الرباط - (وكالات): صوت المغاربة أمس لاختيار 395 نائباً في انتخابات تشريعية ستنبثق عنها حكومة جديدة يأمل إسلاميو حزب «العدالة والتنمية» الذين يقودون التحالف الحكومي الحالي في ترؤسها مجدداً وسط منافسة حادة مع خصومهم من حزب «الأصالة والمعاصرة»، المطالبين بـ»الحداثة».
وأعلنت وزارة الداخلية المغربية أن نسبة التصويت حتى الظهر بلغت 10%، مشيرة في بيان إلى أن العملية الانتخابية تجري «في ظروف عادية». وكانت الداخلية أعلنت انطلاق عملية التصويت لاختيار أعضاء مجلس النواب الساعة 8 صباح أمس.
ودعي قرابة 16 مليون مغربي مسجلين في اللوائح الانتخابية للإدلاء بأصواتهم في 92 دائرة انتخابية وفق نظام الاقتراع اللائحي النسبي. وبحسب وزارة الداخلية، بلغ عدد لوائح الترشيح المقدمة 1410 لوائح تضم 6992 مرشحاً. وتشارك 37 هيئة وطنية ودولية في المراقبة المستقلة للانتخابات، أي ما يزيد عن 4000 مراقب بينهم 92 مراقباً دولياً، فيما عينت بعض الأحزاب مراقبين لها في مختلف الدوائر الانتخابية. وفي 2011، بلغت نسبة التصويت من أصل 13.6 مليون ناخب مسجلين في اللوائح 45?.
وأدلى رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران بصوته في المدرسة الثانوية معاذ بن جبل بحي الليمون في العاصمة الرباط. وعبر بعد التصويت عن أمله في أن يفوز حزبه بـ «المرتبة الأولى إن شاء الله».
وقال «أسير الحكومة منذ خمس سنوات، والمغاربة كانوا ينظرون بأعينهم لعملي وقمنا بحملة انتخابية ناجحة هي الأولى في المغرب، والآن ننتظر النتائج الطبيعية المتمثلة في الفوز». وتابع «إذا كانت هناك ديمقراطية، فالشخص الذي ترأس حزباً سياسياً وقاده للفوز وترأس الحكومة بطريقة إيجابية بينت إقبال الشعب عليه في الانتخابات الماضية وفي هذه الحملة، إذا هزم في هذه المرة يجب أن يستخلص الدروس وأن يغادر الحياة السياسية إن لم تكن الحياة الحزبية كلها». وتوافد إلى المدرسة ذاتها منذ الصباح عدد كبير من الناخبين، بينهم زوجة ابن كيران، وابنته برفقة زوجها، وابنه أسامة ابن كيران الذي يشارك في مراقبة عملية التصويت في المدرسة. وقال أسامة بن كيران «انطلاقاً من المعطيات المتوفرة تبدو المشاركة جيدة والناس تأتي بكثافة للتعبير عن صوتها ونتمنى أن تزداد الأعداد».
وقال محمد الرغاي «72 سنة» «الديمقراطية حقوق وواجبات، وبالتالي تجب المشاركة في هذا المسلسل لتنمية بلادنا، والأحزاب كانت في المستوى وقدمت برامجها، ولنا حرية اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب». أما مريم بلكلوش «30 سنة» التي تعمل موثقة فقالت «المغرب في حاجة إلى ديمقراطية سليمة وأتمنى أن تفرز الصناديق النتائج التي نتمناها»، معتبرة أن «الأحزاب كانت جدية ومحترمة خلال الحملة الانتخابية ومررت رسائلها بطريقة جيدة». وللمرة الأولى في تاريخ الانتخابات التشريعية، يحصل استقطاب قوي بين حزبين أساسيين، هما حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي ورمزه المصباح، وحزب الأصالة والمعاصرة ورمزه الجرار، الذي تأسس في 2008 على يد فؤاد علي الهمة، صديق دراسة الملك ومستشاره الحالي قبل أن ينسحب منه في خضم الحراك الشعبي سنة 2011.
وفاز حزب العدالة والتنمية في نوفمبر 2011 في أول انتخابات برلمانية شهدتها البلاد بعد تبني دستور جديد صيف السنة نفسها.
ويتهم خصوم حزب العدالة والتنمية الحزب بالولاء للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، كما يتم تشبيهه بحركة الداعية الإسلامي التركي فتح الله غولن، وهي تهم ينفيها الحزب.
ولم يكن من السهل على حزب العدالة والتنمية تكوين تحالف حكومي، ما اضطر الإسلاميين إلى الدخول في تحالف من 4 أحزاب محافظة وليبرالية وشيوعية وصف بالهجين وغير المتجانس ولم يمكنه من تطبيق وعوده الانتخابية وأثار أزمات حكومية متتالية خلال السنوات الخمس الماضية.
ويبقى الملك محمد السادس الحاكم الفعلي للبلاد والمهيمن على المجالات الإستراتيجية والحيوية وفي مقدمتها الجيش والأمن والقضاء والدبلوماسية والتوجهات الاقتصادية الكبرى وكذلك التعيين في المناصب والوظائف العليا. وربط ابن كيران بقاءه في العمل السياسي بالفوز في الانتخابات، فيما رفع حزبه شعار «صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح»، وفق برنامج انتخابي مبني على «المنهجية الإسلامية». وركز «الأصالة والمعاصرة» على ترشيح الكثير من النساء ضمن لوائحه الوطنية والمحلية. وهو يدافع عن تقنين الاستخدام الطبي والصناعي للقنب الهندي الذي يعتبر المغرب من أكبر منتجيه ومصدريه، ويتهم حزب العدالة والتنمية بالتمييز ضد المرأة و»أسلمة المجتمع». وتبنى المغرب منذ الاستقلال خيار التعددية الحزبية. ويشارك قرابة 30 حزباً في الانتخابات، لكن 8 منها فقط تملك القدرة عل تكوين فريق برلماني وفق الشروط التي يحددها القانون. وتقدم فيدرالية اليسار الديمقراطي التي تأسست سنة 2007 من 3 أحزاب يسارية، نفسها على أنها «طريق ثالث» وسط الاستقطاب، وهي تلاقي تعاطفا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويشكل حزب الاستقلال المحافظ الذي يعود تأسيسه إلى قبل الاستقلال وقد قاد حكومات عدة في الماضي، قوة انتخابية متجذرة في المشهد السياسي المغربي، ويتوقع أن يحتل مرتبة متقدمة في الانتخابات وأن يشكل طرفاً أساسياً في التحالف المقبل.
وتشهد الانتخابات عودة السلفيين للترشح والمشاركة القوية تحت لواء أحزاب متفرقة.