رجح تقرير اقتصادي صادر من «أكسفورد إيكونوميكس» أن يصل عجز الموازنة العامة في البحرين إلى 11% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام وأن يبلغ إجمالي الناتج المحلي 11.7 مليار دينار في 2016، و 11.9 مليار دينار في 2017.
ودعا تقرير رؤى اقتصادية:» الشرق الأوسط للربع الثالث 2016»، المعد من «أكسفورد إيكونوميكس» الحكومات الخليجية إلى إعطاء الأولوية للإنفاق العام، وتعزيز المنافسة في القطاع المصرفي، وتطوير صناعة الخدمات المالية، والانفتاح أكثر على الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقال إن «المستوى الطبيعي» لأسعار النفط جعل من داوفع التنويع مسألة عاجلة، وأكثر صعوبة بسبب الأوضاع المالية المتشددة في أنحاء المنطقة.
ويرى التقرير أن تراجع الإيرادات النفطية يعني أن الحكومات لديها مخصصات مالية أقل لدعم الاستثمارات وتمويل المشاريع التنموية.
إذ تشير التقارير إلى هبوط إجمالي الإنفاق الحكومي بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20% في المملكة العربية السعودية، والكويت، وسلطنة عُمان، والبحرين بين العامين 2014 و2016، مع فرض المزيد من القيود على النفقات العامة خلال السنوات المقبلة.
وقال التقرير إن إيرادات النفط المنخفضة تُفضي إلى تراجع أرصدة الودائع الحكومية في منظومة المصارف المحلية، وبالتالي نقص السيولة النقدية لإقراض الأفراد والشركات على حد سواء.
وأضاف: «لا تزال أرصدة الديون الحكومية منخفضة قياساً بالمعايير الدولية، ولكن مع عجز إجمالي الناتج المحلي بخانتين عشريتين، ترتفع أرصدة الديون بشكل حاد. ودفع ذلك بوكالات التصنيف الائتماني إلى تخفيض تصنيفات كل من المملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، والبحرين خلال النصف الأول من العام 2016. واضطرت المصارف المحلية التي تحتفظ بالديون الحكومية كأصول، لزيادة مخصصات الاحتياطات المالية، والحد من قدرتها على الإقراض».
وقال التقرير إن الإقراض المصرفي، إلى جانب المعروض النقدي العام في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، تراجع تدريجياً على مدار السنوات القليلة الماضية، كما بدأ بالتقلّص في بعضها.
ويقول مدير قسم استشارات الاقتصاد الكلي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى مؤسسة «أكسفورد إيكونوميكس» توم روجرز»: «قد تؤدي بيئة التمويل الأكثر تشدداً إلى جعل الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي تعاني للحصول على التمويل الذي تحتاجه للاستثمار والتوسع، أو الحصول عليه فعلاً ولكن بأسعار فائدة أعلى. ومع ذلك، هناك طرق من شأنها أن تساهم في التغلب على هذا التحدي. فعلى سبيل المثال، ينبغي على الحكومات أن تحاول بل تعطي الأولوية لمجالات السياسات المحفزة للنمو عند ترشيد نفقاتها العامة، وأن تحسن من البيئة المواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصادات المحلية، وفي بعض الحالات تحفيز المنافسة في القطاع المصرفي».
وإذا نجحت الحكومات في جذب معدلات أكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الاقتصاد المحلي، فسوف يؤدي ذلك إلى منافع عديدة، مثل النفاذ إلى السيولة الأجنبية، ونقل التكنولوجيا، ودعم ربط أسعار الصرف بالدولار. وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر تُعتبر من بين أفضل 20 اقتصاداً جذاباً للاستثمارات الأجنبية المباشرة على مستوى العالم.
من جانبه، يقول المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا مايكل آرمسترونغ: «إن استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لن يوفر فقط مصدراً إضافياً للتمويل، بل سيُرسي بيئة تنافسية صحية من شأنها أن تعود بالنفع على القطاع المالي والاقتصاد ككل. وقد تجد المصارف ومؤسسات التمويل أرباحها تحت الضغط من أي تحركات لتعزيز المنافسة في قطاعاتها، ولتطوير مجالات أخرى في القطاع المالي. وبينما تحسنت بيئة الأعمال في دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الأخيرة، ما زالت القيود المفروضة على الملكية الأجنبية، وضعف حماية المستثمر، وقوانين الإفلاس تشكل تحديات ملموسة لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة».
