بالأمس القريب ودع رواد جامع السلام شيخ منبره وخطيبه المفوه وعالمه الجليل فضيلة الشيخ عبدالفتاح الحسيني الذي عرفه الجميع بحسن أخلاقه وهدوء طبعه ورقة قلبه، كان رحمه الله حافظاً لكتاب الله متقناً لأحكامه عاش عمره في خدمة القرآن وطلبته من خلال تدريسه بمركز التحفيظ الذي كان يشرف عليه بالرفاع الغربي في ذلك المسجد الذي لطالما ارتوت جدرانه بصوت الشيخ ندياً يتلو الآيات في الصلوات الخمس إماماً لهذا المسجد لأكثر من ربع قرن من الزمان وهي الفترة ذاتها التي صاحب فيها منبر جامع السلام خطيباً ناصحاً فصيحاً، يرتقيه كل جمعة حاملاً للناس العلم والفقه والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، إضافة إلى دروسه العلمية ومحاضراته التي استفاد منها الصغار والكبار في عدد من المساجد والجوامع.
كان للشيخ رحمه الله رسالة أخرى لا تقل أهمية عن رسالة المنبر والمسجد ومركز التحفيظ، حيث التحق رحمه الله بوزارة التربية والتعليم، ليكون أحد العلماء الذين انضموا إلى الكادر التعليمي بالوزارة معلماً لمادتي اللغة العربية والتربية فجمع رحمه الله خلال مسيرة حياته الحافلة بالإنجازات بين رسالة الداعية ورسالة المعلم والمربي الذي تخرجت على يديه أجيال وأجيال من أبناء هذا الوطن العزيز، وإذا كنا قد ودعنا الشيخ الجليل فلن ننسى أبداً ما قدمه خلال مسيرة حياته من جهود أثمرت في أكثر من ميدان، عزاؤنا في الشيخ الجليل ثمرات ناضجة قطفت خلال عقود مضت من حياته، وأجيال من أبناء المسلمين تعلمت وتربت وتفقهت على يديه لم يدخر رحمه الله وقتاً ولا جهداً ولا علماً طيلة حياته ليسهم بما منحه الله في إرشاد هذه الأمة وتربية أبنائها.
إنني والله طيلة حياتي ومعرفتي بهذا الشيخ الجليل لم أرَ منه إلا الخير ولم أسمع منه إلا كل خير، وها هي آثاره وآثار دعوته تشهد له بكل خير، وسيبقى سجل حياته رحمه الله ناصعاً لا يرى فيه إلا كل بر وخير، رحم الله الشيخ عبدالفتاح الحسيني رحمة واسعة وأسكنه من الجنة أعلاها وجعل ما قدمه في ميزان حسناته وأخلف أهله وأبناءه فيه بكل خير.
د.عبدالله الدناصوري