ندخر جهداً، مع هذا البلد الجار، لبناء أفضل العلاقات القائمة على مبدأ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وفق الأعراف والمبادئ الدولية، فلم نتردد لحظة في مد الجسور وتطوير العلاقات معها، إلا أن كل مساعينا وجهودنا ورغبتنا الصادقة لم تلق التجاوب الجدي من قبل إيران، فإما أن تصل جهودنا إلى طريق مسدود أو تنتهي باختلاق إيران لمشاكل وأزمات جديدة تعيدنا إلى المربع الأول، فلازلنا نسمع من إيران الخطاب الطائفي غير المسؤول والإساءة والإضرار بالعلاقات الثنائية والجماعية معها، والتي تمثلت مؤخراً بإلقاء المسؤولين الإيرانيين التهم الباطلة جزافاً ضد المملكة العربية السعودية الشقيقة والتي يشهد لها العالم بأسره بأنها تبذل جهداً جباراً وتقوم بدور عظيم وجليل في استضافة ورعاية ووفادة العدد الهائل من ضيوف الرحمن، الحجاج والمعتمرين والزوار، وتكفل لهم كل سبل الأمن والرعاية، وهو ما لا يمكن لأحد إنكاره أو الإساءة إلى القائمين عليه، كما أننا مازلنا نواجه محاولات إيران للعبث بأمننا واستقرارنا وسلمنا الأهلي من خلال دعم الجماعات والمليشيات التابعة لها مثل حزب الله الإرهابي وأمثاله من توابع الحرس الثوري الإيراني، وتواصل إيران أيضاً احتلالها للجزر الثلاث التابعة للإمارات العربية المتحدة الشقيقة في الخليج العربي وترفض المساعي السلمية لحل هذه القضية. فالصورة واضحة أمامكم، ولن تتغير إلا عندما تغير إيران سياستها الخارجية بشكل شامل، وتتخلى عن سياساتها العدوانية، وتنفتح بإيجابية على دولنا، بما يمهد الطريق لدخول المنطقة لمرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية.
السيد الرئيس،،،
تؤكد مملكة البحرين على ضرورة تضافر الجهود لتحقيق هدف إخلاء منطقة الشرق الأوسط بما فيها الخليج العربي من أسلحة الدمار الشامل ومن بينها السلاح النووي، مع التشديد على حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، فالطاقة النووية ما وجدت إلا لخدمة البشر وتحسين حياتهم والارتقاء بأوضاعهم في كافة مناحي الحياة، لا للإضرار بهم أو استخدامها كسلاح فتاك لمحو المدن وقتل الملايين من الأبرياء.
السيد الرئيس،،،
إن أمامنا فرصة وإمكانية للتصدي والتغلب على التحديات التي تواجهنا وإبقاء أوطاننا وشعوبنا قوية ومتماسكة، فنحن أبناء منطقة لها من الإسهامات الإنسانية ما لها وحققت من الإنجازات الحضارية ما حققت، وأسهمت بفعالية في كل ما نراه ونعيشه الآن من تقدم حضاري وإنساني في كافة العلوم والميادين، وما تحقق لها ذلك إلا عندما كان يعيش في ظلها الجميع بكل أمن وأمان بعيداً عن خطوط الأعراق والمذاهب والأديان، وهو ما يجب أن نتمسك به ـ ونحن نستشرف مسارات المستقبل التي نبتغيها لدولنا وأجيالنا القادمة ـ لمواصلة هذا العطاء الحضاري الإنساني الكبير الذي نفتخر به. واستذكر هنا ما قاله سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين حفظه الله، واقتبس: «إن مملكة البحرين وشعبها يجسدون مبادئ الصداقة والتسامح والاحترام المتبادل والانفتاح على العالم، وكلنا فخر بتنوعنا وتعددنا، وإيماننا الراسخ بأن لكل فرد الحق في التمتع بحياة آمنة وكريمة». (انتهى الاقتباس)
إن هذه الكلمات التي تتجسد في مملكة البحرين ومواطنيها، تعكس أيضاً ـ وبكل تأكيد ـ روح المنطقة وما تتطلع إليه شعوبها، وأختم بالقول إن مملكة البحرين ستظل بقيادتها وشعبها الواعي الذي يحتضن محبة وسلام العالم والشعوب قاطبة وفية لهذه القيم الإنسانية السامية والمبادئ التي تفخر بها منذ القدم، متمسكة بها، مستضيئة بنبراسها أمام المخاطر التي تستهدف أمنها ومنجزاتها من أجل مجتمع آمن ومستقر ينعم فيه الجميع بالأمن والرخاء والازدهار.
وشكراً السيد الرئيس.