انطلقت أمس أعمال المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية، بحضور صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة.
وناقشت أولى جلسات المؤتمر محور «أثر التشريعات الأسرية على واقع المرأة في مملكة البحرين» في جلسة ترأستها لولوة العوضي محامية ومستشارة قرينة ملك مملكة البحرين.
وعرض القاضي الشيخ حمد الدوسري رئيس المحكمة الكبرى الشرعية في ورقة عمل قدمها خلال الجلسة أبرز المبادئ التي تضمنها القانون وساهمت في إنصاف المرأة، وقدم مقارنة واقع المرأة قبل وبعد صدور القانون، وبيان دور القضاء في تحقيق العدالة للمرأة من خلال تطبيق قانون أحكام الأسرة.
وأكد، في ورقته التي جاءت تحت عنوان «القسم الأول من قانون أحكام الأسرة البحريني ودوره في ضمان سبل العدالة أمام المرأة»، أنه وخلال عهد جلالة الملك المفدى نشطت الحركة التشريعية وازدهرت، حيث صدرت العديد من القوانين التي أعادت تنظيم بعض المسائل التي استجدت من أجل مواكبة التطور الحاصل في المجتمع البحريني ومنها القوانين المنظمة للإجراءات أمام المحاكم الشرعية فضلاً عن حرص المشرع البحريني من خلال إصداره لقانون أحكام الأسرة الصادر بالقانون رقم 19 لسنة 2009 على بيان الحقوق والواجبات الشرعية للزوجين، والذي بين أهم المبادئ القانونية التي ساهمت في إنصاف المرأة، وكذلك التعديل على المرسوم بقانون رقم 8 لسنة 1989م بإصدار قانون التمييز والذي عدل بموجب المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2014 والمرسوم بقانون رقم 23 لسنة 2015 من خلال تمكن الخصوم من الطعن على الأحكام النهائية والمنهية للخصومة والصادرة من محاكم الاستئناف الشرعي والاستئناف العليا الشرعية أمام محكمة التمييز الشرعي.
وأوضح أنه ينظم الإجراءات القانونية أمام المحاكم الشرعية المرسوم بقانون رقم 26 لسنة 1986 بشأن الإجراءات أمام المحاكم الشرعية والذي عدل بموجب القانون رقم 40 لسنة 2005 والقانون رقم 51 لسنة 2006 والمرسوم بقانون رقم 22 لسنة 2015.
وأشار إلى أن البحرين عرفت القضاء الشرعي منذ العام 1875، وعقب الحرب العالمية الأولى تم إنشاء ثلاثة محاكم هي: المحكمة الكبرى والمحكمة المختلطة والمحكمة الصغرى على شكل محكمة شرعية تختص بالنظر في منازعات الأحوال الشخصية، وفي عام 1962 أنشئت محكمة شرعية أخرى أطلق عليها اسم المحكمة الكبرى، وصولا للعام 1971م وعقب نيل البحرين استقلالها صدر مرسوم بقانون رقم 13 لسنة 1971 بشأن تنظيم القضاء، وجاء في الفصل الثاني منه أن القضاء في البحرين يتكون من قسمين هما: القضاء المدني، والقضاء الشرعي ويضم القضاء الشرعي: القضاء السني، والقضاء الجعفري، وتتكون المحاكم الشرعية من محكمتين: محكمة كبرى، ومحكمة استئناف، وفي عام 2002 صدر المرسوم بقانون رقم 42 بشأن السلطة القضائية والذي أعاد من جديد تنظيم القضاء المدني، والقضاء الشرعي، حيث تتكون المحاكم الشرعية من: محكمة التمييز ومحكمة الاستئناف العليا الشرعية والمحكمة الكبرى الشرعية والمحكمة الصغرى الشرعية، وتؤلف كل محكمة من دائرتين: الدائرة الشرعية السنية، الدائرة الشرعية الجعفرية.
التنفيذ الشرعي
بدوره، قدم أستاذ القانون الخاص المساعد بكلية الحقوق في جامعة البحرين والمستشار القانوني للمجلس الأعلى للمرأة د.محمد وليد المصري ورقة بعنوان «نظرة على أهم إشكاليات التنفيذ الشرعي بمملكة البحرين وأثرها على واقع المرأة والأسرة» أبرز فيها أهم المعوقات والإشكاليات التي تواجه تنفيذ الأحكام الشرعية، ومن بينها إشكاليات متعلقة بصعوبة تنفيذ أحكام النفقات بشكل عام، وإشكاليات متعلقة بطول مدة التنفيذ، وإشكاليات ناجمة عن تنفيذ الأحكام المتعاقبة في ذات الموضوع، وأخرى ناجمة عن تنفيذ أحكام صدرت بانتقال الحضانة دون النص على انتقال الحقوق المالية المرتبطة بها، وإشكاليات متعلقة بتنفيذ أحكام الحضانة وتسليم الصغير والزيارة.
وتناول، في ورقته، شرح تلك الإشكاليات والمعوقات وغيرها، وعمل على تقصى أسبابها وبيان تأثيرها على واقع المرأة والأسرة، وقدم بعض المقترحات والتوصيات بشأنها.
وأوضح أنه بهدف تنظيم عملية تنفيذ الأحكام، فقد عهد إلى الدائرة الأولى في محكمة التنفيذ مسؤولية تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية والسندات التنفيذية الأخرى المتعلقة بالقضايا الأسرية، ويسري على تنفيذ الأحكام الشرعية، أسوة بغيرها من الأحكام، القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1971 وتعديلاته.
