عواصم - (وكالات): يدلي الأمريكيون بأصواتهم اليوم في انتخابات الرئاسة لاختيار الرئيس الـ 45 في تاريخ البلاد.واختتم المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون حملة انتخابية شهدت منافسة ضارية وأحدثت انقساماً في البلاد، مع تنظيم 9 مهرجانات انتخابية في ظل تقلص الفارق بينهما رغم التقدم الطفيف للمرشحة الديمقراطية على منافسها الجمهوري. وأظهرت آخر استطلاعات الرأي عشية بدء الاقتراع أن المنافسة شديدة بين المرشحين مع تقدم كلينتون بفارق ضئيل. وتتقدم كلينتون على منافسها ترامب بنسبة 3.2% في معدل الاستطلاعات الذي نشره موقع «ريل كلير بوليتكس». ويأتي ذلك غداة إعلان مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» أنه لم يعثر على أي دليل يدين كلينتون بسبب استخدامها خادماً خاصاً لرسائلها الإلكترونية، وذلك بعد تصريحاته الأخيرة التي خيمت على حملتها الانتخابية ومكنت ترامب من استعادة بعض التاييد الذي خسره بعد سلسلة فضائح. وفي أحدث استطلاع للرأي نشرته شبكة «سي بي اس» الإخبارية، تقدمت كلينتون بأربع نقاط مئوية لتحصل على تأييد بنسبة 45% مقابل 41% لترامب في السباق الرئاسي الذي يشارك فيه كذلك المرشح المستقل غاري جونسون «5%» ومرشحة حزب الخضر جيل شتاين «2%». وتوقعت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية كذلك فوز كلينتون بأصوات كبار الناخبين. فقد توقعت شبكة «ان بي سي» حصول كلينتون على 274 من أصوات كبار الناخبين مقارنة مع 170 صوتاً لترامب، وقالت إن الاستطلاعات في الولايات التي تملك أصوات كبار الناخبين الـ 94 المتبقية تظهر نتيجة متقاربة بين المرشحين. إلا أن ذلك سيكون كافياً لحصول كلينتون على الأصوات الـ 270 الضرورية للفوز بالغالبية. وتوقع موقع «فايف ثيرتي ايت.كوم» الإخباري المؤثر فوز كلينتون بنسبة 68.3% مقارنة مع نسبة 31.6% لترامب بناء على الاستطلاعات والتوقعات. وأظهر استطلاع أجرته جامعة كوينبياك أن الفارق يضيق بين المرشحين في ولايتي فلوريدا وكارولاينا الشمالية المتارجحتين. إذ تتقدم كلينتون بنسبة 46% في فلوريدا مقارنة مع 45% لترامب، وبنسبة 47% في كارولاينا الشمالية مقارنة مع 45% لترامب.وقال ترامب إنه يمثل «الفرصة الأخيرة» لإصلاح دولة مدمرة في حين تحدثت كلينتون عن «لحظة الحساب» التي حل أوانها وذلك في جولاتهما الأخيرة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة لكسب تأييد الناخبين. وعقدت كلينتون «69 عاماً» التي تأمل أن تصبح أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة بعد 44 رئيساً، تجمعين انتخابيين في بنسلفانيا وثالثاً في ميشيغن، ورابعاً وأخيراً في كارولاينا الشمالية. وفي بنسلفانيا، انضم إليها الرئيس باراك أوباما وزوجته ميشيل، وزوجها بيل كلينتون وابنتهما تشيلسي. وتعزز موقف المرشحة التي تقول إن خطها في الرئاسة في حال فوزها سيكون استمرارية لعهد أوباما، مع زوال مخاطر ملاحقتها في قضية بريدها الإلكتروني، إذ أعلن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «اف بي آي» جيمس كومي التمسك بقراره السابق الصادر في يوليو والقاضي بعدم وجود مبررات لمقاضاة كلينتون على استخدامها خادماً خاصاً لبريدها الإلكتروني حين كانت وزيرة للخارجية. وكان كومي فجر قنبلة حقيقية في الحملة الانتخابية عندما أبلغ الكونغرس بتطور جديد في القضية مع العثور على آلاف الرسائل الإلكترونية الجديدة المتعلقة بكلينتون يتحتم التحقيق فيها، وقد تعرض لانتقادات حادة على هذا الإعلان قبل أيام من الاستحقاق الرئاسي. وأشاع الإعلان عن إغلاق المسألة مجدداً ارتياحاً في فريق حملة كلينتون، ولو أنه جاء متأخراً، قبل يومين فقط من الانتخابات. كما فتحت بورصة نيويورك