عواصم - (وكالات): تفوقت المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون على منافسها الجمهوري دونالد ترامب في مواجهة نارية جرت بينهما من خلال أول مناظرة تبادلا خلالها الاتهامات والإهانات والتراشق في العديد من الملفات، قبل 6 أسابيع من موعد انتخابات غير محسومة، بينما استفادت كلينتون القوية بخبرتها الدبلوماسية، من الفصل المتعلق بالسياسة الخارجية أمام ترامب، لتقدم نفسها على أنها ضامنة لوعود وتحالفات أمريكا. ومن المقرر أن تجرى مناظرتان أخريان في 9 و19 أكتوبر المقبل. ووقف ترامب على مسرح المناظرة الرئاسية محاولاً توصيل رسالته للجمهور بضرورة إجراء تغيير سياسي شامل والفوز بتأييد ملايين الناخبين الذين لم يحسموا آراءهم. غير أن المرشح الجمهوري بدا عاجزاً عن الاستفادة من الفرصة التي سنحت له أمام جمهور شاشات التلفزيون الذي ذكرت بعض التقديرات أن عدده بلغ 100 مليون مشاهد. وبدلاً من أن يقدم نفسه كعامل من عوامل التغيير أمضى ترامب معظم فترات المناظرة في تبادل إهانات شخصية مع منافسته الديمقراطية. وطيلة 90 دقيقة تواجه المرشحان حول رؤية كل منهما للمستقبل والاقتصاد والأمن والسياسة الخارجية وغيرها من المواضيع مثل التصريح الضريبي لترامب أو الرسائل الإلكترونية لكلينتون.
وأظهرت التعليقات واستطلاعات الرأي الأولى تقدم كلينتون. ومن أصل 521 ناخباً محتملين اتصلت بهم شبكة «سي أن أن» قال 62% إن كلينتون فازت في المناظرة في مقابل 27% رأوا العكس.
ووقف المرشحان لوحدهما أمام منبر لكل منهما في مواجهة الصحافي ليستر هولت الذي أدار المناظرة. وتحدثت كلينتون عن برنامجها وعرضت مقترحات ملموسة وشددت على التقدم الذي تم تحقيقه في السنوات الثماني الماضية.
إلا أن ترامب الذي يوجه انتقادات شديدة لإدارة الرئيس باراك أوباما الحالية، قاطع كلينتون مرات عدة ووصفها بأنها «نموذج للسياسي التقليدي. خطابات ولا أفعال». وأضاف «لقد قمت بذلك طيلة 30 عاماً لماذا تبدئين الآن فقط بالتفكير في الحلول؟». إلا أن ترامب وجد نفسه مرات عدة في موقع دفاعي أمام كلينتون الأكثر دقة واطلاعاً على الملفات. وفي نهاية المناظرة، تحولت الهجمات إلى الجانب الشخصي. وقال ترامب «إنها لا تتمتع بالطاقة اللازمة (...) لتولي رئاسة البلد لا بد من التحلي بقدر هائل من الطاقة». لكن كلينتون ردت «بعد أن يزور 112 بلداً ويتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق سلام ووقف لإطلاق نار وإطلاق سراح منشقين (...) أو بعد أن يمضي 11 ساعة وهو يدلي بشهادته أمام لجنة تابعة للكونغرس، عندها يمكنه التحدث عن الطاقة».
واستحوذت قضايا الشرق الأوسط، وخاصة مواجهة تنظيم الدولة «داعش» والاتفاق النووي الإيراني وغزو العراق والعلاقة مع دول المنطقة على حيز كبير من المناظرة. ودعا ترامب، إلى إعادة النظر في تحالفات الولايات المتحدة مع دول العالم بما فيها بلدان الشرق الأوسط. وطالب بضرورة أن تدفع الدول الحليفة للولايات المتحدة مقابل حمايتها. وقال «أريد مساعدة كل حلفائنا، غير أننا نخسر المليارات والمليارات من الدولارات.» وأضاف «لايمكننا أن نكون شرطي العالم، لا يمكننا أن نحمي دولاً حول العالم لا تدفع لنا ما نحتاج إليه.»
غير أن كلينتون انتقدت بشدة دعوة ترامب، وتعهدت بالتزام أمريكا بمعاهدات الدفاع المشترك مع حلفائها.
واتهم المرشح الجمهوري إدارة أوباما وكلينتون بترك الشرق الأوسط «في حالة فوضى بكل معنى الكلمة». وقال إن المنطقة لاتزال تعيش في هذه الحالة. وحمل ترامب إدارة أوباما وكلينتون مسؤولية ظهور تنظيم الدولة «داعش». وعبر عن اعتقاده بأنه لو فازت كلينتون بالرئاسة فإنها لن تقضي على التنظيم. وقال إن أوباما «خلف فراغاً بالطريقة التي سحب بها القوات الأمريكية من العراق، ما أدى إلى ظهور «داعش»». وأضاف أن كلينتون كانت في الحكم عندما كان التنظيم «طفلاً صغيراً»، وأنها لن توقفه الآن. وعبر عن اعتقاده بأنه كان يجب على إدارة أوباما أن تمنع تشكيل التنظيم. وردت كلينتون بأن منافسها الجمهوري «ليس لديه خطة» بشأن مواجهة التنظيم المتطرف. وأضافت أنه من الضروري العمل بشكل أكثر اهتماماً مع الحلفاء بشأن مكافحة الإرهاب، متهمة منافسها الجمهوري برفض هذا النهج. ودعت إلى أن تركز أمريكا على القضاء على قيادة التنظيم وعلى رأسها أبو بكر البغدادي، وتكثف الضربات الجوية والتعاون مع القوات التركية والكردية. وبينما اعتبرت كلينتون أن إبرام الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني «يظهر قوتها الدبلوماسية»، أكد ترامب مجدداً رفضه للاتفاق بين طهران والدول الكبرى. وقال إنه سوف «يهزم إيران». وتساءلت كلينتون عن الطريقة التي سوف يهزم بها ترامب إيران، وقالت «هل سوف يقصفها؟».
ورد ترامب قائلاً إنه «لا يمكن أن يستبعد أي شيء من على الطاولة»، في التعامل مع دول مثل كوريا الشمالية وإيران.
وفيما يتعلق بالعراق، قال ترامب إنه «كان من الضروري أن تأخذ الولايات المتحدة نفط العراق». وأنكر ترامب ما نقل عنه سابقاً من أنه كان من مؤيدي الغزو بقيادة أمريكا للعراق.