كتب - حذيفة إبراهيم:كشف مصدر مطلع لـ»الوطن» عن أن مهربي الديزل يُضللون رجال الجمارك من خلال الحصول على شهادات «مواد مزيفة» من الشركات التي يتم التعامل معها، حيث يتم كتابة أن المادة هي «زيوت تشحيم» مثلاً أو غيرها، بينما تكون المادة الفعلية هي الديزل. فيما تقدر الجهات الرسمية ما تتحمله الدولة سنوياً من خسائر بسبب هذه الظاهرة ما بين ثلاثة إلى خمسة ملايين دينار.وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن المهربين يتبعون طرقاً لتهريب الديزل والتي عادة ما تكون عبر المنافذ البحرية، مشيراً إلى أن المهربين يتبعون طرقاً جديدة كل مرة، في ظل عدم وجود القانون الرادع لهم.ونسبة لانخفاض أسعار البيع المحلية لمنتج الديزل مقارنة بالسعر العالمي على وجه التحديد المقدر بحوالي 260 فلساً للتر الواحد، طفحت على السطح في الأعوام الأخيرة ظاهرة تنذر الاقتصاد الوطني سنوياً بخطر شديد ما لم يوضع لها حد وحل، وهي سوء استخدام وقود الديزل، وذلك من خلال تهريبه للاستفادة من فروقات الأسعار مع الدول الأخرى التي تبيعه بأسعار تزيد عن الأسعار المحلية.وأشار المصدر إلى أن بعض الشركات الكبيرة التي تهرب الديزل تستخدم شهادات «مواد مزيفة» بالتعاون مع بعض الشركات الأخرى المعتمدة من قبل الجمارك، والتي تصدر شهادات «معتمدة» حول المادة وتفاصيلها.وأضاف «تلك الشركات يتم استغلال بعض ضعاف النفوس فيها، حيث يتم إصدار شهادات مزورة لمواد من مشتقات نفطية كمخلفات الزيوت أو غيرها من المواد المسموح تصديرها، والتي هي في الحقيقة ليست كذلك»، مشيراً إلى أن رجال الجمارك يعتمدون على تلك الشهادات كونها معتمدة ولا يتم فحص البضاعة في بعض الأحيان.وبمقارنة أسعار بيع الديزل المطبقة في البحرين مع تلك المطبقة في بقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، نجد أنها متقاربة نوعاً ما، فالسعر المعمول به محلياً والبالغ 100 فلس للتر مقارب للسعر المطبق في قطر والكويت، إذا ما تم أخذ فارق العملة بعين الاعتبار. ومن جهة أخرى، فهو أدنى من السعر المطبق في عُمان والإمارات. ويرتبط سعر الأخيرة بالسعر العالمي.وكانت آخر مراجعة تخضع له أسعار البيع المحلية للديزل في العام 2008، إذ كان اللتر الواحد من هذا المنتج يباع بـ 70 فلساً، إلى أن صدر قرار بيع اللتر الواحد منه بـ 100 فلس، مع اعتماد آلية لتعويض الصيادين عن فارق السعر الجديد في ذلك، دعماً ومساندة من الحكومة للعاملين في هذه المهنة الحرة. وتؤكد الأرقام المتوفرة أن مجموع دعم الصيادين قد بلغ حتى 2012 ما يقارب من 1.2 مليون دينار.وأوضح المصدر أن الطن من الديزل (1000) لتر يباع عالمياً بسعر 1000 دولار أي ما يعادل 378 ديناراً تقريباً، بينما يتم شراؤه من البحرين بسعر 100 دينار فقط للطن الواحد.وبيّن المصدر أنه لا يوجد قانون واضح بشأن تهريب الديزل ومنعه، حيث إن مثل تلك الطرق تعد تحايلاً في ظل عدم المقدرة على محاسبة الشركات التي تصدر الشهادات المزورة أو محاسبة الجهة التي استخدمت تلك الشهادة، وهو ما يعد ثغرة قانونية يجب سدها بالتشريعات اللازمة.وتابع بأن الطريقة الأخرى التي يتم تهريب الديزل فيها عن طريق إصدار شهادة منشأ مزورة، حيث يتم كتابة شهادة المنشأ للمنتج من أماكن مختلفة وليس البحرين، ومن ثم تهريب الديزل عن طريقها، مشيراً إلى أن شهادة المنشأ المزورة هي الأخرى لا توجد القوانين الصريحة التي تنص على محاسبتها.الخسائر السنويةوتشير إحصائيات الهيئة الوطنية للنفط والغاز إلى أن عمليات تهريب الديزل التي تمكن قسم الرقابة والتفتيش من ضبطها بالتنسيق مع إدارة الجمارك بوزارة الداخلية خلال الأعوام الثمانية الأخيرة (2006 – 2013) قد بلغت 43 حالة ضبط، وتقدر كمية المضبوطات بحوالي سبعة ملايين لتر. وتقدر الجهات الرسمية ما تتحمله الدولة سنوياً من خسائر بسبب هذه الظاهرة ما بين ثلاثة إلى خمسة ملايين دينار، وهي مبالغ حري بتوجيهها لخدمة المواطنين بدلاً من استخدامها على هذا النحو السيئ، بخاصة مع تزايد حيل وأساليب الخداع التي يعتمدها المهربون وهو ما يفوت في بعض الأحيان الفرصة على المفتشين من ضبط تلك العمليات.وقال المصدر إن الثغرات الموجودة في القوانين أدت إلى تفاقم المشكلة، حيث لا يوجد قانون واضح يتم الاستناد إليه في مثل تلك الحالات، وهو أمر يصعب من مهمة القضاء على التهريب.وحول كميات الشحنات، أكد أن الطريقة السابقة التي اعتمدت على وضع الديزل في خزانات المياه للسفينة كانت تهرب كميات أقل، إلا أن الطرق الحالية زادت الكميات المهربة من تلك المادة فيها.وقال إن الجمارك تتعاون مع شركة نفط البحرين «بابكو» في فحص المشتقات النفطية لبعض الشحنات المشكوك فيها، إلا أن الأخيرة ترد في بعض الأحيان بأن مختبراتها مخصصة لفحص جودة منتجاتها بشكل أساسي، مشيراً إلى أن الجمارك لا تمتلك المختبرات الخاصة بفحص المشتقات النفطية.وشدد المصدر على ضرورة إصدار مجلس النواب للتشريعات الخاصة بتهريب المشتقات النفطية وطرقها وما يتم من تحايل بطرق غير قانونية.وقال إن بعض المهربين الذين يمتلكون تصاريح للحصول على كميات ديزل بالجملة يتعمدون تخزين الكميات في المخازن الخاصة على الأرصفة التي يمتلكونها لحين بلوغها 20 ألف طن أو 10 آلاف طن، كي يصبح سعر الشحن أقل مما يزيد الأرباح.وفي الوقت الذي تنعكس فيه رغبة الحكومة البحرينية في تقليل الأعباء عن كاهل مواطنيها من خلال اعتمادها سياسة الدعم بشكل عام، إلا أن تلك السياسة المعمول بها حالياً والتي لا تفرق بين المقتدر والعاجز مادياً، أصبحت عبئاً إضافياً كونها موجهة لقطاعات تجارية وبعضاً من الأفراد الميسورين ممن لا يستحقون تلك المبالغ الطائلة التي تستنزف الميزانية العامة للدولة بشكل متواصل سنوياً.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90