ما نشهده في هذه الأيام من تناحر وبغضاء بين الناس شيء يدعو إلى القلق، فيا ترى ما هي الأسباب التي أدت إلى التفرقة بين الإخوان والأصدقاء وانتشار مظاهر الحسد فيما بينهم أو انتشار التعالي والتباهي كل حسب ما يرى في نفسه، فهناك من يتباهى بماله وآخر بنسبه وفئة آخرى تتباهى بمناصبها، ولكن هل هذه الأسباب تدعو إلى التنافر بين أفراد المجتمع؟ يا ترى ما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انتشار مثل تلك الظواهر أهو ضعف الوازع الديني أو الأخلاقي أو هو شيء من الأمراض النفسية التي يتحدثون عنها كثيراً؟
نجد كثيراً من الناس انتشر فيما بينهم الحسد لأن فلاناً يملك ونحن لا نملك هل تستحق الدنيا منا ما نحن فيه مصداقاً لقوله عليه الصلاة والسلام «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا». إن الشعور بالنقص لدى بعض الناس يولد مثل تلك الظواهر يجب على الإنسان أن يقنع بما كتبه الله له مصدقاً لقوله عليه الصلاة والسلام «أرضَ بما قسمه الله لك تكن أغنى الناس». فالرضى هو أساس السعادة والقناعة هي أساس سمو النفس من تلك الظواهر السلبية.
يجب علينا كمسلمين أن نعمل على نشر حب الذات ولكن بالحدود التي فرضها الله لنا حتى تنتشر بيننا المودة والصفاء والقناعة والرضا بالمقسوم والتخلص من صفة الكبر التي انتشرت بيننا مصداقاً لقوله عليه السلام «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»، ويجب التخلص من الظواهر والمظاهر الكذابة والتي أدت إلى انتشار ظاهرة البذخ والإسراف دون داعٍ سوى التباهي والتعالي بين الناس. إن ديننا الحنيف حثنا على عدم الإسراف مصداقاً لقوله تعالى «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا» وأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه وأن نكون أمام الله إخواناً متحابين ينصر بعضنا بعضاً، لا كما نرى اليوم من الظواهر السلبية العديدة، نتمنى أن يعي الناس أن ما يقومون به من أعمال لا تؤدي إلى أي نتيجة سواء ما ذكرناه، ويجب الحرص على التخلص من تلك الصفات الذميمة والعمل على نشر هويتنا العربية والإسلامية وما يعزز من تألفنا وتعاضدنا لما فيه المصلحة العامة.
لا نعلم ما تخبئه الأقدار فما أجمل التسامح والعفو عن زلات الآخرين! إنها الدنيا تارة تأخذنا هنا وتارة تأخذنا هناك، وما بين هنا وهناك تلك الحكمة الإلهية التي ما كان من أجلها خلقنا، تسوقنا الأقدار ونمضي فمنا من يلوم القضاء والقدر ومنا من يصبر ويحتسب. عجباً لهذه الدنيا كيف تعوم بنا بين تيارات القدر المختلطة ونحن غير مدركين لسرعتها فعلا!ً فلنكن في الدنيا كعابر سبيل فالحياة في مضمونها تصارع بين الماضي والحاضر والمستقبل تحت سقف الأقدار.
حنان بنت سيف بن عربي