وقال إنه كما هو الحال بالنسبة للإجراءات المتبعة بشكل عام في تنفيذ الأحكام، يتوجب لتنفيذ الحكم الشرعي أن يتقدم المنفذ «الدائن» بطلب إلى محكمة التنفيذ يطلب منها مباشرة إجراءات التنفيذ بمواجهة المنفذ ضده المدين، فتباشر المحكمة إجراءاتها بفتح ملف تنفيذي، وإعلام المنفذ ضده بطلب التنفيذ وبالحكم المطلوب تنفيذه وتكلفه بالوفاء خلال سبعة أيام من تاريخ إعلانه، وإلا اتخذت بحقه إجراءات التنفيذ الجبري.
وأضاف إذا كان قانون أحكام الأسرة رقم 19 لسنة 2009 قد تناول بعض الإجراءات المتعلقة بالتنفيذ الشرعي، إلا أن تلك الإجراءات تبقى متواضعة جداً ولا تعالج كافة الموضوعات الأسرية، إذ اقتصرت قواعد قانون أحكام الأسرة على إعطاء صفة النفاذ المعجل للنفقة المؤقتة للزوجة والأولاد والعودة لمنزل الزوجية، ونفقة العدة ونفقة الحضانة وزيارة المحضون، وحكم نقل الحضانة مؤقتاً إلى من يلي المستحق الحالي بسبب امتناع الأخير عن تنفيذ حكم الزيارة بدون عذر، فضلاً عن تنظيمها الإجراءات المتبعة في حال امتناع الحاضن من تنفيذ حكم الزيارة دون عذر.
وتابع أنه بناء على ما سبق لم يعنى هذا القانون بمسألة تنفيذ الأحكام الشرعية التي بقيت خاضعة لمواد التنفيذ الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، وهو ما يعد منطقيًا بالنسبة لقانون يتناول الأحكام الموضوعية واجبة التطبيق على المنازعات الأسرية، ولا شك أن القاضي المكلف بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية يواجه -كغيره من قضاة التنفيذ- بعض المعوقات والمشكلات المرتبطة بهذه المرحلة المعقدة من التقاضي والتي تعتبر من أهم المراحل على الإطلاق لأنها هي التي تترجم التطبيق الفعلي لمبدأ إعطاء كل ذي حق حقه.
وأكد أن الموضوع هنا يكتسب أهمية خاصة لارتباطه بالأسرة، اللبنة الأساسية في المجتمع، ولما تتطلبه القضايا الأسرية من تعامل مختلف يحفظ مصالح جميع أفرادها، وفي مقدمتها مصلحة الأطفال ورعايتهم باعتبارهم مستقبل الوطن وعماده.
التشريعات الأسرية
وفي السياق نفسه، قدم المحامي فريد غازي رفيع عضو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ورقة بعنوان «فاعلية مؤسسات المجتمع المدني في إصدار ومتابعة تطبيق التشريعات الأسرية في مملكة البحرين» بين خلالها بشكل أساسي أهمية التواصل المدني البرلماني في ظل شراكة حقيقة مؤطرة تحقيقاً للمصلحة العامة. ولفت إلى أن نسبة مساهمة أفراده فيما يطلق عليه مؤسسات المجتمع المدني بات واحدا من المعايير الحديثة لتقدم أي مجتمع.
وقال إنه يبدو واضحاً وحاسماً أن برامج النهوض بمؤسسات المجتمع المدني هي جزء لا يتجزأ من مشروع التحديث والعصرية والنهوض الوطني، كما أن الدولة والمجتمع المدني متلازمان ومترابطان، فالدولة تستمد من المجتمع المدني قيمها وقواها وسياستها، وفي الوقت نفسه تمثل الدولة الوعاء والإطار الذي يحتضن حركة المجتمع ويؤطره، وفي حال وجود الاتساق والديناميكية بين الدولة والمجتمع المدني، تترسخ الديمقراطية، إذ يتولى المجتمع المدني عملية التعبير عن مصالح المجتمع وبلورتها وتقديمها إلى المؤسسات الحكومية التي تقوم بدورها بعملية تحويلها وإنتاجها بصيغة قرارات وسياسات عامة.
وأكد أن للمجتمع المدني دوراً بارزاً في تعزيز الديمقراطية وترسيخ العمل التشاوري والتشاركي بينه وبين سلطات الدولة والتي يقع من بينها السلطة التشريعية، باعتبار إن المجتمع المدني ما هو إلا آلية للتمكين الجماعي تعزز من قدرة المواطنين على حماية مصالحهم وحقوقهم. وأشار إلى أن الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، ويحفظ القانون كيانها الشرعي، ويقوي أواصرها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة، ويرعى النشء ويحميه من الاستغلال، ويقيه من الإهمال الأدبي والجسماني والروحي، كما تعنى الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي.
وقال إنه إزاء زيادة أعباء الدولة ومسؤولياتها، ناهيك عن التحولات المتسارعة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، ازدادت أهمية الشراكة والتكامل بين المجتمع المدني والدولة في قطاعات عدة، لعل من أهمها عملية الصياغة التشريعية للقوانين ذات العلاقة بالأسرة، وقد يطول ذلك التعاون إلى دعم تطبيق أحكام القوانين وتوعية المجتمع بها، كما إن التنافسية والعولمة تفرض تعبئة من نوع جديد لطاقات المجتمع والأفراد تتكامل فيها المصالح الخاصة والعامة من خلال تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، وهذه التعبئة ليست خطاباً إنشائياً فقط، بل خططاً وبرامج وإجراءات تعالج المشاكل والثغرات وتزيل المعيقات وتقوي الدوافع والحوافز وتساهم في التأهيل وبناء القدرات وتمكن من الاستفادة القصوى من الدعم المتاح من الجهات الدولية وفق منهج موضوعي وشفاف.