في إطار تعزيز الشراكة المجتمعية وحرص معاليه على التواصل مع جميع المواطنين والاطمئنان على استقرار الأوضاع الأمنية في ربوع المملكة،التقى الفريق الركن معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية صباح اليوم وبحضور أعضاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والمحافظين ومديري مديريات الشرطة مع عدد من شيوخ الدين والوجهاء في مملكة البحرين.
وقال معالي وزير الداخلية في كلمة ألقاها بهذه المناسبة:
يسعدني أن أرحب بكم في هذا اليوم المبارك وأن أهنئكم بحلول السنة الهجرية النبوية ؛ مستذكرين هجرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة . فالهجرة معلم أساسي في تاريخ الإسلام وتحول مهم في الدعوة الإسلامية وبها بدأ بناء الدولة الإسلامية وبناء الأمة التي بلّغت رسالة التوحيد في مشارق الأرض ومغاربها، وأجدها مناسبة كريمة لألتقي بهذا الجمع الطيب من شيوخ الدين ووجهاء البلاد للحديث عن دور المنبر الديني في المحافظة على وحدة المسلمين، فالمنابر أيها الأخوة أمانة إسلامية جليلة يتحمل مسؤوليتها الخطباء وأجهزة الدولة المعنية بالأمر ، فدورها واضح وجلي في إعلاء كلمة المولى عز وجل ، والتذكير بسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم. وإن أخطر ما يكون على الإسلام أن تأخذ المنابر الدينية صفة المذهبية والطائفية أو التسييس ، فهي وجدت لجمع كلمة المسلمين وتعزيز الاستقرار والثبات الاجتماعي ، لأن مبادئها السامية ثابتة ، وهي الجامعة للناس حول كلمة الحق والخير ، مصداقاً لقوله تعالى " ومن أحسنُ قولاً مِمَن دَعا إلى الله وعَمِلَ صَالحاً وقال إنني من المسلمين" وقوله تعالى "وأنّ المساجدَ للهِ فلا تدعُوا مع اللهِ أحداً".
أيها الإخوة الأفاضل، إن المنبـر لا يعطي حصانة لخطيبه، بل إن الخطيب هو الذي عليه مسؤولية المحافظة على مكانة المنبر وإعلاء شأنه ، وإن استغلاله لبث الفرقة أو التحريض فهي مخالفة قانونية صريحة يحاسب عليها ، أيا كان هذا المنبر ، وأيا كان هذا الخطيب. ويأتي التذكير بهذا الأمر في هذا المقام لما كان لبعض المنابر خلال الفترة الماضية من دور سلبي لم يقدم مصلحة الوطن ، ولم يخدم تحقيق الاستقرار الاجتماعي. وإن تحقيق الثبات والاستقرار عند حدوث ما يعكر الأمن الاجتماعي بحاجة إلى مراكز ثقل مبادؤها ثابتة ومعانيها راسخة، ومن أهمها المنابر الدينية التي تشكل ركناً أساسياً في ثقافتنا الإسلامية لتعزيز التمسك بمبادئ الإسلام والدعوة إلى التآخي والتآلف والتآزر بين المسلمين وغيرهم، وترسيخ روابط الوحدة الوطنية، وعلى الخطباء الأفاضل أن يحافظوا على أماناتهم أمام الله، وهم يخاطبون المصلين الخاشعين الذين حضروا إلى بيوت الله ، لتكون المنابر للهدى والصلاح ، وإذا ما خرجت عن دورها وأصبحت منابر للسياسة فهي تفقد مكانتها وقداستها، وإن ممارسة السياسة ليست محظورة ومكانها في الجمعيات السياسية والتعبير عنها في وسائل الإعلام ، وعلى المنابر الدينية أن تتولى مسؤولية جمع الكلمة وفق مقاصد الشريعة الإسلامية والثوابت الوطنية إذا ما اختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر.
