عواصم - (وكالات): أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الهجمات على المرضى في مستشفيات بحلب شمال سوريا تشكل «جريمة حرب»، وذلك تعليقاً على تعرض أكبر مستشفيين شرق المدينة الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة للقصف، من قبل طائرات جيش الرئيس بشار الأسد وروسيا، الأمر الذي دفع واشنطن لتهديد موسكو بتعليق التعاون معها حول سوريا. من جانبه، حذر رئيس «الخوذ البيضاء» - الدفاع المدني في مناطق المعارضة - رائد الصالح من أن الحياة اليومية في حلب ستتحول خلال شهر إلى جحيم تحت ضربات النظام السوري وحليفته روسيا، وسكان المدينة قد يتعرضون لـ «مجزرة» في حال «سقوطها» في أيدي قوات النظام، مضيفاً أن القسم الشرقي من المدينة لن يصمد «لأكثر من شهر» بسبب استمرار تدمير ما تبقى من الخدمات العامة. وقال إنه «لن يكون هناك مياه أو كهرباء أو وقود ولن تتمكن المستشفيات من مواصلة عملها».
وتعتبر منظمات غير حكومية وسكان أن الهجمات المتعمدة من النظام السوري وحليفه الروسي هدفها القضاء على البنية التحتية التي لا تزال قيد الاستخدام في المناطق المحاصرة التي تفتقد إلى كل شيء.
وخلال محادثة هاتفية جديدة، أبلغ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف أن «الولايات المتحدة تستعد لتعليق التزامها الثنائي مع روسيا حول سوريا، وخصوصاً إقامة مركز مشترك» للتنسيق العسكري بحسب ما ينص عليه الاتفاق الروسي الأمريكي الموقع في جنيف في 9 سبتمبر الحالي قبل أن ينهار بعد 10 أيام.
وهذا التعاون بين موسكو وواشنطن الذي سعى إليه جون كيري حتى النهاية طوال أشهر، سيتوقف إلا إذا «اتخذت روسيا تدابير فورية لوضع حد للهجوم على حلب وإعادة العمل بوقف الأعمال القتالية» الذي «انتهى» في 19 سبتمبر الحالي مع قرار الجيش السوري بدء الهجوم على حلب تزامناً مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وأصيب أكبر مستشفيين بضربات جوية، فيما تستمر المعارك في المدينة حيث أعلنت قوات النظام تحقيق تقدم على الأرض خلال الساعات الأخيرة.
وقال أدهم سحلول من الجمعية الطبية السورية الأمريكية، مقرها في الولايات المتحدة، «وقع الهجوم فجر أمس عندما استهدفت طائرة عسكرية المستشفيين بشكل مباشر».
وقتل مريضان وأصيب اثنان من طاقم المعالجين في الضربات، وفق منظمة أطباء بلا حدود.
وفي نيويورك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الهجمات على مستشفيات في حلب تشكل «جريمة حرب»، وقال أمام مجلس الأمن إن «الأمر أسوأ من مسلخ»، لافتاً إلى «أشخاص فقدوا أعضاءهم» و»معاناة رهيبة مستمرة لدى أطفال».
من جهتها، قالت ديانا سمعان من منظمة العفو الدولية أن مثل هذه الضربات تهدف إلى إجبار 250 ألف نسمة في مناطق الفصائل على الفرار إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وأضافت أن «الهدف الوحيد من هذه الهجمات ضد المستشفيات هو زيادة معاناة المدنيين، وتدمير البنية التحتية لإجبارهم على المغادرة إلى مناطق يوجد فيها بنى تحتية».
بدوره، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت أن بلاده ستطرح قراراً في الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في حلب والذين سيمتنعون عن التصويت لصالحه «يجازفون بتحمل مسؤولية المشاركة في جرائم حرب».
وتتعرض الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة منذ أسبوع لغارات جوية عنيفة يشنها الطيران السوري والروسي أوقعت مئات القتلى والجرحى من المدنيين بينهم أطفال ونساء ودمرت مباني سكنية.
وأكد سحلول «أن تجدد القصف يعني التوقيع على صك مقتل مئات من الأشخاص».
والغارات مستمرة منذ أعلن الجيش السوري في 22 سبتمبر الماضي البدء بحملة واسعة لاستعادة كامل مدينة حلب المنقسمة منذ عام 2012 بين أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المقاتلة وأخرى غربية تسيطر عليها قوات النظام.
واستعاد جيش الأسد السيطرة على أحد أحياء المعارضة وسط حلب بعد أيام من القصف الجوي الكثيف.
إلى ذلك، دان البابا فرنسيس في روما تصاعد أعمال العنف في سوريا ودعا المسؤولين عنها إلى «مراجعة ضمائرهم»، مؤكداً أن «الله سيحاسبهم». وطالبت منظمة أطباء بلا حدود في تغريدة على تويتر «بإجلاء الجرحى والمرضى في حالة حرجة من حلب الشرقية»، مضيفة «أنهم الآن واقعون في الفخ وقد يموتون».
بدورها، نبهت منظمة الصحة العالمية إلى أن الأجهزة الطبية شرق حلب على وشك «التدمير الكامل»، مطالبة «بإقامة ممرات إنسانية من أجل إجلاء المرضى والجرحى».
وكان الجيش السوري طلب بعد إعلانه بدء الهجوم من سكان حلب الشرقية المغادرة باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام، إلا أن أغلب السكان يخشون توقيفهم لدى عبورهم إلى حلب الغربية.
وقتل أمس مدنيون في قصف مدفعي قرب مخبز في حلب الشرقية، بحسب المرصد السوري ومسعفين.
ويستهدف جيش الأسد حي المعادي بشكل خاص انطلاقاً من قلعة حلب التاريخية في المدينة القديمة.