كتب ـ عادل محسن:
اشتكى عدد من تجار السوق الشعبي بمدينة عيسى من شبكة تجار تدير التأجير بـ»الباطن» في السوق، فيما انتهت حملة نظافة بالسوق إلى مركز الشرطة، بدعوى تحطيم المعروضات بـ»البسطات» ورميها في حاويات القمامة.
الباعة رفعوا شكوى ضد بلدية الوسطى اتهموها بتكسير معروضاتهم ورميها بحاويات القمامة دون وجه حق، بينما رفضت البلدية التهم وقالت إنها نظمت الحملة بالتعاون مع الباعة، وأبلغتهم مسبقاً بعدم التعدي وتجاوز حرم الطريق ببساطتهم.
«الوطن» زارت السوق الشعبي وجالت المنطقة واستمعت إلى مطالب الباعة ومشاكلهم، ورصدت عدداً من المخالفات والملاحظات بوجود ممثلي البلدية والباعة لمعرفة حقيقة ما يدور بالسوق، وادعاء بعض الباعة تعرضهم للخسارة المستمرة والمطالبة بالتعويض بشكل مستمر مستغلين ظروف السوق المؤقت بعد احتراق السوق القديم.
ويقول الباعة إن السوق تحول إلى بيئة خصبة للاتجار بـ»الباطن»، حيث يؤجر البحريني مكان بسطته للآسيوي، ويكون بالظاهر هو المتابع لشؤون «بسطته» درءاً للشبهات، ويطالب بالتعويضات بشكل دائم ويكرر الشكاوى من سوء الخدمات.
الملاحظ أن الوضع في السوق مزرٍ، ولا توجد ضوابط تحكمه، إذ احتل الباعة الجدد السوق، بينما أصحاب البسطات القديمة باتوا لا يجدون متراً واحداً لعرض بضاعتهم.
حملة النظافة!
عبدالله يوسف بائع يملك «بسطة» في السوق الشعبي يعرض عليها خواتم وهواتف نقالة، وتقع بسطته ضمن نطاق حملة البلدية للنظافة، اتهم البلدية صراحة ودون مواربة برمي معروضاته في حاوية القمامة.
عبدالله موظف حكومي لا يملك تصريحاً بالبيع في السوق الشعبي، ولكنه ليس مخالفاً أيضاً على حد قوله، فهو يبيع بموجب توجيهات وزير البلديات خلال إحدى جولاته قبل 6 أشهر بالسوق، وأمره للبلدية بالسماح له بالبيع وطلب الرزق في المكان.
لا يملك عبدالله «بسطة» في السوق القديم، وهو دخل ميدان البيع بالسوق الشعبي حديثاً وبناءً على توجيهات الوزير، ووالده أيضاً متقاعد من القطاع الحكومي ولديه «بسطة» أخرى بالموقع.
«الوطن» رصدت كل بضاعة عبدالله المعروضة على البسطة، وكانت سليمة لم تمس، ومنها بيوض خاصة للزينة ومعروضات أخرى، وهو يبيع في حرم الطريق، ولكنه يزعم أنه لا يعطل حركة السير، بل على العكس يسهم دوماً في تنظيم الحركة المرورية في حالة الازدحام، منتقداً عدم إشعاره بحملة التنظيم ورمي معروضاته بالقمامة.
محمد يوسف بائع مكسرات أشار هو الآخر إلى أنه لم يبلغ بضرورة إزالة بسطته من الشارع، ويقول إنه يعمل كل جمعة وسبت فقط، ويبقي بضاعته في المنزل باقي أيام الأسبوع، ويدفع رسوماً للبلدية قدرها 500 فلس، في حين لاحظت «الوطن» أن طاولته في مكانها لم تمس.
الفوضى تعم
وقال ممثل لجنة السوق الشعبي مبارك فرج، إن وزير البلديات وجه لتنظيم السوق ولم يطلب إزالة المعروضات، نافياً وجود أمر كتابي موجه للبلدية بإزالة البسطات من السوق.
ولدى سؤالنا إياه عن تضرر أحد الأسواق الكبيرة من جراء البسطات الموجودة أمامه، قال فرج إن صاحبها لم يعترض على وجود البسطات ولم يطلب إزالتها عندما تفقد الوزير السوق قبل فترة.
وفي سياق متصل قال عضو لجنة السوق محمود التيتون، إن البسطات المزالة مملوكة لبحرينيين وآسيويين، منتقداً طريقة تعامل البلدية مع الباعة.
