ذكر رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»خالد الفضالة أنه بموجب قانون «جاستا» الذي أقره الكونغرس الأمريكي مؤخراً ويتاح بموجبه للأفراد مقاضاة الدول على خلفية أحداث إرهابية، لن تكون الحصانة السيادية للدول محل اعتبار، مضيفاً أن هناك مبادئ للعلاقات الدولية ارتضتها دول العالم فيما بينها ومن ثمة فإن سعي بعض الدول الكبرى لتقويض تلك المبادئ يعني تقويض المصالح الاستراتيجية بين الدول على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية وبالتالي سيادة حالة من عدم الثقة ما يهدد الأمن الإقليمي العالمي خاصة مع وجود ظاهرة الإرهاب كتحدٍ عالمي مشترك.
وقال، لدى افتتاحه لندوة نظمها مركز دراسات لمناقشة انعكاسات قانون جاستا على النظام الدولي، إن المواقف العربية والدولية الرافضة لقانون جاستا تؤكد حقيقة مفادها أن الولايات المتحدة ستكون في مواجهة مفتوحة مع العالم أجمع وعلى كافة المستويات.
وأكد ضرورة أن تأخذ دول مجلس التعاون الخليجي التغيرات الراهنة في السياسات الأمريكية بعين الاعتبار عند صياغة تحالفاتها الحالية والمستقبلية.
وذكر أن انتهاء الحرب الباردة عام 1990 كان إيذاناً ببدء نظام عالمي جديد مغاير لذلك النظام الذي ظهر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وكانت القطبية الثنائية أبرز ملامحه، فإن أحداث الحادي من سبتمبر قد أسست لمرحلة أخرى برزت خلالها الولايات المتحدة كقطب أوحد على الساحة الدولية في ضوء ما اسمته الحرب على الإرهاب.
وغطت الندوة عدة محاور تحدث فيها كل من المدير التنفيذي لمركز «دراسات» د.خالد الرويحي، ومدير برنامج الدراسات الاستراتيجية بالمركز د.أشرف كشك، ومدير برنامج الدراسات الدولية والجيوسياسية د.عمر العبيدلي.
وفي حديثهم عن ملامح النظام الدولي الحالي، قال المتحدثون في الندوة أن النظام تحول من نظام سياسي يهدف إلى إرساء الأمن في العالم إلى نظام للتحكم بخيرات الدول خاصة بعد تحول العالم من متعدد الأقطاب إلى القطبية الواحدة متمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية. ولفتوا إلى عجز النظام الدولي الحالي في التحكم في أبسط النزاعات المنتشرة خاصة في الشرق الأوسط مثل الأزمة السورية. وذكروا أن العديد من النظريات شكلت النظام الدولي بمفهومه الحالي وتحولت النظريات إلى سياسة تتبعها الدول وأشاروا إلى اعتماد الولايات المتحدة على النظريات التي تتشكل في مراكز الأبحاث وتنفيذها على أرض الواقع مثل مشروعها في الشرق الأوسط الذي بدأ منذ 2003 بعد غزو العراق.
وأضافوا أن الثورات التي اندلعت منذ القرن السابع عشر إلى اليوم دائماً كانت تهدف إلى تحقيق أهداف معينة لدول محددة، وصولاً إلى الأحداث التي جرت في العالم العربي تحت اسم «الربيع العربي» وهو أبعد ما يكون عن الربيع حسب وصفهم إذ إن تلك الأحداث حولت دول في المنطقة إلى «دول فاشلة».
واعتبر المتحدثون أن النظام الدولي يشهد أزمة تنذر بخطورة بالغة قد تغرق بسببه الكثير من الدول في الفوضى لافتين إلى أن وجود الأسلحة المدمرة لدى بعض الدول في ظل هذه الفوضى ينذر بكوارث كبرى.
وقالوا، في محور «السيادة ومصالح الدول الكبرى»، إن هناك عدة أسباب ساهمت في إقرار الكونجرس الأمريكي لقانون جاستا منها أسباب داخلية وأسباب ترتبط بالعلاقات الأمريكية مع دول خليجية كنوع من العقاب إذ إن هذه الدول أخذت على عاتقها مهمات لحسم أزمات المنطقة فيما تدفع الولايات المتحدة باتجاه أن «الحرب على الإرهاب حرب طويلة الأمد».
ولفتوا إلى دور جماعات الضغط في الولايات المتحدة وفي مقدمتها اللوبي الإيراني الذي يعمل على تأجيج مشاعر العداء تجاه دول الخليج العربي وصرف الأنظار عن تورط إيران في الأعمال الإرهابية في مناطق مختلفة من العالم.
واستعرضوا نتائج دراسة صدرت في الولايات المتحدة بيت أن إيران تنفق على الإعلام الأمريكي حوالي 950 مليون دولار سنوياً، واستخدام الإعلام لتشويه سمعة دول الخليج العربي، وتحسين صورة إيران لدى الرأي العام الأمريكي.
واستنتج المتحدثون أن الولايات المتحدة رأت أن إيران هي الشريك الإقليمي الذي يمكن الاعتماد عليه في ظل مبدأ الرئيس أوباما الجديد وهو «القيادة من الخلف» وعدم التورط في الأزمات، وهو ما سوف يستمر حتى بعد نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة حيث إنه لا فرق في ذلك بين الحزبين الديمقراطي أو الجمهوري في هذا الجانب، من ناحية أخرى فأن الولايات المتحدة تريد التركيز على الحرب ضد داعش وتختزل الإرهاب في ذلك التحدي فقط بينما تغض الطرف عن ممارسات الحوثيين في اليمن، كما يلاحظ أن إيران ليست ضمن قضايا السباق الرئاسي الحالي، بما يعني أن هناك اتفاق ضمني بشأن الاتفاق النووي وكذلك السياسات الإقليمية لإيران.
وأكد المتحدثون ضرورة أن تبدأ دول مجلس التعاون الخليجي بالتحرك في عدة مسارات متوازية قانونية واقتصادية وسياسية استعداداً لمرحلة جديدة في العلاقات الخليجية – الأمريكية قائلين إنه من المهم لدول الخليج الإسراع بتحقيق التوازن الإقليمي والعالمي من خلال تنفيذ مقترح الاتحاد الخليجي مما يمنح هذه الدول ثقلاً هائلاً وقوة وتأثير ونفوذ أكبر ليس فقط تجاه الولايات المتحدة وإنما تجاه كافة القوى الإقليمية والدولية.
وحول الانعكاسات الاقتصادية لقانون جاستا، قال المتحدثون أن الولايات المتحدة إذا أقدمت على حجز أصول استثمارية خليجية موجودة في الولايات المتحدة بغرض الضغط على دول الخليج ستضر سمعتها الدولية كجاذب رئيسي لرؤوس الأموال العالمية في ضوء الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها الاتحاد الأوروبي واليابان.
وفي محور العلاقات الدولية بين النظام الأممي والفوضى، ذكر المتحدثون أن دول مجلس التعاون هي أكثر المساهمين في محاربة ومكافحة الإرهاب ورغم ذلك يتم استخدام وسائل مختلفة منها منظمات دون الدول لتشويه سمعة دول التعاون. وأشاروا إلى أن الكثير من الأزمات العالمية قد تم حلها بأموال خليجية إذ تشير إحصاءات إلى أن نصف تريليون دولار من المساعدات دفعت من قبل دول الخليج لمساعدة دول نامية لكن يتم غض النظر عن هذه الإسهامات الخليجية في الأمن الإقليمي ودورها الحيوي.