تتلخص معاناتي بين المشكلة المرضية ودراستي بكلية العلوم الصحية، فقد أخذ هذا المرض مني تعب أربع سنين بثلاثة أشهر، تتلخص مظلوميتي بعدم استطاعتي استكمال الأشهر الثلاثة العملية النهائية لاستلام شهادة تستطيع أن ترفع من مستوى سعادتي وفخر أهلي وزوجي.
لا يفهم أغلب من تقابلهم معاناة مريض التهاب الأطراف العصبية المتعددة المزمنة (عضال القدمين) (CIDP)، حيث لا يدركون حجم المعاناة التي يعانيها المريض كون أعراض ذلك المرض يشعر بها المصاب فقط ولا تظهر لمن هم حوله مما يدفعهم للتشكيك في ما يقول واتهامه بالتمثيل وأنا أتساءل هنا لماذا يمثل الشخص وماذا يستفيد؟ ولكن يبدو أننا في زمن انتشر فيه الكذب والتمثيل بين البشر حتى باتت النية السيئة تتقدم في تعاملات البشر على حسن النية التي أمرنا بها ديننا الحنيف.
ابتليت بهذا المرض ولله الحمد منذ سنة 2004 للميلاد، حيث عانيت من مشاكل خفيفة لم تجعل الأطباء يكتشفون ويشخصون مرضي. ابتدأت بالإحساس بالتنميل في أطراف الأصابع، مع عدم تمكني من الوقوف على أطراف أصابعي والرجفة المستمرة بأصابع اليدين وأخيراً عدم تمكني من الركض الطبيعي في حصة الرياضة، فكان الجري لدي كمشي الشخص الطبيعي السريع. ذهبت للكثير من المستشفيات ولم ألقَ التشخيص الصحيح، كانوا دائماً ما يحبطونني بقولهم إنني أحتاج لممارسة الرياضة وإنني أعاني من هذه الأعراض بسبب وزني! مع أن وزني كان مثالياً في تلك الفترة.
بدأت أقارن بين من هم في مثل وزني وعمري وأبحث في أمري عبر الشبكة العنكبوتية وكانت لدي تساؤلات كثيرة عن حالتي الصحية، ومن أفادني هم أخي ووالداي حيث أخذوني للكثير من المستشفيات الخاصة وخارج البحرين في المملكة العربية السعودية حتى اكتشفت بأن هنالك مشكلة ما في عضلات وأعصاب القدمين واليدين. ولكن لعدم توفر المال لم أتمكن من متابعة العلاج بالخارج، فظللت صابرة حتى أصبح عمري 18 سنة، عندها دخلت كلية العلوم الصحية لأبدأ مشوار دراستي في التمريض لحبي الشديد بالاعتناء بالمرضى فقد كان حلمي منذ الصغر أن أتخصص في المجالات الصحية. هنا بدأ مشواري مع المرض، كنت أمرّ بإحساس غريب حيث إنه لم يكن باستطاعتي أن أقف على أطراف أصابع قدمي أو على الكعبين، وكنت قد بدأت الإحساس بالثقل وأن حركتي بطيئة نسبياً بالنسبة لفتاة في عمري، أضف إلى ذلك يديّ كانتا دائمتا الارتجاف غير الإرادي، والتنميل المستمر باليدين والرجلين مع قليل من الألم.
هنا أخذني أهلي للعلاج في الأردن بعد أن أخبروني في البحرين بأنني أحتاج أن أخضع لعملية أخذ عينة من بطة الرجل لاكتشاف المرض، وأخبرني استشاري الأمراض العصبية والمخ (الأردن) بأنني لا أحتاج لهذه العملية وبالتالي شخص مرضي على أنه مرض يلتحق بالالتهاب العصبي للساقين واليدين وهو طفرة جينية حيث لا أحد من العائلة لديه تاريخ مرضي مشابه وبأن علاجي دواء غالي الثمن. فرجعت للبحرين واستشرت الأطباء هنا، ولله الحمد شخصوا مرضي بعد العملية البسيطة وبدؤوا بإعطائي جرعات كل ست أشهر من الدواء عبر الوريد حتى تحسنت الحالة قليلاً، الشكر الجزيل لهم فلولا الله ثم هم لكنت أجهل مرضي حتى الآن.
