أكدت ورشة عمل قدمها معهد البحرين للتنمية السياسية، على أهمية عملية التوثيق البرلماني بما يحفظ ذاكرة الأمة ويحول دون الوقوع في عمليات التزوير والاختلاس الفكري.
وأشارت إلى أهمية تواجد مركز توثيق عصري متقدم لدى المؤسسة التشريعية يتولى إدارة العملية التوثيقية بمهارة وكفاءة عاليتين، تضمنان رصد البيانات، واقتناء أوعية المعلومات التي تحتضنها أو تحتاجها، ومعالجتها وتخزينها وإعادة بثها.
جاء ذلك خلال ورشة قدمها المعهد إلى موظفي الأمانة العامة بمجلس النواب يومي 9 و 10 أكتوبر الجاري ضمن برنامج «الدعم البرلماني»، تحت عنوان «مهارات التوثيق البرلماني»، قدمها الصحافي والإعلامي عبيدلي العبيدلي.
وأوضحت الورشة أن عملية التوثيق البرلماني، من شأنها أن تساهم في عملية تطوير علاقات متنامية متكاملة بين المواطن وأعضاء البرلمان، إذا ما توفر لها نظام توثيق كفء قادر على تقدير قيمة المعلومة ودورها في نسج تلك العلاقة المطلوبة.
وأكدت الورشة على أن المؤسسات التشريعية حظيت بمكانة مميزة لدى مراكز التوثيق وخدمات المعلومات، نظراً لترابط المصالح المشتركة بين تلك المؤسسات من جهة ومراكز التوثيق ذات العلاقة بها من جهة ثانية.
وأشارت إلى النقلة النوعية التي حدثت في عملية التوثيق بفضل ثورة الاتصالات والمعلومات، سواءً من ناحية تصميم أوعية المعلومات، أو نظم اقتنائها، أو أدوات معالجتها، أو قنوات إعادة بثها، والتي نقلت نظم التوثيق نقلة نوعية واسعة ربطت بشكل وثيق بين التوثيق والتنمية، وبين التوثيق ووضع الاستراتيجيات، بل وحتى التوثيق وبرامج التنمية المجتمعية.
وتناولت الورشة موجة التطور الجديدة التي يشهدها عالم التوثيق، والتي فرضتها محركات البحث على الشبكة العنكبوتية العالمية مثل «غوغل» والتي باتت بحاجة إلى استراتيجيات مختلفة من أجل تقديم خدمات متميزة في مختلف عمليات التوثيق، بدءا بطبيعة المادة التوثيقية وأوعيتها، وانتهاءً بمعالجتها وإعادة بثها.
ونوهت إلى أن جذور التوثيق تغوص عميقا في التاريخ، حيث سبقت بدايات التوثيق عملية التدوين الكتابي، منوهة إلى دور الحضارة الإسلامية التاريخي المميز في مسيرة التوثيق العالمية، حيث شكلت اجتهادات مثل «الفهرست» لابن النديم علامات فارقة في تلك المسيرة الحضارية الإسلامية.
وأكدت الورشة أن التوثيق يؤدي دوراً واسعاً يتجاوز التصور الضيق لعمليات التوثيق، الذي يحصرها ضمن إطار المكتبات ومراكز المعلومات، فالتوثيق مسألة حيوية لعمل مختلف المؤسسات الاقتصادية والخدمية، كما إنه ضرورة أساسية للمشاريع الاقتصادية، والمصانع، والزراعة، والخدمات الصحية، والغذائية، والتعليمية والسكنية.
وشددت الورشة على أن أهمية التوثيق تتناسب طرديا مع تنامي حركة التأليف، وازدهار المجالات التي تتناولها صناعة حفظ المعلومات ومعالجتها، مشيرة إلى أهمية توثيق المصادر إلى عدة نقاط أبرزها: الأمانة العلمية حفاظاً على حق الآخرين في التأليف، إضافة إلى التعرف على نوع ومستوى وحداثة المعلومات التي تم الرجوع إليها من خلال هذه المصادر، وإمكانية الرجوع للمصدر للتحقق من صحة المعلومات، والتسهيل على الباحثين والدراسين في الاطلاع على هذه المراجع، بقصد توفير الجهد والوقت.
وعددت الورشة مهارات التوثيق وتحقيق نجاحها، وجودة مدخلاتها وكفاءة مخرجاتها، في توفر المهارات البشرية القادرة على وضع خطة التوثيق وإتقان عملية إدارتها، وأبرز هذه المهارات هي الإنصات الجيد، عند تلقي المعلومات وتدوينها، أو في مرحلة التخطيط ووضع الاستراتيجيات، وكفاءة اختيار المعلومات وتدوينها وتنظيمها، والقدرة على التحليل، وحسن التخطيط لضمان حسن أداء دورة عملية التوثيق في مراحلها المختلفة، والاختيار الصحيح للبيانات، إضافة إلى وضع الأولويات، إذ إن غياب جدولة الأولويات يهدر الوقت ويضيع الجهود، ويستنزف الطاقات، ويشوه الدورة الطبيعية لعمليات التوثيق. وقدم عبيدلي مجموعة من التدريبات العملية للمشاركين عرفهم خلالها على آليات التوثيق التقليدي والإلكتروني والفرق بينهما، وضرورة أن يكون العاملين في هذا المجال متقنين لعملية التوثيق بشقيها التقليدي والإلكتروني.
يشار إلى أن معهد البحرين للتنمية السياسية معهد وطني يهدف في المقام الأول إلى نشر ثقافة الديمقراطية ودعم وترسيخ مفهوم المبادئ الديمقراطية السليمة، وتأسس بموجب المرسوم رقم «39» لسنة 2005 وهو يعمل على رفع مستوى الوعي السياسي والتنموي والنهوض بالمسيرة السياسية في البحرين، وزيادة المعرفة بين جميع أفراد المجتمع وتوعيتهم بالعمل السياسي وبحقوقهم وواجباتهم التي كفلها الدستور ونظمتها التشريعات ذات العلاقة.