عواصم - (العربية نت، وكالات): طالبت دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية بوقف الحملة العسكرية على مدينة حلب شمال سوريا، والتي تشنها قوات الرئيس بشار الأسد وروسيا، وخلفت مئات الضحايا المدنيين خلال الأسبوعين الماضيين.
ودعت الجامعة العربية إلى سرعة تحرك الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي من أجل وقف حمام الدم في مدينة حلب والسماح بدخول المساعدات إليها.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبداللطيف الزياني، إن «دول المجلس تشجب بشدة الهجوم المتواصل على مدينة حلب وقتل أبنائها، والتدمير الممنهج لأحيائها، باعتبارهما عدواناً سافراً يخالف القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية والأخلاقية». وأكد أن «دول المجلس تدعو المجتمع الدولي إلى استنكار الجرائم البشعة التي ترتكب ضد أبناء حلب والمدن السورية كافة وبمختلف أنواع الأسلحة المحرمة، وتطالب مجلس الأمن بالتدخل الفوري لوقف العدوان على حلب ورفع معاناة السوريين».
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية محمود عفيفي إن «ما يتعرض له نحو ربع مليون سوري محاصرين شرق المدينة من قصف عشوائي بالطائرات والبراميل المتفجرة وحصار لا إنساني يرقى إلى مرتبة جرائم الحرب».
من جهتها دعت الكويت كلاً من مجلس جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى عقد جلسة فورية وطارئة على مستوى المندوبين لبحث الأوضاع الإنسانية المتدهورة في مدينة حلب السورية.
وبحث وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح مع عدد من المسؤولين الأوضاع الإنسانية المتأزمة في المدينة وسبل التنسيق بشأنها.
وذكرت الخارجية الكويتية في بيان أن وزير الخارجية الكويتي تلقى وأجرى اتصالات شملت كلاً من وزير خارجية مصر سامح شكري والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني.
في غضون ذلك، حققت قوات الرئيس بشار الأسد تقدماً على حساب الفصائل المعارضة شمال مدينة حلب بدعم من الطائرات الروسية التي شنت عشرات الغارات، في وقت نددت الأمم المتحدة بـ»الوحشية» التي يواجهها المدنيون في الأحياء الشرقية، مؤكدة أنهم «تحت الجحيم». دبلوماسياً، بحث وزيرا الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرغي لافروف الوضع في سوريا خلال اتصالين هاتفيين أمس، وفق ما أعلنت موسكو، في محاولة لاحتواء تصاعد التوتر بين بلديهما حول الملف السوري. وبعد 10 أيام على إعلان الجيش بدء هجوم هدفه السيطرة على الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب، حققت قوات النظام تقدماً شمال المدينة بعد تقدمها من منطقة الشقيف إلى تخوم حي الهلك» الذي تسيطر عليه الفصائل والمحاذي لحي بستان القصر، من جهة الشمال. وأفاد بأن التقدم جاء إثر شن «طائرات روسية عشرات الغارات الجوية على مناطق الاشتباك» شمال ووسط مدينة حلب. وجددت القيادة العامة للجيش السوري، دعوة «جميع المسلحين» إلى مغادرة الأحياء الشرقية في مدينة حلب.
وتخوض قوات النظام في الأيام الثلاثة الأخيرة معارك عنيفة ضد الفصائل المعارضة إثر شنها هجومين متوازيين انطلقا من شمال حلب ووسطها. وتدور اشتباكات عنيفة بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة على الأطراف الشمالية لحي الهلك، وعلى جبهتي حيي سليمان الحلبي وبستان الباشا وسط المدينة. وتواصل قوات النظام سياسة «قضم» الأحياء الشرقية، موضحاً أن هدفها في المرحلة المقبلة «السيطرة على حيي بستان الباشا والصاخور بهدف تضييق مناطق سيطرة الفصائل».
وتتعرض الأحياء الشرقية حيث يعيش نحو 250 ألف شخص، منذ بدء هجوم الجيش في 22 سبتمبر الماضي لغارات روسية وأخرى سورية كثيفة تسببت بمقتل أكثر من 220 شخصاً وإصابة المئات بجروح وبنقص فادح في المواد الغذائية والطبية.
