الجريمة المستحدثة.. هي الجريمة التقليدية وقد تغيرت بفعل التقنية المتطورة وارتكبت بوسائل مستحدثة
الجريمة هي أي فعل يتعارض مع النظام والقانون والأعراف الاجتماعية، ومع ما يشهده العالم من تطور هائل وثورة كبيرة في تقنية المعلومات والاتصالات السلكية واللاسلكية والتكنولوجيات المستحدثة، فقد استحدث مع ذلك نشاط الجرائم التقنية والعابرة للحدود، مما أدى إلى ظهور مفهوم الجرائم المستحدثة في العلم الحديث، وهي عبارة عن صورة من صور الجرائم المتقدمة زمنياً نتيجة التطورات المتسارعة في الميادين العلمية،ومعيار هذه الجرائم هو استخدام التقنيات الحديثة والمتطورة في ارتكابها.
التمييز بين الجرائم المستحدثة والجرائم التقليدية:
يشمل مفهوم الجريمة المستحدثة بمعناه الواسع الجرائم التقليدية بذاتها والتي أطالتها يد التغيير بفعل التقنية المتطورة وارتكبت بوسائل مستحدثة كما يشمل الجرائم المستحدثة التي لم تكن موجودة من قبل. فالإجرام التقليدي يتمثل في الجرائم المتعارف عليها قانوناً نتيجة مساسها بالمصلحة والرعاية والحماية، لتصل إلى درجة العقوبة لمخالفتها قواعد السلوك المطلوبة للمجتمع.
أما الجرائم المستحدثة فهي تلك الجرائم التي تفرزها التطورات والمتغيرات التي تحدث في إطار المجتمع الذي ترتكب فيه وقد حددها الفقه الجنائي بأنها الجرائم الاقتصادية والجرائم المنظمة والمخالفات التي لاتندرج تحت نص عقابي محدد، وهي كل فعل يشكل خطراً على المصالح الأساسية للجماعة، والتي يجب على المشرع حمايتها بنصوص عقابية، حيث تخرج بعض هذه التقنيات عن أهدافها الإنسانية لتشكل خطراً على المجتمع.
ويمكن استعراض بعض أشكال الجرائم المستحدثة كالجريمة المنظمة، والاتجار بالمخدرات الكيميائية وظهور المخدرات الالكترونية ، والجرائم الاقتصادية كغسيل الأموال والفساد الإداري ، والجرائم الالكترونية كتزوير البطاقات الائتمانية، وجرائم الاتجار بالبشر وبيع الأعضاء البشرية، حيث إن انتشار الجريمة المستحدثة بكافة أشكالها قد يؤدي إلى تهديد المجتمع في أمنه واقتصاده، كما تسهم الجرائم الإلكترونية إلى التفكك الأسري والخلافات بين الأفراد بسبب التشهير أو إشاعة الأخبار الكاذبة وسرقة المعلومات الخاصة ونشرها على الإنترنت ووسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تهديديها لأمن وسلامة المجتمع عن طريق نشر الفساد والإدمان مما يؤثر سلباً على تنشئة الشباب.
وضمن الجهود المبذولة التي قامت بها مملكة البحرين لمواكبة التطورات التي تشهدها الساحة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وإيماناً منها بضرورة مكافحة الجرائم المستحدثة بكافة أشكالها، ونتيجة لارتباط العديد من الجرائم المستحدثة بتقنية المعلومات، فقد صدر قانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات، والذي يتضمن 24 مادة تحدد العقوبات الرادعة للجرائم التي يتم ارتكابها في هذا الشأن.
وقد صدر بتاريخ 28 نوفمبر 2011 مرسوم ملكي رقم (109) للعام 2011، بتعديل بعض أحكام المرسوم رقم (69) للعام 2004 والذي جاء فيه إنشاء الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني والتي تندرج تحت مظلتها عدد من الإدارات الأمنية التي تسعى جاهدة إلى الحد من الجرائم المستحدثة وحماية المجتمع من آثارها السلبية والوقاية منها، وذلك من خلال التوعية الفعالة والمستمرة لجميع مكونات المجتمع لتفادي الوقوع ضحية لهذا النوع من الجرائم.