على ارتفاع كبير على خلفية التطور الإيجابي المتعلق بكلينتون التي تحظى بدعم العديد من المستثمرين. وسجلت البورصات الآسيوية ثم الأوروبية تحسناً. ومساء أمس الأول، وخلال آخر تجمع انتحابي لها في مانشستر بولاية نيوهامشير، قدمت كلينتون نفسها على أنها مرشحة «المصالحة» بعدما أمضت أياماً في مهاجمة خصمها الجمهوري معتبرة إياه غير قادر على قيادة البلاد. وقالت كلينتون في أوهايو «لقد وصلنا إلى ساعة الحقيقة في هذه الانتخابات» أن «قيمنا الأساسية على المحك». وتوقف دونالد ترامب «70 عاماً» من جهته في محطات في فلوريدا وكارولاينا الشمالية وبنسلفانيا ونيوهامشير وميشيغن. وهدف كلا المرشحين واحد، وهو جمع كل صوت يمكن أن يرجح لصالحه كفة الولايات الأساسية التي ستحسم نتيجة الانتخابات. وأظهر آخر استطلاع للرأي أجراه معهد كوينيبياك أن الخصمين متعادلان في كارولاينا الشمالية وفلوريدا، حيث إن الولاية الأخيرة يمكن أن تقرر وحدها نتيجة الانتخابات الرئاسية إذا خسرها دونالد ترامب. أما الأمريكيون الذين أعرب 82% منهم عن السأم في استطلاع للرأي أجري مؤخراً، فهم ينتظرون بفارغ الصبر نهاية هذه الحملة الطويلة بين مرشحين غير شعبيين بنسب تاريخية «50% لا يحبون كلينتون و62% لا يحبون ترامب»، حملة شهدت الكثير من الشتائم والفضائح والبذاءة. وتحظى كلينتون بـ44.9% من نوايا الأصوات على المستوى الوطني مقابل 42.7% لترامب، بحسب متوسط لاستطلاعات الرأي الأخيرة أورده موقع «ريل كلير بوليتيكس». وكان فوز كلينتون يبدو محتوما، وهي تتمتع بخبرة طويلة في السياسة، حيث كانت سيدة أولى وعضو في مجلس الشيوخ ووزيرة خارجية. غير أن العديد من الأمريكيين لا يحبونها ويشككون في نزاهتها. وكانت المعركة أصعب مما كان متوقعاً في مواجهة ترامب، الشعبوي الذي لا يتمتع بأي خبرة سياسية غير أنه يحظى بدعم شعبي لا يضعف، وهو يقدم نفسه على أنه دخيل على السياسة ومعارض لهيئات السلطة. واستغل ترامب مشاعر الغضب والخيبة التي تحرك شريحة من الأمريكيين في مواجهة العولمة والتغيرات الديمغرافية. ووعد بحلول بسيطة لجميع المشكلات المعقدة. لم يتردد في التفوه بأكاذيب وإهانة النساء والمكسيكيين والسود والمسلمين، وهاجم منافسته بدون توقف، ونعتها بأبشع النعوت. وبعد إعلان مدير الـ «إف بي آي»، علق ترامب مؤكداً «أنها تحظى بحماية من نظام مغشوش». وقال رغم كل شيء «هيلاري كلينتون مذنبة، هي تعرف ذلك، الـ «اف بي آي» يعرف ذلك، الناس يعرفون ذلك، والآن، يعود للشعب الأمريكي أن يصدر حكمه في صناديق الاقتراع». ولا يكترث أنصار ترامب إن كان بطلهم الملياردير تجنب دفع ضرائب فيدرالية على ما يبدو منذ سنوات، وتحرش بنساء. فهم ظلوا أوفياء لقطب العقارات الذي اشتهر بثروته وبتقديمه برنامجا ناجحا من تلفزيون الواقع عنوانه «ذي آبرينتيس». وفي طريقه الى البيت الأبيض، كاد ترامب يفكك الحزب الجمهوري الذي شهد انقسامات عميقة. فرفضه العديد من قادة الحزب وشخصياته الكبرى، فيما يعتزم البعض التصويت له إنما على مضض، خاصة أن مواقف المرشح ليست على الدوام مطابقة لخط الحزب، ومن أبرزها موقفه المعارض للتبادل الحر. وأثارت الحملة الانتخابية بتجاوزاتها ومغالاتها وفضائحها الكثير من الاهتمام خارج حدود الولايات المتحدة، فتابعها العالم وتفاوتت ردود الفعل بين الطرافة والهول. وفي الصين، كانت الحملة فرصة فريدة استغلها النظام الصيني لتعزيز دعايته، إذ نددت وسائل الإعلام بثغرات النظام الديموقراطي. وفي روسيا، انتقد الرئيس فلاديمير بوتين مؤخراً «الهستيريا» المسيطرة برأيه في الولايات المتحدة التي اتهمت موسكو بالسعي للتأثير على الانتخابات الرئاسية لصالح دونالد ترامب من خلال عمليات قرصنة معلوماتية استهدفت الحزب الديمقراطي.