ومع استمرار العمليات العسكرية في مدينة حلب، حذر رئيس مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبريان في بيان بأن المدنيين الذي يتعرضون للقصف شرق حلب يواجهون «مستوى من الوحشية يجب ألا يتعرض له أي إنسان».
وجدد المطالبة بتخفيف معاناة نحو 250 ألف شخص في شرق حلب، داعياً إلى «العمل العاجل لإنهاء الجحيم الذي يعيشون فيه». وغداة استهداف أكبر مستشفى شرق المدينة للمرة الثانية في غضون أيام، أشار أوبريان إلى أن «نظام الرعاية الصحية في شرق حلب دمر بشكل شبه تام». وقال «المرافق الطبية تقصف واحداً بعد الآخر»، داعياً الأطراف المتحاربة إلى السماح بعمليات إخلاء طبية لمئات المدنيين الذين هم في أشد الحاجة إلى الرعاية.
وتعرض «مستشفى «إم 10» للقصف ببرميلين متفجرين» وفق ما أعلن أدهم سحلول، المسؤول في الجمعية الطبية السورية الأمريكية التي تقدم الدعم للمشفى. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان توقف المستشفى عن العمل جراء استهدافه، مشيراً إلى مقتل شخص على الأقل. ووصف وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون القصف الجوي للمستشفيات في سوريا بأنه جريمة حرب وإنه يجعل من المستحيل استئناف محادثات السلام في الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد. وانتقد جونسون الأسد وروسيا.
وقال في المؤتمر السنوي لحزب المحافظين «استمرار وحشية نظام الأسد ضد سكان حلب وتواطؤ الروس في ارتكاب جرائم حرب واضحة وهي قصف المستشفيات، وعندما يعرفون أنها مستشفيات وليست سوى مستشفيات فهذا يجعل من المستحيل استئناف مفاوضات السلام.» وبدأ جيش الأسد معززاً بفصائل مدعومة من إيران وقصف جوي روسي حملته لاستعادة السيطرة على مدينة حلب المقسمة بالكامل بعد أن انهار الشهر الماضي وقف لإطلاق النار دام أسبوعاً. وقالت الأمم المتحدة إن الحملة كادت تدمر نظام الرعاية الصحية شرق حلب.
وجاءت الحملة الجوية التي تقوم بها حكومة الأسد وحلفاؤها معززة بهجوم بري ضد الشطر المحاصر من حلب الذي يتحصن المعارضون بداخله. ولحقت أضرار بالمستشفيات وإمدادات المياه شرق حلب بسبب الحملة الجوية الروسية والسورية العنيفة.
وفرض الحصار على شرق حلب أوائل يوليو الماضي بعدما سيطرت القوات الحكومية على طريق الكاستيلو وهو طريق الإمداد الرئيسي للمنطقة. وأخفقت محاولات بوساطة دولية لوقف إطلاق النار بهدف السماح بدخول مساعدات إنسانية من الأمم المتحدة لكن جماعات إغاثة دولية ومحلية أخرى جلبت إمدادات محدودة.
وتتزامن المواجهات في حلب مع وصول المحادثات بين الجانبين الأمريكي والروسي حول سوريا إلى حائط مسدود منذ انهيار هدنة بدأ تطبيقها في سوريا في 12 سبتمبر الحالي واستمرت أسبوعاً.
وتأمل فرنسا أن تقدم مشروع قرار إلى مجلس الأمن حول الوضع في حلب، يدعو إلى إعادة العمل بوقف إطلاق النار وفقاً للاتفاق الأمريكي الروسي، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين شرق حلب ووقف الطلعات الجوية للطيران الحربي فوق المدينة.
وعلى جبهة أخرى، استهدفت أكثر من 13 غارة روسية بصواريخ ارتجاجية المقر الرئيس لفصيل «جيش العزة» السوري المعارض الذي يتلقى دعماً أمريكياً في المرتفعات الجبلية القريبة من بلدة اللطامنة في ريف حماة الشمالي» وسط سوريا.