أكد رئيس مجلس الشورى علي الصالح أن الكثير من الملفات والقضايا الحياتية والمعيشية ستكون على رأس أولويات المجلس خلال دور الانعقاد المقبل الذي سينطلق فعالياته غداً، معتبراً أن من أبرز هذه الملفات والقضايا التي تحتل أولوية قصوى بالنسبة لأعضاء المجلس هو موضوع الميزانية العامة للدولة للعامين 2017 ـ 2018، إضافة للمراسيم والمشاريع المحالة للمجلس، والتي تتطلب منا الاهتمام اللازم من أجل مناقشتها بشكل وافٍ، للمساهمة في حفظ موارد ومكتسبات الدولة من جهة والارتقاء بالخدمات المقدمة لمواطني أهل هذه البلد الكريم من جهة أخرى.
وقال لـ «بنا» إن عموم دول المنطقة، ومنها البحرين، تمر بظروف اقتصادية استثنائية تتطلب من جميع السلطات التعاون والتنسيق والعمل والتكاتف مع الرأي العام من أجل مواجهتها، سيما فيما يتعلق بانخفاض أسعار النفط، وإيجاد مصادر تمويلية إضافية لزيادة الدخل القومي، لافتا إلى أن التجربة البرلمانية البحرينية مصطلح تم تجاوزه، خاصة أنه يوجد اليوم في المملكة سلطة تشريعية ذات صلاحيات واسعة تقوم بممارسة دورها بكل أريحية وسط تعاون وثيق مع السلطات الأخرى، وأن هناك جهوداً دؤوبة ومتواصلة يبذلها السادة أعضاء المجلس الموقر من أجل تحقيق التقدم للوطن والمواطنين على السواء.
وفيما يلي نص الحوار:
ـ إلامَ تتطلعون خلال دور الانعقاد الجديد للمجلس، وكيف سيسهم ذلك في تطوير مسيرة مجلس الشورى التشريعية لما فيه خير ومصلحة الوطن والمواطن؟
نتطلع إلى دور انعقاد يسوده العمل الجدي والدؤوب لخدمة الوطن الذي يستحق منا بذل المزيد من الجهود في مجال سن التشريعات والقوانين التي تنظم الحياة العامة وتحفظ النظام بما يسهم في الارتقاء بالخدمات التي تقدم للمواطنين، خاصة في ظل التحديات التي تواجه اقتصادات المملكة وفي إطار المتغيرات التي تشهدها الساحتين الإقليمية والدولية وانعكاساتها على المملكة.
ـ في رأيكم، ما هي أبرز الملفات التي ستوضع على قمة أولويات المجلس خلال دور الانعقاد المقبل، وكيف ترون قدرة مجلس الشورى على التعاطي معها؟
موضوع الميزانية العامة للدولة للعامين 2017 ـ 2018، سيكون على قمة أولوياتنا خلال دور الانعقاد المقبل، إضافة للمراسيم والمشاريع المحالة للمجلس، ولكل موضوع خصوصيته، وكل ما يتم إحالته للمجلس يتم مناقشته بشكل وافٍ ويأخذ الاهتمام اللازم.
لكن مشروع الميزانية العامة للدولة يحتل الأولوية من حيث كونه يرتبط بتسيير عمل الحكومة وتقديم الخدمات وإقامة المشاريع وصرف الرواتب وغيرها، وكلها بنود يصعب تأجيلها ويجب النظر فيها بعناية، خاصة أننا وعموم دول المنطقة نمر بظروف استثنائية تتطلب التوفير قدر الإمكان في بند المصروفات، والبحث عن مزيد من الموارد لتقليل الاعتماد على النفط كسلعة أساسية مع ما تشهده سوق النفط من انخفاض حاد في الأسعار، إلى جانب ضرورة مراجعة الإجراءات الحكومية في بعض الجوانب والتي قد تتطلب اتخاذ قرارات كنا نستبعدها في أوقات سابقة.
والحقيقة أننا أمام مناقشة مشروع كبير ومهم وضروري في ذات الوقت، في مرحلة صعبة تشمل العديد من التحديات، وسيتطلب العمل على إنجازه الكثير من الجهود التي سيراعي فيها المجلس المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى.
ـ ما هو تقييمكم لتطور التجربة البرلمانية البحرينية عموما، والشورية بشكل خاص في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل المفدى؟
التجربة البرلمانية مصطلح تجاوزناه، وبات عندنا اليوم سلطة تشريعية ذات صلاحيات واسعة تقوم بممارسة دورها بكل أريحية وسط تعاون وثيق مع السلطات الأخرى، وكما أكد على ذلك جلالة الملك المفدى أننا لن نرجع للوراء، وأن ما تمكنت المملكة من إنجازه على مستوى العمل البرلماني خلال السنوات الماضية قد وضع الأسس للبناء والتقدم في السنوات القادمة.
لذلك فإننا كمواطنين أولاً نعمل على تحقيق هذه الغاية السامية التي رسمها جلالة الملك حفظه الله تعالى، ونسعى جاهدين للوصول لكل ما يمكن أن يحقق التقدم للوطن والمواطنين، وقد أثبت مجلس الشورى من خلال عمله وبشهادة الجميع مهنية عالية وعمل رصين اتسم بالجدية والمثابرة وشمل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية وغيرها، ونحن لا ندعي الكمال ولكننا نسعى بكل ما نملك من قدرات للوصول إليه.