حضرات الأفاضل، تعودنا في كل سنة في مثل هذا الوقت أن نلتقي لتبادل الرأي وإبداء بعض الملاحظات الخاصة بالشعائر التي تقام بمناسبة عاشوراء والتي نحرص على احترام أجوائها الروحانية ومعانيها الجليلة ، وقد حافظ المعنيون والمشاركون عبر السنوات الماضية على إظهارها بالشكل الذي يعكس مضمونها، شاكراً المآتم الملتزمة بإقامة الشعائر والحفاظ على معاني المناسبة، إلا أن المظاهر التي خرجت فيها بعض المواكب الحسينية مؤخرا لا علاقة لها بعاشوراء ، بل إنها تمثل مخالفة صريحة يحاسب عليها القانون ، ومسؤوليتكم أيها الإخوة التأكد من احتـرام هذه المناسبة حتى لا تتحول إلى أيام تزداد فيها المخالفات ويوقف أو يقبض على عدد من الأشخاص.
الحضور الكريم، لقد أعاننا الله سبحانه وتمكنا بفضل إرادتنا الوطنية بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه من احتواء كيد ما نصب لنا، وفي هذا الصدد فإنني لن أنسى ما حييت دماء شهداء الواجب وجراح المصابين من رجال الأمن العام وآلام الأمهات على من فقدوا وأصيبوا من الضحايا أو من غرر بهم، إلا إننا اليوم أصبحنا في مواجهة مواقف المنظمات المدعومة والموجهة من أجل اتخاذ موقف محدد من البحرين دون الرجوع إلى حقيقة الأمر ؛ متجاهلة كل الانجازات الحقوقية والسياسية التي تحققت ، وقد كانت تلك المنظمات سبباً في مخالفة القانون من قبل الذين تأثروا بمواقفها ، لقد شكلت التقارير والتصريحات الصادرة عن بعض المنظمات إجحافاً في حق الانجازات الإنسانية في مملكة البحرين، وهذا الأمر لا يعكس النزاهة والموضوعية المتوقعة من الدول التي تعتقد أنها متقدمة حضارياً . وفي واقع الأمر فإن المساحة السياسية وحرية التعبير المتاحة في هذا البلد كانت سبباً رئيسياً في التدخل السلبي ضد البحرين بدلاً من أن يكون العكس. وإن اهتمام جلالة الملك المفدى بترسيخ وضمان حقوق الإنسان في مملكة البحرين وحرياته الأساسية هو أمر منبثق من اهتمام جلالته الكبير بوضع شريعتنا الإسلامية الغراء موضع التطبيق قولاً وعملاً. فحرية العقيدة وحرمة دور العبادة وحرية إقامة الشعائر الدينية والمساواة والعدل والشورى هي أمور أكدها ميثاقنا الوطني، ونص عليها الدستور. لقد حرص جلالة الملك على إقامة المؤسسات الدستورية والقانونية لضمان الحقوق والحريات من خلال السلطة التشريعية بمجلسيها والمحكمة الدستورية والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وتشكيل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق واللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة التقصي وإنشاء مكتب التظلمات وإنشاء مفوضية لحقوق السجناء والمحتجزين وتنفيذ الالتزامات الدولية من خلال الاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة. وبعد هذا العرض الموجز للإنجازات الكبيرة في مجال حقوق الإنسان وضمان حرية التعبيـر لنا أن نتساءل عن الدوافع والأسباب لدى بعض الدول والمنظمات لتجاهل كل هذه الانجازات الإنسانية المشرفة.
حضرات الأفاضل ، إننا في هذا الوطن قادرون على تجاوز الصعاب من خلال التمسك بوحدتنا الوطنية وثوابتنا التي توافقنا عليها. وإننا نملك بحمد الله كل المقومات التي تمكننا من الحفاظ على مكتسباتنا وقيمنا الحضارية التي نشأنا عليها.نسأل الله تعالى أن يحفظ ولي أمرنا ومملكتنا البحرين، وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن يديم علينا وحدتنا وأخوتنا بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء والسلام، إنه سميع مجيب الدعاء، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
من جانبهم، عبر الحضور الكريم عن خالص شكرهم واعتزازهم بما تقوم به وزارة الداخلية ورجال الأمن من جهود للحفاظ على أمن الوطن وتعزيز استقراره من خلال تطبيق القانون وفرض النظام العام، منوهين إلى أن هذا اللقاء يدخل في إطار المساعي الوطنية المخلصة لمعالي الوزير لحماية النسيج الوطني الواحد والحفاظ على مكتسباتنا الوطنية.