{{ article.article_title }}

عبدالله الشاووش




هي دولة أوروبية كنا نسمع الكثير عن جمال الطبيعة الخلابة ورخص البرامج السياحية فيها، ما جعلها وجهة أساسية لكثير من البحرينيين والخليجيين بل وحتى من مختلف دول العالم، ذلك البلد الآمن الذي لا تزال آثار الحرب التي انتهت في العام 1995م واضحة على معالم العمران والشوارع، فهو بلد فقير قد لا يمتلك مصادر طاقة نفطية لكنه مليء بمقومات الطبيعة التي تستطيع جذب السياح، بل ويعتمد على نفسه وبعمالة وطنية في التطوير والتحديث بكل جد واجتهاد لأجل وطن يضم الجميع ويتناسى ويلات الحرب.
تستطيع الوصول إلى العاصمة البوسنة سراييفو بكل يسر وسهولة فهي لا تحتاج إلى «فيزا» للدخول كما إن مطارها صغير جداً وإجراءاته بسيطة، وما أن تقع أنظارك على المباني القريبة من المطار تأخذ الانطباع الأول بأن ليس هناك ما يستحق العناء، فضلاً عن أنك بحاجة إلى مرشد سياحي يرافقك خلال برنامج ترحالك في مدن البوسنة من جنوبها وحتى شمالها، إذ إن أغلب المناطق تحتاج إلى بعض المهارات في السياقة وخصوصاً في المناطق الجبلية الخضراء التي تمتد على مساحة واسعة من الطرقات العامة، مع العلم أن سفرة كالتي قمنا بها نحن الأربعة أشخاص قد كلفت الشخص الواحد 500 دينار فقط لفترة ثمان ليالي شاملة كل المصاريف.
سراييفو.. نبض البوسنة
«حارس» مرشد سياحي يسكن العاصمة سراييفو كان مرافقنا خلال الرحلة الشيقة في ربوع جنة من جنان الأرض، ومن شقتنا في وسط المدينة ننطلق منذ الصباح وحتى المساء ضمن جدول برامج متنوع، وأستطيع القول بأن من الأفضل أن تكون أكثر أيام إقامتكم في العاصمة، وذلك لما تتمتع به من حركة وحيوية ومطاعم وكافيهات ومتاحف ومجمعات تجارية وأسواق شعبية وطبيعة والكثير، وهنا لابد لك من زيارة المدينة القديمة «بشجارجيا» والتي تحتوى على شارع «فارهاديا» الشهير وبه الكثير من المحلات التي تستحق الزيارة، لينتهي بك المطاف عند ماء السبيل المشهور في وسط الساحة مروراً بالكتدرائيات والمساجد والمتاحف، ولا تنسى أن تتذوق الفطيرة الشعبية «البوريك» و الذبيحة المشوية الكاملة وأن تشرب لبن العيران اللذيذ.
من الأماكن المهمة القريبة الجسر اللاتيني وهو الجسر الذي اغتيل فيه ولي عهد النمسا وأصبح سبباً لاندلاع الحرب العالمية الأولى، ونفق الأمل الذي كان المنفذ الوحيد للبوسنيين في الحصول على السلاح والطعام أيام الحرب والحصار الخانق وهو معلم وطني مميز، كما وتوجد هناك خمسة مجمعات تجارية يمكن التسوق فيها ولكنها ليست بحجم المجمعات لدينا في المنطقة، ويمكن أخذ جولة في حديقة حيوان سراييفو لمشاهدة الحياة الطبيعية الحيوانية والنباتية، ومن المناطق الرائعة هنالك الجبل الأولومبي حيث يوجد التلفريك ودراجات الدفع الرباعي، وأحد الكهوف المذهلة والباردة في موقع آخر من العاصمة.
بيهاتش الريف.. وما حولها
يمكنك الانتقال الى مدينة أخرى مهمة وهي عبارة عن حديقة غناء تضم الريف وتقع على مقربة من النهر ووسط مساحة واسعة تنتج العديد من الفواكه والخضروات، كما يتمتع هذا النهر وغيره في المنطقة بإمكانية ممارسة رياضة التجديف حتى وإن كنت ضمن مجموعة من المبتدئين وتتوفر بها كل وسائل السلامة، ولكن في طريقك يجب أن تشاهد قلعة ترافنيك وشلالات بيهاتش التي تعتبر واحدة من أجمل خمسة شلالات في العالم، بالإضافة إلى تأجير قارب وقيادته بنفسك مع مجموعتك في بحيرة «يايستا».
موستار عاصمة الهرسك
تعتبر ثاني أهم وجهة سياحية في البوسنة وبها جسر من أجمل جسور العالم ويفصل المدينة بين ضفة المسلمين وضفة المسيح، مع التذكير أنه لا توجد أية مشاكل فيما بينهم ويعيش الجميع متحابين فيما بينهم ويرحبون بالسياح ببشاشة وسعة صدر واهتمام، وهنا ننصح بشرب القهوة البوسنية في أحد المقاهي المنتشرة قرب الجسر والسوق القديم، وقد يحالفك الحظ لتشاهد أحد الهواة يلقي نفسه من أعلى الجسر إلى النهر كاستعراض للجمهور، وفي الطريق إلى موستار لا يفتك زيارة مدينة «يابلانيتسا» حيث يوجد موقع لا يمكن وصف إبداعه، حيث تشاهدون أحد المدافع القديمة التي تعود إلى الجيش اليوغسلافي، وقطار قديم على سكة قطار مدمرة تشكل لوحة بانورامية مبهرة.
ومنها يمكن التوجة إلى شلالات «كرافيكا» التي يمكن السباحة تحتها وكذلك في البحيرة التي شكلها الشلال، وللعلم فأن المكان يصلح أكثر للشباب من دون العوائل الخليجية المحافظة، فالشعب مع كونه مسلماً إلا أن بعض العادات الأوروبية قد تكون طاغية على المكان، وفي اليوم التالي يمكنكم تسجيل الخروج من الشقة وتجربة السباحة في مكان آخر ولكنه بعيد نوعاً ما بحوالي ساعتين من موستار، ونحو الشمال حيث يوجد شاطئ البحر الوحيد «نيوم» المطل على كرواتيا وقضاء بعض الوقت ثم العودة إلى سراييفو.
انطباع أخير
الشعب طيب وذو دخل محدود لكنه كريم ويرحب بالسياح والضيوف، وهذا ما لمسناه عندما دعانا المرشد حارس إلى منزله لتناول العشاء واستقبلتنا زوجته «جنانه» وابنته «آمنة»، ومن الأمور التي لاحظتها استغرابهم لكميات الطعام التي نتناولها في المطعم أو أسعار السلع التي نشتريها من السوق مع أنها أسعار رخيصة جداً مقارنة بأسواقنا المحلية لكنها غالية عليهم، وكذلك عجبت للبساطة في زواجهم حيث لا يتطلب من الزوج سوى إبداء رغبته في الزواج من محبوبته دون دفع أي مبالغ كمهر، ويكتفي الزوج بجلب أعز صديق له والزوجة بجلب أعز صديقة لها لمرافقتهم في حديقة عامة وهم يرتدون بدل الزواج ويلتقطون الصور التذكارية وتنتهي المسألة، بينما يشترط على غير البوسني الذي يريد الزواج ببوسنية دفع 500 دينار وأن تكون هي الزوجة الوحيدة وأن يرسلها لزيارة أهلها كل ستة أشهر.