ليلة أمس الخميس ظهر رياض سلامة، حاكم "مصرف لبنان" المركزي، على شاشة قناة "أو.تي.في" اللبنانية، وتحدث لأقل من نصف دقيقة عما خطف الأضواء منذ الأربعاء الماضي، ولا يزال، في لبنان الذي يرددون أنه "اخترع" الأبجدية زمن الفينيقيين وعلمها لليونان القديمة، وهي ورقة نقدية جديدة أصدرها البنك من فئة 50000 ليرة بمناسبة مرور 70 سنة على الاستقلال عن فرنسا، وفيها خطأ لغوي كبير، أما تصميمها فمن أبشع ما يكون.
لبنانيون بالعشرات أجمعوا في مواقع التواصل على بشاعة التصميم، وبعضهم طالب حتى باعتقال "الفنان" الذي ابتكره ومحاكمته، الى جانب أن الورقة التي تنشر صورتها، تضمنت خطأ لغوياً في "بلد النور" الموصوف أيضاً بأنه "بلد الاشعاع والنور" في المنطقة العربية.

تصميم غريب عجيب من "الفنان" المصمم
الخطأ اللغوي اعتبره حاكم البنك المركزي "من حظ اللبنانيين" طبقا لما قال في الفيديو لحديثه القصير في "أو.تي.في" أمس الخميس. أما الورقة، بما فيها من بشاعة و"خربشات" لا يرتكبها حتى الأطفال، فخطفت الأضواء في مواقع التواصل، حتى من الكلمة التي ألقاها أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، بمناسبة "مسيرة عاشوراء" أمس الخميس، لأن حاملها قد يظن أن قيمتها 70 وليس 50 ألف ليرة، لكبر حجم رقم 70 فيها.

وورد الخطأ اللغوي بكلمة "استقلال" في الوجه الثاني من الورقة، وهو دائما باللغة الفرنسية في جميع العملات الورقية التي بدأت تصدر منذ 1925 باسم لبنان، فبدلا من أن تكون Indépendance جعلها "الفنان" المصمم Independence بالانجليزية، لذلك طالب الغاضبون من اللبنانيين بسحبها من التداول، لكن حاكم "مصرف لبنان" قال ان الكمية قليلة "والعملة الوارد فيها خطأ ما قد تزيد قيمتها فيما بعد" على حد تعبيره.

أما التصميم فغريب عجيب، خصوصا بورود كلمتي "بحره" و "بره" على الورقة، فهما مما لن يفهمه الا اللبناني، لأنهما مجتزأتين من كلمات النشيد الوطني. كما هناك رسم للعلم بطريقة قد يظن الكثيرون، حتى معظم اللبنانيين، أنه رسم ملوث بالحبر الأسود على البياض، بينما هي تواقيع رجالات الاستقلال على تصميم علم وسطه الأرزة المحاطة ببياض أعلاه وأسفله خطان أحمران.


الى جانب العلم نرى رسما لقلعة راشيا، أو "قلعة الاستقلال" ففيها يوم 11 نوفمبر 1943 اعتقلت سلطات الانتداب الفرنسي على لبنان كلاً من الرئيس بشارة الخوري ورئيس الوزراء رياض الصلح ووزير الخارجية والأشغال العامة سليم تقلا ونائب لبنان الشمالي عبدالحميد كرامي ووزير التموين والتجارة والصناعة عادل عسيران، كما ووزير الداخلية الذي أصبح رئيساً للجمهورية فيما بعد، وهو كميل شمعون.

سجنهم الانتداب في غرف منفردة بالقلعة الشهيرة "لمطالبتهم ونشاطهم سعيا لنيل الاستقلال" ثم أفرج عن "رجال الاستقلال" بعد 11 يوما، أي حين الاعلان في 22 نوفمبر ذلك العام عن استقلال لبنان رسميا عن فرنسا، الا أن حامل الورقة الجديدة، قد لا يعرف شيئا عن الرسم، وقد يظن القلعة بيتا في قرية ما وتم وضعه على الورقة بلا أي سبب، كالغيمة البيضاء فوقه.
ويمكن لمن يتجول سريعا في "فيس بوك" أو "تويتر" الاطلاع على سخريات وتهكمات بالعشرات كتبها لبنانيون، وفيها غضب وأسف من عملة دبت فيها فوضى الألوان والأشكال الموزعة كيفما كان، ومن دون أن يكون بينها أي رابط، بل يتعذب المتأمل فيها ليتذكر أن بر لبنان يعني "بره" على العملة، و"بحره" يعني بحر لبنان المذكور في النشيد الوطني، وأن 70 ليست قيمتها بل استقلال يحتفل به لبنان يوم الجمعة المقبل. أما الأرزة في العملة الجديدة فنراها وقد التحفت بالسواد من دون أي سبب.

أما المتأمل في صور لعملات ورقية أصدرها لبنان قديما فقد يأسف اذا ما قارنها بالجديدة منذ ثمانينات القرن الماضي حتى الآن، وبينها أوراق نقدية بتصاميم من أرقى ما يكون.