ـ هناك توقعات متزايدة لعموم المجتمع وتطلعات كبيرة تقع على عاتق مجلس الشورى، خاصة إزاء الملفات المعيشية والحياتية من جهة، والبنية القانونية الجاذبة للاستثمار من جهة أخرى، هل لكم من كلمة في هذا الشأن؟
بصراحة وبواقعية متجردة.. نحن أمام تحدٍّ كبير للمحافظة على المستوى المعيشي الذي وصل إليه المواطن، والذي يشمل حالياً الكثير من الامتيازات، ورغم أن وضعنا الاقتصادي مستقر، لكننا لا يمكن أن نغفل الإجراءات والخطوات الاحترازية التي قامت بها الدول الأخرى، خاصة في ظل انخفاض أسعار النفط لهذا المستوى.
ونحن جادون في عدم دغدغة عواطف المواطنين بالمطالبة بأمور لا يمكن أن تُطبق، إلا إذا قمنا بالاستدانة والاقتراض بنسب كبيرة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وهذا ما سيترتب عليه تداعيات خطيرة على الاقتصاد، وقد يؤثر على الوضع المالي والتصنيف الائتماني الذي سيرجع بصورة أو بأخرى على المواطن من خلال التضخم أو ارتفاع الأسعار أو عدم إمكانية الاقتراض، أو الاقتراض بفوائد عالية.
كما أننا حريصون جداً على ألا يحدث ذلك بصورة أو بأخرى، لذلك يجب علينا التحلي بالصدق والموضوعية والصبر في ذات الوقت لتجاوز المرحلة الاستثنائية ومصارحة الجميع بضرورة العمل على خفض النفقات.
وأعتقد أن الواجب يحتم في هذه المرحلة أن يقف المواطن ليساند ويدعم بلده الذي أعطاه الكثير، خاصة أن الجميع مطلع ومتابع لتطورات الأوضاع في الإقليم والعالم.
ـ ما هي الخطط الموضوعة لتطوير وتفعيل التعاون مع مجلس النواب، الجناح الثاني للسلطة التشريعية، سيما مع ما أثير من قضايا مجتمعية وسياسية، وطُرح من ملفات قانونية ودستورية خلال الفترة الماضية؟
التعاون والتواصل مستمر مع مجلس النواب، ونحن ملتزمون بدعم الشراكة في كل ما يخدم العمل التشريعي، ونحن في مجلس الشورى نتابع كافة التطورات التي تشهدها الساحة المحلية بشكل خاص فيما يتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ولدينا توجهاتنا الواضحة والصريحة تجاهها.
وأستطيع القول إننا مستمرون في العطاء لتطوير العملية الديمقراطية البحرينية وفقاً للأطر الدستورية والصلاحيات التي نص عليها الدستور وميثاق العمل الوطني، ويدنا ستبقى ممدودة للعمل معاً مع السادة أعضاء مجلس النواب وكذلك أعضاء الحكومة الموقرة والسلطة القضائية وكل من يريد أن يخدم وطنه ويساهم في بنائه.
ـ النهوض بدور مجلس الشورى، تنظيمياً وسياسياً، من ركائز رؤيتكم لتطوير أمانته العامة، خاصة مع مساعيكم الدؤوبة لدعم الأعضاء والكادر الإداري والفني بالمعلومات والاستشارات الضرورية، كيف ذلك؟
لقد قمنا ومنذ بداية الفصل التشريعي الحالي باعتماد استراتيجية شاملة لتطوير الأمانة العامة لمجلس الشورى، ولدينا الكثير من الأهداف المرحلية التي تم تحقيقها بالتدريج خلال الفترة الماضية، وكل ما نصبو إليه هو توفير كافة الخدمات المساندة لدعم دور أصحاب السعادة أعضاء المجلس الموقرين.
وقد وفرنا لذلك كل الإمكانيات، خاصة فيما يتعلق بالتدريب وتوفير البيئة المناسبة للعمل والدفع بالتعامل الإلكتروني وتوفير كافة التقنيات اللازمة، فضلاً عن حث منتسبي الأمانة العامة على الحصول على أعلى الشهادات الأكاديمية التي تدخل في مجالات اختصاصهم.
هذا بالإضافة إلى توفير مكتبة زاخرة بالكتب القانونية والدستورية والبحوث المتعلقة بالشأن التشريعي لتسهل الحصول على المعلومات والإحصاءات اللازمة، إلى جانب توقيع المجلس للعديد من اتفاقيات التعاون والبروتوكولات لتوفير أكبر قدر ممكن من التسهيلات ضمن برامج التعاون والتنسيق التي تضمنتها استراتيجية المجلس.
ـ التواصل مع قوى المجتمع ومؤسساته الوطنية والأهلية، وعلى رأسها السلطة الرابعة ممثلة في الإعلام والصحافة، من الأمور التي تحرصون عليها معاليكم، كيف تقيمون نجاح المجلس في ذلك؟
نعتز بشراكتنا مع الصحافة الوطنية والكتاب وأصحاب الرأي في المجتمع، وليس لدينا أي تحفظ حتى على الانتقادات الموضوعية التي توجه إلى المجلس بهدف الارتقاء بأدائه، بل على العكس نعيد تقييم أوضاعنا ونعتبر ذلك فرصة لتصحيح أي خطأ غير مقصود.
كما لا يفوتنا في هذا المجال أن نشيد بالجهود التي يقوم بها الصحفيون ممن يقومون بتغطية الجلسات والاجتماعات التي تقام في مجلس الشورى، والذين لمسنا منهم تعاوناً ومثابرة تعكس حرصهم على نقل الصورة الحقيقية لما يجري من مداولات بشأن المواضيع التي يتم مناقشتها، وهم بذلك يقومون بدور وطني بامتياز يقدرون عليه ويستحقون عليه كل الشكر والثناء.