تأهل المنتخب السعودي الشقيق للمباراة النهائية لبطولة كأس آسيا تحت 19 سنة بعد سيناريو دراماتيكي تفوق خلالها على المنتخب الإيراني بعد مباراة يمكن وصفها بـ»المجنونة» خصوصاً أنها شهدت مهرجان أهداف بلغ 11 هدفاً بالتمام والكمال، ليضرب موعداً مع المنتخب الياباني الذي تفوق هو الآخر بثلاثية نظيفة على المنتخب الفيتنامي.
قدّم المُنتخب السعودي مباراة كبيرة في مختلف الجوانب الفنية، لأن الأمر يتعلق بفريق يلعب كرة القدم كما يجب أن تُلعب من دون تعقيدات كثيرة ولا فلسفة زائدة، وكان الأسلوب الذي انتهجه وطبقه المنتخب السعودي يقوم على بحث كل لاعب عن أفضل زميل متمركز على رقعة الملعب من أجل أيصال الكرة له وبدقة عالية جدا في تطبيق واقعي وواضح لمبدأ التمرير الصحيح، كما أن عملهم الجماعي في استرجاع الكرة كان مثيرا للإعجاب، ناهيك عن تمركزهم على أرضية الميدان والانتشار السليم والصحيح والذي ساهم في إضفاء روعة على الأداء «الأخضر».
ما قدمه لاعبو المنتخب السعودي في جميع مبارياتهم بالبطولة يؤكد وجود تطور ملحوظ في مستوياهم الفنية والفردية والجماعية ورسم وأسلوب تكتيكي واحد يقوم على فرض شخصية المنتخب على أرضية الملعب بقيادة المدرب سعد الشهري، فالمنتخب السعودي طبق أمام إيران طريقة رائعة في استرجاع الكرة من خلال الضغط العالي الذي مارسه اللاعبين وبالتالي إيقاع لاعبي المنتخب الخصم في الأخطاء التي استثمرها «الأخضر» بأفضل طريقة خصوصا مع القدرات الهجومية الكبيرة التي يملكها اللاعبين، وتنوع الهجوم السعودي في مواجهتهم أمام إيران بين اللعب على الأطراف أو الاحتراق من العمق بوجود نوعية ممتازة من اللاعبين بقيادة «المبدع» سامي النجعي والهداف عبدالرحمن اليامي، والأمر اللافت في لاعبي المنتخب هو وجود لاعبين بمواصفات وإمكانات مختلفة يكمل كل منهم الآخر وهو ما منح «الأخضر» مرونة عالية في البناء الهجومي فتارة نراهم يخترقون الدفاع الخصم من العمق وتارة أخرى من التوغلات الفردية وأخرى من الأطراف وهي سمة بارزة في أسلوب وطريقة اللعب التي ابتكرها الشهري.
ولعل ما كان يعكر صفو الأداء السعودي في المباراة هي تلك الأخطاء الدفاعية التي وقع فيها اللاعبين وأدت لولوج شباكه 5 مرات في سيناريو ربما لا يتكرر في الكثير من المباريات، وكان الملاحظ هو نوع من التراخي عليهم في ظل التقدم الواضح بالنتيجة في غالبية فترات المباراة وهو ما ساهم في عودة المنتخب الخصم. أما في الجهة المقابلة للمباراة وهو المنتخب الإيراني فإنه دفع ثمن كبير بتراجعه الذي بدأه في المباراة وكلفه استقبال ثلاثية في الشوط الأول ومثلها في الثاني نتيجة الأخطاء التي وقع فيها لاعبيه بعد الضغط السعودي الكبير، ولعل البطء الذي كان عليه لاعبيه ولم يظهر في مبارياته الماضية أو بمعنى آخر لم يستغله خصومه ظهر في هذه المباراة.
في الجانب الدفاعي، بدا المُنتخب الإيراني تائها أمام كثرة الحلول التي تحدثنا عنها في فقرة المُنتخب السعودي، فالمُدافع الإيراني كان يعيش في حالة شك متواصلة كونه لا يعرف من أين سيأتيه الخطر ولا أي لاعب يجب عليه مراقبته، ولاعبو المنتخب السعودي تبادلوا المراكز بذكاء كبير، ونوّعوا كثيرًا من قراراتهم ما بين العرضيات والتوغل لمنطقة الجزاء أو التسديد، وهو ما صعّب كثيرًا من مهمة مُدافعي المنتخب الإيراني.
ولم تكن قراءة المدرب أمير حسين بيرواني لهذه المواجهة بذات النجاعة في المباراة الماضية أمام اوزباكستان، إذ أنه بالغ في تقييد وتحييد لاعبيه بمهام كثيرة في الشق الدفاعي ولكنه أطلق العنان لهم بعد التأخر بالنتيجة، وربما تكون العودة الإيرانية في المباراة وتضييق الفارق نقطة إيجابية وتحسب لهم ولكنها جاءت متأخرة، وكلفت الإيرانيين الخسارة وبالتالي توقف مسيرتهم ومشوارهم عند هذه النقطة.