عواصم - (وكالات): تواصل القوات العراقية تقدمها نحو قرقوش، أكبر البلدات المسيحية في البلاد، بهدف استعادتها من تنظيم الدولة «داعش»، في إطار العملية العسكرية الضخمة التي بدأت الاثنين الماضي في اتجاه مدينة الموصل، بينما يواجه مئات العراقيين ظروفاً قاسية بعد هروبهم من المدينة، في حين أعلنت وكالة المساعدات «أنقذوا الأطفال» البريطانية أن 50 ألف شخص وصلوا إلى مخيم «الهول» المكتظ باللاجئين قرب الحدود في سوريا خلال الأيام العشرة الأخيرة. في المقابل، نفذ «داعش» عدة هجمات على القوات العراقية المتقدمة باتجاه المدينة من الجهتين الغربية، مما أبطأ تقدم القوات بعدة محاور، بينما أجلت القوات العراقية هجومها من ناحية بعشيقة شمال المدينة. من جهته، أعلن الجنرال الأمريكي غاري فوليسكي المسؤول في التحالف الدولي ضد «داعش» أن قادة من التنظيم بدؤوا يغادرون الموصل متوقعاً أن يبقى فيها متطرفون أجانب لخوض المعارك.
ودخلت القوات العراقية ضواحي قرقوش التي تقع على بعد نحو 15 كلم جنوب غرب الموصل.
وحققت العملية التي تنفذها القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، وتعد الأكبر منذ سنوات، تقدماً سريعاً خلال اليومين الماضيين. وقال ضابط عراقي إن قوات من مكافحة الإرهاب التي تولت مهاماً صعبة خلال عمليات نفذتها القوات العراقية في الفترة الماضية، تستعد للسيطرة على قرقوش.
وأوضح الضابط وهو برتبة عقيد في القوات البرية وكان يتحدث من قاعدة القيارة، أحد أكبر مقار القوات الأمنية العراقية في المنطقة «نحن نحاصر الحمدانية»، في إشارة إلى المنطقة التي تقع فيها بلدة قرقوش المسيحية.
وأضاف «نقوم بإعداد خطة لاقتحامها وتطهيرها بعد ذلك». وتابع «توجد جيوب وتدور اشتباكات وأرسلوا سيارات مفخخة، لكن هذا لن ينفعهم». واحتفل مئات المسيحيين في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراقي، بتقدم القوات العراقية نحو بلدتهم التي اضطروا للفرار منها حين سيطر عليها «داعش» قبل سنتين.
وقرقوش هي أكبر بلدة مسيحية في العراق وكان يعيش فيها 50 ألف شخص عشية استيلاء «داعش» عليها في أغسطس 2014 في هجوم دفع بالغالبية العظمى من أبنائها إلى الفرار. وتسعى القوات العراقية إلى محاصرة مدينة الموصل من جهات عدة بينها المحور الجنوبي حيث تتحرك قوات حكومية انطلاقاً من قاعدة القيارة على امتداد نهر دجلة. في موازاة ذلك، تتقدم قوات البشمركة الكردية من المحور الشرقي. وباتت القوات العراقية في قرية باجوانية الواقعة على بعد 30 كيلومتراً جنوب الموصل.
وفي الموصل، قال سكان إن العديد من الشوارع تغلق أمام حركة المرور ليلاً وتكون نصف فارغة أثناء النهار.
وقال أحدهم معرفاً عن نفسه باسم أبو عماد «معظم المتاجر لم تفتح أبوابها. فقط المتاجر الصغيرة تفتح لساعات قليلة في اليوم».
وأشار إلى ارتفاع الأسعار منذ بداية العملية، فضلا عن سعر الصرف، حيث يتم تداول الدولار عند 1.600 دينار في السوق السوداء مقابل 1.400 الأسبوع الماضي.
وأفادت مصادر بأن عائلات كثيرة خرجت من منازلها أمام القوات الحكومية المتقدمة وهي تلوح برايات بيضاء.
وبدا معظم الرجال والشباب بلحى طويلة، لان المتطرفين كانوا يحرمونهم من حلاقة ذقونهم.
ويشارك عشرات آلاف المقاتلين في تنفيذ عملية استعادة الموصل من المتطرفين الذين يقدر عددهم بما بين 3 آلاف و4500 مسلح داخل المدينة. من جانبه، قال قائد القوات الخاصة العراقية الفريق الركن طالب شغاتي إن التنظيم له ما بين 5000 و6000 مقاتل يتصدون لهجوم القوات العراقية على الموصل.
من جهته، قال قائد القوات البرية التابعة للتحالف في المعركة ضد مقاتلي «داعش» الميجر جنرال جاري فوليسكاي إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لا يدعم الفصائل الشيعية في قوات الحشد الشعبي.
وحذرت رئاسة أركان الجيش الروسي من أن الهجوم على الموصل يجب ألا يؤدي إلى «إخراج إرهابيي» تنظيم الدولة إلى سوريا. وتتخوف المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة من نزوح قرابة مليون شخص من المدينة بحثاً عن ملاذ آمن، وسيحتاج أغلب هؤلاء إلى مأوى وإعلان حالة طوارئ لتأمين حاجاتهم الإنسانية.
واستطاع العديد من المدنيين خلال الأيام الماضية الهروب من الموصل وما حولها إلى مناطق أخرى آمنة، وبينهم من توجه إلى سوريا التي تمزقها الحرب أيضاً. وقالت منظمة «سيف ذي تشلدرن» إن «آلاف العراقيين اليائسين يفرون إلى مخيم قذر مكتظ للاجئين السوريين في محاولة للهرب من هجوم الموصل». وأشارت إلى وصول 50 ألفاً من هؤلاء إلى مخيم الهول خلال الأيام العشرة الماضية.
سياسياً، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بحث معهما عملية استعادة الموصل من «داعش».