زاوية يقدمها أعضاء مبادرة قلم التابعة لفريق البحرين للإعلام التطوعيقبل فوات الأوان


نتساءل كثيراً عن سرعة مرور الأيام، ونتعجب أكثر عند عدم شعورنا بما نعايشه إلا قليلاً، بل ويقارن آباؤنا وأجدادنا مراراً وتكراراً بركة أيامهم بأيامنا بحسرةٍ متسائلين: «هل نحن في آخر الزمان؟» تتجه أصابع الاتهام لهذا الشعور والقلق نحو عدة عوامل أُدخلت مؤخراً على حياتنا، عوامل لم تكن موجودة أو لم نكن نشعر بوجودها من قبل.. وإذا أمعنا التفكير قليلاً، فنجد أحدها بل ومن أهمها: برامج التواصل الاجتماعي.
بدأت برامج التواصل الاجتماعي بالظهور في نهاية التسعينات، ثم ازداد انتشارها واستخدامها بعد انتقال موقع التواصل الأشهر «فيسبوك» من المحلية إلى العالمية في العام 2006، والذي تبعه ظهور عدد هائل من برامج التواصل الاجتماعي التي سرعان ما انتشرت وحققت نجاحات باهرة بواسطة إقبالنا وإدماننا عليها. إلا أنه مع تزايد استخدامنا لها بدأ جانبها السيئ بالظهور، وتحقق مفهوم الخلل الوظيفي، لتتحول من وسائل تواصل اجتماعي لوسائل انفصال اجتماعي!
«لماذا نتوقع الكثير من التكنولوجيا والقليل من بعضنا بعضاً؟» عبارة شيري تاركل الأشهر في كتابها «وحدنا معاً» الذي ناقشت فيه التأثير النفسي والاجتماعي للأجهزة الذكية وبرامج الاتصال على حياة الأفراد وعلاقاتهم الاجتماعية. وأحد الأمثلة التي طرحتها تاركل في هذا الصدد، أمنية تعكس واقعاً مؤلماً يشاركها فيها الكثيرون، أمنية أن تتطور تقنيات هواتفنا الذكية لتصبح في يومٍ من الأيام أكثر من صديق، وتكون شخصاً يستمع إليك عندما لا يفعل الآخرون! لا يخفى عن الجميع الفجوة الداخلية التي أحدثتها هذه البرامج، والعديد من المظاهر التي لا بد أنها قد لفتت انتباهك ولو لمرة تثبت ذلك، فعندما نجتمع للاحتفال بنجاحٍ أو زاوجٍ أو تخرج أو غيرها من المناسبات التي تستحق المشاركة، يحضر أغلبهم حاضراً غائباً، واضعاً هاتفه الذكي في وضع الاستعداد للحصول على أي شيء ومشاركته مع الآخرين عبر «فيسبوك/سنابشات» أو غيرها، فينتهي الحفل دون أن يحتفلوا، أو حتى أن يعيشوا فعلاً ما التقطوه في أجهزتهم، فلم يشهدوا إطفاء شمعةٍ ولم ينعموا بمساندة صديق، ويغدون متساويين بنفس القدر من الإحساس بقيمة اللحظة مع من يشاهد هذه اللقطات من منزله.. ليعودوا بعد أيامٍ يتساءلون: لم لم نعد نستمتع بشيءٍ حقاً؟ لم نفتقد متعة الإحساس بما نملك؟
إنه لمن الجميل أن نوثق لحظاتنا الثمينة ونشاركها مع غيرنا، فمنه مشاركة الآخرين ومنه قدرة استعادة مشاهدة ذكرياتنا الجميلة في وقت لاحق، ولكن ليس إلى حد أن نفقد فيه متعة اللحظة! ضعوا هواتفكم جانباً قليلاً، انظروا في وجوه بعضكم بعضاً، استمعوا لأصوات من تحبون، لتكن لكم ذكريات حقيقية تسترجعونها عند مشاهدة ما التقطتموه مجدداً..
انظروا حولكم وقدّروا ما تملكون، فقد لا يكون كل شيء على حاله بعد عام!
سارة أيمن