ومن المتوقع أن تشهد أسواق النفط حالة من التوازن في 2017. وتفيد التقديرات إلى بلوغ متوسط سعر خام برنت 44 دولار أميركي للبرميل في 2016، وصولاً إلى 50 دولار أميركي للبرميل في 2017 تباعاً، وذلك بفضل نجاح استراتيجية أوبك في الحفاظ على مستويات الإنتاج المرتفعة، ومحاولتها إبعاد المنتجين بتكاليف عالية، خاصة من الولايات المتحدة الأميركية. ومع ذلك، لا يزال هذا أقل بكثير من أسعار النفط عند نقطة التعادل بالنسبة إلى موازنات الحكومات، والتي تبقى تواجه بذلك عجزاً في معظم أنحاء المنطقة. ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط بنسبة 2.4% هذه السنة، وبنسبة 2.8% السنة المقبلة، مقارنة بنحو 2.8% في العام 2015.
ووفقاً للتقرير فمن المتوقع أن يرتفع نمو إجمالي الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية بنحو 0.8% في 2016، وبنسبة 1.5% في 2017. وسيبقى النمو غير النفطي ضعيفاً بسبب استمرار سياسات التقشف، لكنه سيرتفع بقرابة 1% في 2016. ومن شأن رؤية 2030 أن تساعد المملكة على تنويع اقتصادها، وتخفيض العجز المالي في موازنتها.
ومن المرتقب أن تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة نمواً بنسبة 2.3% في العام 2016، وبنسبة 2.7% في 2017. ويُظهر النمو غير النفطي علامات تباطؤ نظراً لضبط المالية العامة، والدولار القوي، والأوضاع النقدية الأكثر تشدداً. كما أن تجدد المخاوف من ضعف السوق العقارية في البلاد ينبع من زيادة المعروض وضعف الطلب، لا سيما وأن أسعار المنازل هبطت بنسبة 7.4% في الأشهر الاثني عشر حتى 2016، وذلك وفقاً للمحللين العقاريين REIDIN.
وقال التقرير في أعقاب تخفيض التصنيف الائتماني للبحرين من قبل وكالة «ستاندرد آند بورز» في فبراير، خفضت «موديز» من تصنيفها لدرجة واحدة إلى Baa2 (مع نظرة سلبية) في منتصف مايو الماضي. وفي غضون ذلك، وبالرغم من إزالة مخصصات الدعم، ورفع الرسوم الحكومية، وتقليص النفقات العامة، من المرجح أن يصل عجز الموازنة العامة للحكومة إلى 11% من إجمالي الناتج المحلي هذه السنة. ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي 11.7 مليار دينار في 2016، و 11.9 مليار دينار في 2017 (كلاهما بأسعار 2010).
وقال التقرير ما زال الوضع المالي في سلطنة عُمان يشكّل مصدراً للقلق، مع شكوك تدور حول جهوزية عُمان للتصدي لعجزها المالي الكبير. وحتى الآن، تم تمويل العجز تقريباً بإصدار سندات للدين، ومن خلال السحب من صندوق الاحتياطي العام للدولة، بالإضافة إلى قروض ومنح من دول أخرى. ومع ذلك، تُصبح شروط التمويل أكثر تشدّداً على الصعيد المحلي. ومن المفترض أن تقلل السندات السيادية الأخيرة بالدولار من مخاطر مزاحمة القطاع الخاص، لكن على حساب ارتفاع الدين العام. ومن المتوقع أن يتراجع نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 2% في 2016، وإلى 2.1% في 2017.
ومن المنتظر أن تظل قطر الدولة الأسرع نمواً في منطقة الخليج العربي. وستستفيد معدلات الإنتاج للنفط والغاز من زيادة الطاقة الإنتاجية لخط الأنابيب في حقل برزان للغاز، ومن محطة التكرير الجديدة «راس لفان 2» في 2017. ولكن، سيُقابل ذلك وعلى نطاق واسع تباطؤ النمو في القطاع غير النفطي، مما ينعكس على نمو إجمالي الناتج المحلي الذي من المتوقع أن يبلغ 3.5% في 2016، و 3.7% في 2017.
وقال التقرير إن الكويت تسير على خطى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تطرق أسواق الدين الدولية بهدف سد العجز في موازنتها العامة. وعلى الرغم من تعهد الحكومة بالاستمرار في تقليص الإنفاق الكلي، ورفع الإيرادات غير النفطية، إلا أنها ما زالت تُعطي أولوية للاستثمار، تماماً كما ورد في الخطة التنموية 2015-2020. ونتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2% في العام 2016، وارتفاعه إلى 2.2% في 2017.