البائع أحمد يوسف يخالف باقي الباعة، ويقول إن البلدية أخطرته بحملة النظافة وطلبت منه فرز المخلفات ليصار إلى رميها بحاوية القمامة، بسبب الشكوى الدائمة من صاحب أحد الأسواق الكبيرة بالمنطقة من عدم قدرته على تنظيف مكيفاته بسبب الفوضى عند المبنى.
من جانب آخر، شكا تجار آخرون من بطش ما أسموهم بـ»مافيا السوق»، ممن يحتلون أرجاءه ويضايقون التجار ويتحدثون باسمهم، وهم أساساً لا يعملون فيه على حد قولهم، رغم أنهم بعضهم يملكون 4 محلات وأكثر، ويؤجرونها بـ»الباطن» على آسيويين، فأضاعوا بذلك هوية السوق، وهم دوماً يفتعلون المشكلات ويطالبون بالتعويض.
التأجير بـ «الباطن»
عبدالحسين حجي حسين يعمل في سوق الحدادة القديم قبل 45 سنة، وبعد احتراق السوق خسر محلين تجاريين كان يسترزق منهما، يقول «كل ما أضع أغراضي في زاوية لأعمل، يأتيني شخص ويقول إنها تابعه لفلان أو علان وأجلس يومياً في السوق لا أملك مكاناً للترويج لبضاعتي».
ويضيف حسين أنه طلب من البلدية أي شاغر لعرض بضاعته، لافتاً إلى أن بعض التجار يؤجرون بالباطن محلاتهم بمبالغ تصل إلى 200 دينار شهرياً.
ويقول أحمد موسى إن البعض يملكون 5 محلات تجارية وآخرون لا يملكون شيئاً، بينما يحتل الآسيويون هذه المحلات ويؤجرونها من أصحابها، وعندما تسألهم عن المالك تتكرر أسماء تتحدث دائماً باسم السوق وتجاره.
موسى يبيع الملابس منذ 20 سنة عندما كان في سوق المنامة القديم، ويرثي حال السوق بعد احتراقه وغياب النظام عنه واسترزاق البعض على حساب الآخرين.
المتلاعبون بالسوق
وأيد إبراهيم البلغا حملة النظافة في السوق الشعبي، بعد أن كان يتعذر حتى على المشاة العبور، لافتاً إلى أن الحملة كانت مقتصرة على أحد الممرات فقط يشغله آسيويون يستأجرون المحلات بالباطن بينما يطالب أصحابها الأصليون اليوم بالتعويض ويشتكون من الحملة.
وأضاف «لا أهاب المتلاعبين بالسوق، تم تنبيههم أكثر من مرة بإزالة مخلفاتهم وتنظيم المكان وعدم تسببهم بالازدحام، نحن كبار في السن ونعمل في السوق منذ سنوات ولا نملك محلات، بينما أغلب المشتكين يتذمرون باستمرار، موظفون حكوميون ومتقاعدون يزاحموننا بالسوق وبعضهم لا يملكون أساساً محلات قبل احتراق السوق القديم».
البلدية تنفي
وبعد جولة «الوطن» تحدث المسؤول عن السوق الشعبي ببلدية الوسطى عادل الرويعي حول دور البلدية في تنظيم السوق الشعبي، لافتاً إلى أن بعض أصحاب المحلات يؤجرون محلاتهم بالباطن، ويتهمون البلدية بشكل مستمر، بينما هم من يتلاعب بالسوق وينشرون العمالة السائبة فيه بعد تأجيرهم المحلات عليهم.
وقال إن البلدية مسؤولة عن إبعاد العمالة السائبة عن السوق، وإتاحة فرصة أكبر للبحرينيين لما يشكلونه من أساس مهم في السوق، وتحرص على توفير كافة السبل لذلك.
وأضاف أن البلدية تنظم حملات نظافة بين وقت وآخر، وتبلغ أصحاب المحلات وتنسق معهم لرمي المخلفات بأماكنها المخصصة، وتعلم الباعة بموعد الحملة بائعاً بائعاً، مستدركاً «من اصطنعوا الحدث ليس لهم علاقة بموقع التنظيف، ولا يملكون أي محل تجاري بالمكان، ويطالبون اليوم بالتعويض المالي عن الضرر، رغم أن العملية تمت بسلاسة، ولكن بتحريض البعض تم تصعيد الموضوع ووصل إلى الإعلام بصورة مشوهة وبعيدة عن الواقع».
وتواصلت «الوطن» مع عدد من العمال الآسيويين الذين أكدوا أنهم يستأجرون المحلات من بحرينيين مقابل مبالغ مالية كبيرة، مشيرين إلى أن أغراضهم لم يطلها أي ضرر، وفضلوا عدم ذكر أسمائهم لأن بعضهم لا يملكون أساساً حق العمل في السوق.