قال الله سبحانه وتعالى: (وخلق الإنسان ضعيفاً)، وقال الله عز وجل عن الإنسان في موضع آخر: (إنه كان ظلوماً جهولاً)، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «كل ابن آدم خطاء»؛ فالإنسان معرض للوقوع في الخطايا والمعاصي والذنوب لا محالة، ولا يوفق لترك المعاصي إلا من كان إيمانه قوياً يبلغ به مرتبة رفيعة علية تلي مرتبة الأنبياء، قال أحد السلف: «أعمال البر يعملها البر والفاجر، ولا يجتنب المعاصي إلا صدّيق».
لذا؛ فإنه لما كان الذنب والخطأ والمعصية من لوازم الضعف البشري كان من عظيم فضل الله تعالى وجزيل رحمته -سبحانه- أن شرع لعباده أعمالاً سهلة يسيرة يغفر الله لفاعلها ذنوبه، ويمحو خطاياه، ويتجاوز عن زلاته؛ لأن الذنوب تهلك العبد في دنياه وآخرته، فإن لم يرحمه الله ويغفر له ذنوبه كان من الخاسرين الهالكين.
ومن هذه الأعمال المكفرة للذنوب والماحية للخطايا: صيام يوم عاشوراء، والذي قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في فضل صيامه: «صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»، وهذا من عظيم فضل الله -سبحانه وتعالى- أن جعل ثواب صيام يوم واحد مكفراً لذنوب سنة كاملة، والله ذو الفضل العظيم، وهذا التكفير للصغائر دون الكبائر، فكبائر الذنوب لا بد لها من توبة صادقة نصوح.
وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- كما ثبت في «صحيح البخاري» يتحرى ويحث الناس على صيامه، لتحصيل الثواب والأجر المترتب على ذلك، ولما ليوم عاشوراء من مكانة خاصة في نفسه؛ ففي يوم عاشوراء نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى -عليه السلام- وصامه اليهود من بعده، فلما رأى نبينا -عليه الصلاة والسلام- اليهود في المدينة تصومه قال: «فأنا أحق بموسى منكم» ثم صامه وأمر بصيامه.
أيها الإخوة: لنحرص على صيام هذا اليوم العظيم تأسياً بنبينا الكريم -عليه الصلاة والسلام-، وحتى نحصل أجر وثواب صيامه الكبير، من حسناتٍ وتكفير للذنوب والخطيئات، كما أوصيكم بصيام يوم التاسع قبله، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع» يعني: مع العاشر، والحمد لله رب العالمين.

حاتم علي محمد