بعدها أعطوني دواء كورتيزون لمدة سنة كاملة فأصابتني سمنة مفرطة، لم أقوَ على التحرك بالشكل السليم، فقد كنت أجر قدمي للحركة وكانت منتفخة ومتورمة وكنت أتألم كثيراً بالعضلات والعظام وأصابتني هشاشة بالعظام وبدأ جسمي يتنمل بأكمله حته وجهي، وكنت أحياناً حين أجهد نفسي بالعمل في السلمانية كممرضة متدربة أحس بشلل ولا أستطيع تحريك فمي أو يدي أو رجلي جهة واحدة، وتصاحبني الدورة أو الدوخة دائماً. وفي عام 2011 كنت قد أكملت شهراً بالتدريب العملي لاستلام شهادتي للتمريض، فقد أكملت أربع سنين كاملة بالدراسة النظرية والعملية وبدأت بالتدريب النهائي ولكني لم أستطع أن أكمل مسيرتي التعليمية.
كنت جيدة بدراستي مقارنة بغيري، ومعدلي الفصلي زاد إلى 3 وهذا تطور ملحوظ وإيجابي بالدراسة، وكنت فرحة لأني سأكمل أخيراً حلمي ولكن كل حلمي تناثر! كنت أتعب كثيراً فلا أقوى على الحراك، فتنصحني الممرضة المراقبة بالرجوع للمنزل! وهكذا حتى أصبح العمل خياراً غير مقبول، فتدهورت نفسيتي أيضاً، فأخبرت الطبيب فكتب لي تقريراً مفصلاً عن حالتي الصحية وأنه ينصح بأن يدربونني في العيادات الخارجية حيث العمل أقل جهداً مقارنة بالعمل في الأجنحة، لكن لم توافق رئيسة التمريض على ذلك، أبي ظل يذهب مراراً وتكراراً للكلية ليبحث عن حل لوضعي، لكن دون فائدة ترجى، فانسحبت من الكلية وبين فترة وأخرى يضايقونني أنا وخطيبي باتصالات بحجة أن نحضر تقارير أخرى لكي يقبلوا انسحابي.
جاءت في بالي حلول أخرى، فكرت بأن أذهب لـ»تمكين» لكي ينقلوا أوراقي لجامعة أخرى «الأيرلندية» لكي يسمحوا لي بالعمل الخفيف.
بعدها تم الترتيب مع الكلية للتدريب ولكن بدل التخفيف زادوا علي في التدريب الجهد كثيراً وبدون راحة! وبلا أجنحة خفيفة بل أثقل الأجنحة!! هنا انتفخت رجلاي كثيراً لدرجة أنني نهاية الأسبوع حملت على كرسي متحرك وآلامي شديدة وظللت لمدة أيام بين المشي الخفيف والكرسي حتى إنني مرة سقطت على سلم شقتي وأصبت.. بعدها ذهبت للعلاج في السعودية بمستشفى تشيكي وبعد عودتي للبحرين اتجهت للكلية ولكن لم أحصل على حل! فهل يعقل ألا يتم تفهم طبيعة حالتي المرضية من مؤسسة طبية في الأساس، ولماذا يضيع مستقبلي؟!
وها أنا أنتظر في ظل عودة الأمل في ضمير حي يفهم معاناتي فأصفع برفض الكلية لشكوى تمكين ورفضهم إعطائي شهادة أو حلاً، وكأنهم يقولون بصريح العبارة لا تستحقين أي مساعدة أيتها الممثلة فما هذا الشبح الذي يستوطن جسدك تحت مسمى الالتهاب الطرفي العصبي المزمن.. فهل سيلتفت مسؤولو وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة لهذا المرض ومراعاة ظروف المريض الصحية ومحاولة تسهيل حياته بدل تعقيدها، فما بداخله من مرض كفاية أم أنهم سوف يكونون ممن ينطبق عليهم «لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي»؟ هذه معاناتي، فكم من مصاب يعاني كما أعاني وأكثر ولكن بصمت فحسبنا الله ونعم الوكيل.
أوجه رسالتي هذه إلى المسؤولين المعنيين، إذ ألتمس مد يد العون والمساعدة من أجل حصولي على شهادة تعادل شهادة البكالوريوس أو عمل حل لمعاناتي طول هذه السنين، علي أن أجد من ينقذني ويحل مشكلتي.
البيانات لدى المحررة